شبكة التجسس الإسرائيلي تخترق اتصالات الكبار في مصر ونشاطاتها تمتد إلى السعودية والسودان وفلسطين

نشر في 23-12-2010 | 00:01
آخر تحديث 23-12-2010 | 00:01
• زرع شرائح في وحدات تحكم الشركات المصرية تتيح تسجيل مكالمات المسؤولين والسفراء الأجانب
• حصل العملاء على ملايين الدولارات وأجساد 3 إسرائيليات من أصل مصري كهدية
أسفرت التحقيقات التي تقوم بها الأجهزة المصرية مع شبكتَي التجسس على الاتصالات عن حقائق خطيرة تفصح عنها اعترافات المتهمين في الشبكتين. فقد علمت «الجريدة» أن قائد ومؤسس الشبكة الثانية الأستاذ الجامعي زياد ركبة قد نجح في تجنيد 31 مهندس اتصالات بشبكات المحمول في مصر، فضلاً عن شركة التلفون الثابت. كما نجح عن طريقهم في تثبيت وحدات توجيه داخل غرف التحكم في هذه الشركات تتيح له تسجيل ونقل مكالمات كبار المسؤولين والسفراء الأجانب في أي وقت، دون الحاجة إلى أن يكون الخط مفتوحاً.

من واقع أوراق القضية التي تكشف "الجريدة" أخطر أسرارها، تبيَّن أن المتهمين في الشبكة الثانية قاموا بتمرير المكالمات المسجلة إلى تل أبيب، مستخدمين تقنيات حديثة جدا لهذا الغرض هربوها إلى البلاد بشكل غير شرعي بمساعدة عدد من ضباط "الموساد". كما بينت التحقيقات أن المتهم الأول زياد ركبة قام بتأسيس شبكة من مهندسي الاتصالات في شركات الاتصالات المصرية المحمولة والثابتة لمعاونته في تحقيق أهدافه بعد أن أوهمهم بأنه قيادة أمنية كبيرة ويتبع جهازاً أمنياً حساساً في الدولة مستخدماً أوراق إثبات شخصية مزيفة. كما قام المتهم الأول بزرع عدد من هوائيات استقبال وإرسال الاتصالات السلكية بين الحدود المصرية - الفلسطينية فوق نقط جبلية بمعاونة ضباط في "الموساد". وقام بفعل الشيء نفسه على الحدود المصرية - السودانية، وأسفرت التحقيقات عن مفاجأة، وهي زرع أجهزة تنصت دقيقة في غرف التحكم الرئيسية في شركات الاتصالات المحمولة والثابتة بمصر أمكن من خلالها التنصت على السفارات والقنصليات الأجنبية في البلاد.

وحصلت "الجريدة" على حقائق خطيرة بشأن المتهمين زياد أحمد متولي ركبة صاحب شركة اتصالات والأستاذ السابق في جامعة الفيوم، وحازم أحمد البدوي مدير حسابات الشركة وباسم أحمد البدوي (شقيقه) مدير المبيعات والتدريب في الشركة، وثلاثة ضباط إسرائيليين هم إيفير الحريري وأورلي ليفي ونسيم جدعون. كما حصلت "الجريدة" على معلومات مهمة من التحقيقات مع المتهمين الثلاثة المصريين، حيث تمت مواجهتهم بما أسفرت عنه التحريات خلال ستة أشهر - منذ أول العام الجاري - وحتى تاريخ القبض عليهم في شهر يونيو 2010.

وتؤكد التحريات وأقوال المتهمين في القضية أن المتهم زياد ركبة تعرف على أستاذ إسرائيلي في جامعة بن غوريون يدعى نسيم جدعون في شهر يناير عام 2006، أثناء زيارته لكلية الزراعة جامعة الفيوم حيث يعمل الأول، ونشأت بينهما صداقة تطورت سريعاً، وتقابل كلاهما لأول مرة في إجازة منتصف العام الدراسي في مدينة طابا على نفقة الثاني، وهناك اتفقا على تأسيس شركة اتصالات معاً. وبالفعل عاد المتهم الأول إلى الفيوم وقام بتأسيس الشركة، لكنه أغلقها بعد شهر إثر تحرير محضر مخالفة له بمعرفة مباحث التلفونات. بعدها عاد إلى طابا وقابل المتهم الثاني نسيم جدعون وكان معه الضابط الإسرائيلي في "الموساد" إيفير الحريري، وقضى زياد معهما عشرة أيام اتفقوا خلالها على أن يؤسس زياد شركة اتصالات في القاهرة، وأن يتولى تجنيد عدد من مهندسي الاتصالات في شركات المحمول والمصرية للاتصالات ومثلهم في فلسطين والسودان والسعودية.

