أوباما... بطة عرجاء وأميركا غائبة عالمياً

نشر في 30-11-2010 | 00:01
آخر تحديث 30-11-2010 | 00:01
مع تزايد قوة أعداء الولايات المتحدة، تبدو هذه الأخيرة أكثر ضعفاً وهشاشة من أي وقت مضى. في الوقت عينه، تلقت جميع التحالفات الأميركية مع بريطانيا العظمى، وإسرائيل، واليابان، وأوروبا الوسطى والشرقية، ضربة من البيت الأبيض الذي كان أكثر انشغالاً بتقديم الاعتذارات إلى خصوم الولايات المتحدة بدل تقوية صداقاته مع حلفائه الرئيسيين.
 Nile Gardiner ‎ ربما لم يفز الرئيس بوش بجائزة «نوبل للسلام» ولم يكن يحظى بشعبية واسعة في الأمم المتحدة الصديقة للأنظمة الدكتاتورية، لكن أعداء الولايات المتحدة كانوا على الأقل يخشونه كثيراً، وهكذا اهتز عرش طاغية جبار بعد أن دخلت الدبابات الأميركية إلى بغداد وأطاحت بأحد أفظع الحكام الموجودين على وجه الأرض. حتى «القاعدة» التي لا تُقهَر كما يُقال خف وهجها في وجه خطوة زيادة القوات العسكرية في العراق، فواجهت خسائر هائلة وإهانة كبرى على أيدي القوات الأميركية.

كان جورج بوش الابن يؤمن بأن الولايات المتحدة حالة استئنائية ولم يكن يخشى إظهار ذلك، كما أنه كان يعتبر أنّ حقوق الإنسان ونشر الحريات في أنحاء العالم قضايا جوهرية كانت تشكل جزءاً لا يتجزأ من السياسة الخارجية الأميركية.

في المقابل، يصعب بكل صراحة تحليل ما تؤمن به الإدارة الأميركية الراهنة على مستوى سياستها الخارجية، باستثناء لغة التصالح واقتناعها بتراجع الدور الأميركي كقوة عالمية، عدا الوضع في أفغانستان، حيث نجح الجنرال بتريوس العبقري بمسح الأرض بحركة «طالبان» في الآونة الأخيرة، تتخبط إدارة أوباما في بحر من الحيرة على الساحة العالمية. وحتى في أفغانستان، تتراجع أهمية النجاحات العسكرية في ساحة المعركة بسبب استراتيجية الانسحاب المدمرة والسطحية التي حددها البيت الأبيض، ما يسمح للعدو بالتفوق على المدى الطويل.

ويأتي العمل الاستفزازي الأخير من جانب كوريا الشمالية التي لجأت إلى القصف المدفعي على جارتها الجنوبية وقتل بحّارَين من كوريا الجنوبية، في وقت تغيب فيه القيادة الأميركية عن الساحة العالمية، ويبدو فيه البيت الأبيض أضعف مما كان عليه منذ عقود. لا عجب إذن في أن أعداء الولايات المتحدة يقفون بكل قوة في وجه رئيسٍ يجعل جيمي كارتر أشبه بالجنرال باتون.

ولا تبدو الأمور أفضل حالاً على الجبهة الإيرانية حيث يقترب النظام الإسلامي الوحشي والبربري أكثر فأكثر من التحول إلى دولة نووية، ما يهدد أمن اسرائيل ومستقبل الشرق الأوسط. في الوقت عينه، ينهمك البيت الأبيض بالسعي إلى توقيع معاهدة «ستارت» الجديدة المليئة بالشوائب مع موسكو التي تقلل من أهمية المصالح الأميركية، وتعزز القوة الاستراتيجية الروسية، وتُضعف بشكل ملحوظ قدرة واشنطن على نشر نظام دفاعي صاروخي عالمي.

في عالمٍ يتزايد خطورة، اعتمد باراك أوباما مقاربة رئيسة ضعيفة، ومع تزايد قوة أعداء الولايات المتحدة، تبدو هذه الأخيرة أكثر ضعفاً وهشاشة من أي وقت مضى. في الوقت عينه، تلقت جميع التحالفات الأميركية مع بريطانيا العظمى، وإسرائيل، واليابان، وأوروبا الوسطى والشرقية، ضربة من البيت الأبيض الذي كان أكثر انشغالاً بتقديم الاعتذارات إلى خصوم الولايات المتحدة بدل تقوية صداقاته مع حلفائه الرئيسيين.

مع مرور الوقت، يتخذ باراك أوباما صورة الرئيس غير الفاعل كما البطة العرجاء، لا على الصعيد المحلي فحسب، بل في السياسة الخارجية أيضاً، إذ تواجه إدارته مجموعة من التحديات المعقدة والبالغة الخطورة. صحيح أن الولايات المتحدة لاتزال القوة العظمى الوحيدة في العالم اليوم، غير أن مكانتها تشهد تراجعاً شديداً بسبب غياب حس القيادة في واشنطن. لم تكن مقاربة «القوة الذكية» التي اعتمدتها إدارة أوباما ذكية بأي شكل، بل يشير الاعتداء الأخير الذي انطلق من بيونغ يانغ إلى أنّ الولايات المتحدة لا تستطيع تحمّل كلفة الاسترخاء والتساهل، بل إنها تحتاج إلى مواجهة أعدائها بدل التصالح معهم.

back to top