قضاة لـ "الجريدة": سنلجأ إلى "الدستورية" لو وافق المجلس على ضم المحققين في المداولة الثانية!

نشر في 12-03-2011 | 23:45
آخر تحديث 12-03-2011 | 23:45
No Image Caption
حسين العبدالله

لم تمض أيام على إقرار مجلس الأمة بالمداولة الأولى على نقل اختصاص التحقيق في قضايا الجنح إلى النيابة العامة، وضم العاملين في الإدارة العامة للتحقيقات إلى النيابة العامة، حتى أعلن عدد من القضاة لـ"الجريدة" سعيهم إلى اللجوء إلى المحكمة الدستورية لإلغاء المادة التي تنص على ضم العاملين في التحقيقات لمخالفتها الدستور.

في الوقت الذي انتهى فيه مجلس الأمة من إقرار المداولة الأولى لنصوص ضم الإدارة العامة للتحقيقات إلى النيابة العامة وضم العاملين فيها إلى النيابة العامة بدلا من وزارة الداخلية، حتى أعلن عدد من القضاة لـ"الجريدة" سعيهم إلى مقاضاة مجلس الأمة والوصول إلى المحكمة الدستورية للقضاء بعدم دستورية المادة الثانية، التي أقرها المجلس بشأن ضم العاملين في الإدارة العامة للتحقيقات إلى النيابة العامة، لما تمثل حسب رأيهم مخالفة صريحة وواضحة لنص المادة 50 من الدستور والتي تؤكد الفصل بين السلطات الثلاث.

وأشار القضاة إلى أنه في الوقت الذي يؤكد فيه الدستور أن التحقيق في قضايا الجنح يكون من اختصاص النيابة العامة وهو ما نؤكده، إلا أنه لم ينص ولم يلزم المشرع به بأن يتم ضم العاملين في الإدارة العامة للتحقيقات التابعة لوزارة الداخلية إلى النيابة العامة واعتبارهم أعضاء في السلطة القضائية، وان مثل هذا التصرف مخالف للدستور لأن من يتولى أمر تعيين أعضاء السلطة القضائية هو المجلس الاعلى للقضاء وليس مجلس الأمة.

ولفت القضاة في حديث لـ"الجريدة" إلى أن المادة الثانية التي أقرها مجلس الأمة بشأن ضم العاملين في الإدارة العامة للتحقيقات الى النيابة العامة مخالفة للدستور وأن لهم جملة من مبررات الرفض، وهي أولا أنه لا يجوز إجبار سلطة من السلطات الثلاث سلطة أخرى على تعيين عاملين فيها، خصوصا وأنهم تابعون لجهاز تنفيذي ويلصق بهم الاستقلالية اللازم توافرها في أعضاء السلطة القضائية، خاصة وأنهم عملوا في وزارة الداخلية وهي تابعة للسلطة التنفيذية.

بينما الاعتبار الثاني الذي تؤكده المصادر، هو أن النيابة العامة كيف ستتعامل مع موظفين سبق لها وأن رفضت قبولهم عندما تقدموا للعمل في النيابة العامة، وتم قبولهم في الإدارة العامة للتحقيقات، مضيفا أنه كيف للنيابة العامة وهي سلطة قضائية ان تعين عسكريين كقضاة ووكلاء نيابة؟ وأخيرا كيف للنيابة العامة أن تعين المحققات كوكيلات نيابة؟ وهو الأمر الذي يعد مرفوضا في الوقت الحالي على الصعيد القضائي.

وبين القضاة أن الاعتبار الثالث الذي يؤكد الرفض أن هناك عددا من المحققين ارتكبوا عدة جرائم وتمت محاكمتهم أمام القضاء الجنائي، ثم تم فصلهم عن العمل وأعيدوا بأحكام إدارية فكيف لهؤلاء أن يعملوا كوكلاء نيابة أو حتى قضاة، لافتين إلى أن من ضمن المبررات التي تؤكد رفض ضم العاملين في الإدارة العامة للتحقيقات مسألة الترقيات، وكيف ستتعامل السلطة القضائية مع محققي الداخلية بخصوص هذه القضية كذلك؟

وقال القضاة: "إن الإدارة العامة للتحقيقات هي من الإدارات التي تعاني فسادا كبيرا كشفته اللجنة القضائية برئاسة المحامي العام المستشار سلطان بوجروة والمستشار عويد الرشيدي، وان اللجنة أوصت بإصلاح هذه الإدارة لكي تتمكن من إنجاز المسؤوليات الملقاة على عاتق أعضائها"، ولفتت إلى أن وزير الداخلية السابق الشيخ جابر الخالد لم يقم بإنجاز أي من الاقتراحات التي وضعتها اللجنة القضائية على الرغم من طلب الوزير من مجلس القضاء تشكيل لجنة لإصلاح الإدارة العامة للتحقيقات بعدما انتهت النيابة العامة من التحقيق والتصرف في قضية التزوير التي تم التحقيق فيها مع رئيس الإدارة السابق والتي انتهت فيها النيابة العامة بحفظ القضية.

وأوضح القضاة أنهم سيبدأون هذا الأسبوع تحركا كبيرا على الصعيدين الحكومي والنيابي بهدف إيضاح الصورة الحقيقية لخطورة ضم العاملين في الإدارة العامة للتحقيقات إلى النيابة العامة وهو ما سيلحق القضاء الكويتي بأضرار كبيرة وجسيمة قد تعصف بأدائه، لافتين إلى عقدهم نهاية الأسبوع الماضي اتصالات قضائية عليا من أجل دعم تحرك القضاة من أجل عدم إقرار مجلس الأمة في مداولته الثانية للمادة الثانية من التعديل، بشأن ضم العاملين للتحقيقات إلى النيابة العامة وعدم ممانعتهم في أن يعود اختصاص التحقيق في الجنح إلى النيابة العامة وحدها.

من جانب آخر، أكد الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي في رده على سؤال لـ"الجريدة" حول وجود مخالفة دستورية من إلزام مجلس الأمة بقانون للسلطة القضائية تعيين أعضاء فيها بما يخالف نص المادة 50 من الدستور، فأجاب: "ان جهاز النيابة العامة يتولى التحقيق في الدعوى بالعمومية والقانون يكفل استقلال النيابة العامة، وذلك من خلال وضع نظام فيها يمنع التدخل في عمل وكلاء النيابة الفني ويضمن ممارسة أعمالهم بكل حيادية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل تعيين عمالة معينة في جهاز ما يعد إخلالا؟".

ويضيف الفيلي قائلا: أنا أعتقد أن الظرف القائم حاليا من المنطقي أن يستشعر فيه جهاز النيابة العامة حاجته إلى عدد كاف من الأعضاء نتيجة نقل الاختصاص له، ومع ذلك تدخل المشرع إلى معالجة الأمر واستعان بأعضاء الجهاز الذي كان يعمل بالسابق في التحقيق في الجنح دون ترتيب مسبق لمواجهة حقيقة عدم اعتيادهم على نظام الاستقلال، وبالتالي يتعين على المشرع الكويتي مراعاة هذا الجانب بشكل لا يخالف الدستور، ويؤكد التطبيق الكامل لنصوصه.

back to top