 وفي شهر أبريل تقابل زياد مع أول مجندَين، وهما المتهمان حازم وباسم أحمد البدوي، واتفقوا على تأسيس الشركة معا. وفي شهر مايو 2006 بدأ المتهمون في استقطاب مهندسي الاتصالات داخل مصر، خاصة العاملين في شركات المحمول الثلاث وشركة الهاتف الثابت. وأوهمهم زياد بأنه ضابط برتبة عقيد في جهاز أمني رفيع وسيادي، مستخدماً أوراق إثبات شخصية وهمية، وأقنع ضحاياه بزرع أجهزة دقيقة تسمى "وحدة التوجيه" يتم تثبيتها في غرفة التحكم الرئيسية بشركات الهواتف المستهدفة لتتم السيطرة على أي هاتف يرغب "الموساد" في رصده. كما يمكن "الموساد" من مراقبة كل ما يدور في محيط الهاتف المجاور في أي وقت، ولا يشترط فتح الخط، أو أثناء إجراء محادثات هاتفية ليتم التنصت على محيط الشخصية المستهدف مراقبتها.

الانطلاق من طابا

في نهاية شهر يوليو عام 2006 بلغ عدد المتعاونين مع زياد حوالي 31 مهندس اتصالات داخل شركات المحمول الثلاث وشركة الهاتف الثابت، يرأس كل مجموعة بكل شركة مهندس منهم (تم حصرهم جميعاً والتحري عن كل اسم منفصلاً)، وتولى زياد المقابلات والترتيبات مع ضباط "الموساد"، وتقابل مع المقدم إيفير الحريري في مايو 2006 في طابا واستلم منه جهاز "simbox" (جهاز خاص لتمرير المكالمات الدولية) و3 أجهزة توجيه مكالمات وجهازي رصد. واستمر اللقاء أربعة أيام، وكان يرافق إيفير الحريري الملازم أورلي ليفي ونسيم جدعون وفتاة تعمل في "الموساد" تدعى سيرينا يعقوب، وسلموه مبلغ 15 ألف دولار. وفي شهر يونيو طلب زياد في رسالة عبر البريد الإلكتروني من أورلي ليفي مبلغ 10 آلاف دولار لزوم رواتب المهندسين المتعاملين معه، وأوضح لأورلي أن كل مهندس يتقاضى شهريا 500 دولار وبعضهم يتقاضى 1000 دولار، وطالب بتحويل المبلغ عن طريق حوالة في أسرع وقت، وفي يوم 17 يونيو أرسل أورلي حوالة من إيطاليا رقم 7441 باسم بيتر لوجان محولة لصالح زياد ركبة بالمبلغ المطلوب. وفي شهر أغسطس من نفس العام تقابل زياد في مدينة طابا بصديقه الأول والقديم نسيم جدعون وكان يرافقه الملازم أورلي ليفي، واستمر معهما ثلاثة أيام سافر بعدها بطريقة غير شرعية إلى تل أبيب لمدة عشرة أيام وتلقى دورة تدريبية في فنون التنصت واختراق سويتشات شركات الاتصالات، وكيفية استخدام جهاز الحديث لتمرير المكالمات فورا لنسخة الجهاز المطابقة له في واشنطن. بعدها عاد إلى مصر بنفس الطريقة وقام بتدريب باسم البدوي شريكه على الجهاز.

في تلك الأثناء حصل زياد ركبة على أرقام جميع المسؤولين في السفارات والقنصليات والملحقيات الأجنبية بمصر عن طريق الموظفين بشركات المحمول المتعاونين معه، وقام بعرضها عن طريق البريد الإلكتروني على إيفير الحريري وقام الأخير بالرد عليه في 5 نوفمبر 2006 بقائمة من المسؤولين المطلوب تحويل جميع مكالماتهم إلى واشنطن، بالإضافة إلى لينك خط المسؤول لكي يسمح بتتبع وسماع ما يدور في محيط هاتف المسؤول حتى في حالة غلق الخط أو في أوقات عدم إجراء المكالمات.

السعودية على الخط

في أول عام 2007 تعرف زياد على مهندس اتصالات سعودي يدعى "ع. ش" (تحتفظ "الجريدة" بالأسماء كاملة) يعمل في شركة للهاتف المحمول في المملكة العربية السعودية، وتم تجنيده مقابل 1500 دولار شهريا، وتقابل مع إيفير الحريري في طابا، وتسلم منه أجهزة شبيهة بالتي سلمها إلى زياد في بداية تجنيده، وأصبح زياد همزة الوصل بين المهندس السعودي و"الموساد،" وعندما عاد المهندس السعودي إلى بلاده أسس شركة للاتصالات وتجارة أجهزة المحمول. وفي شهر فبراير وصلت إلى زياد أول دفعة من هوائيات نقل إشارات المكالمات اللاسلكية، وعددها 16 هوائياً، ثم توجه إلى الحدود المصرية- الفلسطينية وقام بزرعها على طول خط الحدود بمعاونة عمال حفر ومهندسي اتصالات وشريكيه حازم وباسم، وتم زرع هذه الهوائيات عند 9 علامات حدودية بين مصر وإسرائيل، ثم تسلل زياد وشريكاه باسم وحازم إلى غزة، وهناك تقابلا مع إيفير الحريري وكان يحمل اسماً حركياً هو أبو طارق وكان يرافقه شقيقان فلسطينيان هم "م. أ" و"ن. أ" واتفق زياد معهما على تهريب عدد من هوائيات نقل إشارات المحمول لهما ليتوليا تركيبها والإشراف عليها. وفي 17 مارس 2007 وصلت الهوائيات إلى الفلسطينيين ورافقها زياد وأشرف على تركيبها، كان زياد في تلك الأثناء قد تمكن من تسجيل عدد كبير من المكالمات الهاتفية الخاصة بسفراء الدول الأجنبية في مصر خاصة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية مارغريت سكوبي وسفير فرنسا وسفير بريطانيا والأمين العام لجامعة الدول العربية وعدد من وكلاء وزير الخارجية وعدد من رؤساء القنصليات الأجنبية والملحقيات التابعة لها، وكان زياد يحفظها على كروت ذاكرة خارجية ويسلمها كل عدة أشهر إلى إيفير الحريري في طابا، وكان زياد يحتفظ بنسخة من هذه المكالمات لنفسه.

أدق الأسرار إلى تل أبيب

وقد حوت كروت الذاكرة المضبوطة بحوزة زياد أسراراً دقيقة، إذ جاء على سبيل المثال في كارت الذاكرة رقم 12 المكالمة الخامسة، وهي مكالمة جرت مع قيادة رفيعة بأعلى مستويات السلطة في مصر يوم 20 أغسطس 2006 الساعة الخامسة مساء، حديث لمدة 40 دقيقة بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر واستياء القيادة المصرية من التدخل الأميركي لحكومة الرئيس جورج بوش الابن في سياسة مصر، وأيضاً الضغوط التي تمارسها واشنطن من أجل إطلاق سراح رئيس حزب "الغد" الدكتور أيمن نور الموقوف لإدانته في قضية التزوير المعروفة إعلامياً باسم "توكيلات حزب الغد". وقد وصلت هذه المعلومات فور حدوثها إلى تل أبيب، وأيضاً جاء بهذه الكروت معلومات دقيقة جداً عن أمور وزارية وحكومية وتخطيطات وتعليمات تخص أدق أسرار الدولة وتم تسريبها جميعاً إلى تل أبيب.

وفي منتصف أبريل عام 2007 تسلل زياد إلى تل أبيب وتسلم أجهزة جديدة لتثبيتها بدلاً من الأجهزة القديمة، وعاد إلى مصر متسللاً وبحوزته الأجهزة الجديدة وأوراقه المزيفة الجديدة أيضاً ومبلغ 70 ألف دولار، ثم توجه إلى السودان ورافقه في رحلته شريكه حازم وهناك تقابلا مع سوداني يدعى أحمد منير، كان إيفير الحريري قد نسق لهما اللقاء معه، ونزلا في فندق شيراتون الخرطوم لمدة عشرة أيام واتفقا مع أحمد منير على زرع أجهزة هوائيات على الحدود بين مصر والسودان وتثبيت أجهزة تنصت على الهواتف في غرف التحكم في هذه الشركات عن طريق تجنيد عدد من الموظفين بهذه الشركات بنفس الطريقة التي عمل بها زياد في مصر.

زياد ركبة... جاسوس بدرجة «بروفيسور»

د. زياد أحمد ركبة رئيس الشبكة من مواليد 1975، تخرج في كلية الزراعة جامعة القاهرة عام 1996، ويشغل منذ عام 2008 درجة المدرس بقسم البساتين، بكلية الزراعة جامعة الفيوم.

وخلال رحلته العلمية حصل على درجة الماجستير من المعهد الزراعي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط باليونان عام 2001، كما حصل على برنامج تدريبي عن إعداد المقررات الجامعية واستراتيجيات التعليم الإيجابي من جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة الأميركية.

جواسيس إسرائيل يتساقطون تباعاً... منذ «كامب ديفيد»

رغم مرور 32 عاماً على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، فإنه تم الكشف عن العديد من قضايا التجسس الإسرائيلي على مصر، كان أهم المتهمين فيها عزام عزام، وشريف الفيلالي، وسمير عثمان، ومحمد سيد صابر، وسمحان موسى مطير، ومحمد عصام العطار.

 عزام عزام اعتُبر أخطر جاسوس إسرائيلي دخل مصر حتى الآن، وحكم عليه بالسجن 15 عاماً في عام 1997، وكانت المعلومات المطلوبة من شبكته جمع تفاصيل عن المصانع الموجودة في المدن الجديدة، مدينة 6 أكتوبر، والعاشر من رمضان من حيث النشاط والحركة الاقتصادية. وخرج عزام عزام من السجن في صفقة سياسية عام 2004 مقابل إعادة اسرائيل 6 من الطلبة المصريين الذين اختطفتهم.

أما الجاسوس سمير عثمان فقد تم ضبطه في أغسطس 1997 عندما سقط في يد رجال الأمن أثناء قيامه بالتجسس مرتدياً بدلة غوص، إذ كانت مهمته التنقل عائماً بين مصر وإسرائيل بعد أن جنّده "الموساد"، واعترف بأنه تم تجنيده عام 1988 بعدما ترك عمله في إحدى الأجهزة المصرية، حيث سافر إلى اليونان والسودان وليبيا ثم إلى تل أبيب. وجهز له "الموساد" 4 جوازات سفر كان يستخدمها في تنقلاته، وأثناء تفتيش منزله عُثر على مستندات مهمة وأدوات خاصة تستخدم في عمليات التجسس التي قام بها. والقضية الغريبة في قضايا التجسس الإسرائيلي على مصر هي قضية الجاسوس سمحان موسى مطير، فهي المرة الأولى التي يتم فيها تجنيد تاجر مخدرات ليكون جاسوساً لإسرائيل، إذ اتفق معه رجال "الموساد" على تسليمه مخدرات مقابل تسليمهم معلومات تتعلق بالوضع الاقتصادي لمصر وحركة البورصة المصرية وتداول الأوراق المالية، وكذلك تم تكليفه بالحصول على معلومات تخص بعض رجال الأعمال.

  قضية تجسس أخرى أحبطت قبل أن تبدأ وهي قضية مجدي أنور توفيق الذي حكم عليه بالسجن 10 سنوات أشغالاً شاقة للسعي إلى التخابر مع "الموساد" الإسرائيلي، ووجهت له أجهزة الأمن المصري تهمة السعي إلى التخابر مع دولة أجنبية وتهمة التزوير في أوراق رسمية، إذ زوّر المتهم شهادة من الأمانة العامة للصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا التابع لوزراء الخارجية تشير إلى عمله كوزير مفوض على غير الحقيقة. واعترف الجاسوس بأنه قام بالاتصال بالقنصلية الإسرائيلية في الإسكندرية عن طريق الفاكس، مبرراً أنه كان يريد عناوين بعض الأجهزة الدولية.

أما محمد عصام العطار، فكان طالباً في الأزهر وسافر إلى تركيا ومنها إلى كندا، إذ حصل على الجنسية وتعاون مع المخابرات الإسرائيلية بعد أن تنصر وغيَّر اسمه إلى جوزيف، وهناك بدأ في التجسس على طلبة مصريين وعرب قبل أن يتم الكشف عنه ويلقى القبض عليه في مصر مطلع 2007، ليتم الحكم عليه بالسجن مدة 15 سنة وغرامة 10 آلاف جنيه.

وتوالى سقوط عدد من جواسيس "الموساد" في مصر من بينهم شريف الفيلالي الذي قدم معلومات عسكرية واقتصادية إلى إسرائيل، وصدر حكم بسجنه 15 عاماً حتى توفي في السجن عام 2007، وكذلك قضية المهندس النووي محمد سيد صابر الذي كان يعمل بهيئة الطاقة الذرية وتمت إدانته بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل، وهو لايزال مسجوناً حتى الآن.

الشقيقان حازم وباسم تخصصا في «التجسس الدبلوماسي»

يعترف حازم أحمد البدوي (31 عاما)، شريك زياد ركبة، في محضر التحقيق بأنه بدأ العمل الاحترافي في تسجيل المكالمات منذ منتصف عام 2007 عندما تسلم جهاز الحاسب الآلي المحمول المتطور، وكان يقوم بأغلب أعماله من منزله الكائن في 39 شارع الشيخ علي عبدالرازق - النزهة - مصر الجديدة - القاهرة. وكانت مهمته تسجيل مكالمات سفراء جميع الدول ومساعديهم ووكلائهم وأسرهم، وأيضاً تسجيل تحركاتهم وأحاديثهم التي يرصدها الهاتف المحمول أثناء حيازة هؤلاء الشخصيات له، ويقوم بتحويلها فوراً إلى واشنطن عن طريق شبكة الإنترنت.

 كما أنه كان المسؤول عن صرف الحوالات المالية التي كان يرسلها إليهم عملاء "الموساد" وتقدر خلال الأربعة أعوام الماضية بحوالي ثلاثة ملايين دولار، بخلاف الأجهزة والهوائيات التي كانت تأتي إليهم مهربة وخالصة الثمن. وكانت مكالمات السفراء وتحركاتهم - طبقاً لأقوال حازم - تحتوي على معلومات دقيقة ومهمة جداً، وكانت تل أبيب تهتم بها كثيراً، ومن بين هذه المكالمات كانت تل أبيب تهتم جدا بمكالمات وزير الخارجية ووكلائه.

أما شقيقه باسم أحمد البدوي (28 عاما) والمقيم في العنوان نفسه، فقد تولى مراقبة القنصليات وممثليها والملحقيات الأجنبية وممثليها ونوابهم وأسرهم على مدار اليوم وتسجيلها، بالإضافة إلى تحويلها فوراً إلى واشنطن. كما أنه تولى عملية تدريب المهندسين المتعاونين معهم - ظناً منهم أن زياد وشركاءه يعملون في جهاز أمني مصري - على أجهزة الرصد والنقل داخل غرف التحكم الرئيسية في الشركات العاملين بها، وأيضا تدريب فريق مكون من 14 مهندساً يعملون في الشركة على صيانة وتوجيه الإشارات اللاسلكية وتوليف الأجهزة. وقد تلقى تدريبات - طبقا لاعترافه - في تل أبيب على يد إبراهام جادعون أكثر من ثلاثين مرة، بينما التقاه في طابا حوالي 15 مرة، وكان التدريب يتم دائما على الأجهزة المتطورة التي كانت تحل محل الأجهزة القديمة فور تطويرها.

وأوضحت أوراق التحقيق من خلال أقوال المتهمين الثلاثة أنهم تلقوا تدريبهم في منزل في منطقة بئر سبع داخل الحدود الفلسطينية، وأشرف على تدريبهم ضابطان من "الموساد" هما إيفير الحريري وأورلي ليفي وثلاث عميلات لـ"الموساد" هن سيرينا يعقوب وكلارا مزراحي وكاميليا موشي وهن إسرائيليات من أصل مصري، وجميعهن هاربات، وأقام المتهمون المصريون الثلاثة علاقات عاطفية وجنسية معهن، وكانوا دائمي الاتصال ببعضهم هاتفيا وعبر الإنترنت، كما أنهم كانوا معاً في طابا قبل إلقاء القبض عليهم في شهر يونيو 2010.

وبتفتيش منازل المتهمين ومقر شركتهم عثر على أجهزة الحاسب الآلي المحمول المتطور المستخدم في التسجيل وتحويل المكالمات، وعدد 174 ذاكرة تحتوي على مكالمات سفراء الدول الأجنبية في مصر ومحادثاتهم وتحركاتهم وندواتهم ومؤتمراتهم، وأيضاً مكالمات ممثلي القنصليات والملحقين الدبلوماسيين وأسرهم، كما تم ضبط خرائط تثبيت الهوائيات اللاسلكية على الحدود المصرية - الفلسطينية، والمصرية - السودانية، بالإضافة إلى كمية كبيرة جداً من الفاكسات التي كانت ترسلها السفارات والقنصليات إلى دولها، كانت أجهزة التجسس تنسخها، فضلاً عن البريد الإلكتروني الخاص بجميع الأشخاص المراقبين.

back to top