حرب العملات ضرورية إذا فشل كل شيء آخر

نشر في 15-10-2010
آخر تحديث 15-10-2010 | 00:01
إن خفض القيمة لم يكن غلطة الثلاثينيات من القرن الماضي، كان علاجاً من نوع سيئ. وقد هوى مقياس الذهب خلال سنوات الحرب لأن الولايات المتحدة وفرنسا خفضتا معدلات التبادل دون قيمتها (كما هو حال الصين-آسيا اليوم) وتوقفتا عن إعادة تدوير فوائضهما التجارية (كما هو حال الصين-آسيا اليوم). وقد أفضى ذلك الى هبوط في الأسعار بالنسبة الى الكل.
 ذي تيليغراف الحقيقة الغامرة للنظام العالمي للعملات هي أن أميركا في حاجة الى دولار أكثر ضعفاً بقدر أكبر من أجل استعادة اقتصادها, وتجنب دمار بطيء, وعلى الرغم من ذلك فإن بقية دول العالم لا تستطيع بسهولة معالجة ذيول ذلك الوضع البالغ الشدة.

وقد تقدم استثمار آسيا في المصانع على قدرة الغرب على الاستهلاك. والعائلات المرهقة بالديون في وسط أميركا أو بريطانيا واسبانيا لم تعد قادرة على تحمل الخلل ويتعين على الآسيويين تحمل نصيبهم وإلا فإن العواقب ستقع على رؤوسهم.

إن الدول التي تتدخل بصورة نشيطة في اسواق تبادل العملات من أجل خفضها –مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايلند وحتى سويسرا– هي في غالب الأحيان الدول ذاتها التي تملك أكبر فائض تجاري مع الولايات المتحدة.

وتتخذ هذه الدول خطوات نشيطة من أجل منع أميركا من إخراج نفسها من أسوأ حالة بطالة تشهدها منذ الكساد الكبير, وقد وصلت المعدلات الى 17.1 في المئة وفقا لمؤشر "يو 6" وهي في طريقها الى الارتفاع من جديد.

وتقوم كل دولة بهذا العمل لأسباب مفهومة: اليابان من أجل تجنب أزمة هبوط أسعار, والصين من أجل تماسك نظام سياسي هو أكثر هشاشة مما يبدو عليه. وفي كلتا الحالتين علقتا لأنهما اعتمدتا بشدة على استراتيجية تصدير للبضائع من دون الابتعاد عن الطلب الأميركي عندما كانت الأمور تسير بشكل جيد.

وعلى الرغم من ذلك فإن هذا وضع غير محتمل بالنسبة الى الولايات المتحدة. ويجب الا تكون مفاجأة أن واشنطن بدأت بتوجيه ردود انتقامية, ليس فقط عن طريق إقرار قانون الإصلاح من أجل تجارة عادلة في مجلس النواب (وليس في مجلس الشيوخ بعد) ما يمهد السبيل أمام فرض تعرفة عقابية على المتلاعبين بالعملات.

والقنبلة الذرية, طبعاً, هي التيسير الكمي من جانب مجلس الاحتياط الفدرالي. وقد وجهت أميركا بشكل فعلي انذاراً الى الصين ومجموعة العشرين: إما أن توقفوا هذا التصرف الضاري وتوافقوا على صيغة من نوع ما لتحقيق إعادة التوازن الدولي وإلا فسوف نعمل على إغراق اقتصاداتكم بسيولة زائدة. وسندفعكم الى رفع كلفة الأجور عبر ما يعرف باسم "كيو إي 2". وسنفرض إعادة تقييم للعملات على اساس الأمر الواقع من خلال وسائل أكثر قسوة, وليس في وسعكم عمل شيء للحيلولة دون ذلك، وعليكم اختيار الطريق الملائم.

هذا ما يعنيه "كيو إي 2" على الرغم من أن مسؤولي مجلس الاحتياط الفدرالي يفضلون الحديث عن "تفويضهم" المتعلق بدعم الوظائف. ولاعلاقة لهذا بما يعرف باسم "كيو إي 1" الذي كان إجراء طارئاً من أجل وقف التردي الاقتصادي في أواخر 2008 ومطلع 2009. وفي هذه المرة يستخدم مجلس الاحتياط الفدرالي "كيو إي" على شكل أداة تعمل على المدى الطويل من أجل معالجة أمراض أميركا المزمنة.

كانت تعليقات مجلس الاحتياط الفدرالي الوادعة في الأيام القليلة الماضية كافية لدفع الدولار الى أدنى مستوى له في 15 سنة ليصل الى 82 مقابل الين والى 1.40 مقابل اليورو. وقد شهدت اجتماعات صندوق النقد الدولي الكثير من التعليقات حول حرب العملات. وقال رئيس البنك الدولي: "إذا سمحنا لهذا الانحدار بالمضي نحو الحمائية فإننا نجازف بارتكاب غلطة عام 1930".

ويتعين عليك أن تقول هذا النوع من الكلام إذا كنت تدير مؤسسة "بريتون وودز", ولكن في الحياة العملية تقع الحروب لأن أحداً يجد الأمر الواقع غير مقبول. وكما يقول الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد "بول كراغمان": "الناس يبحثون عن طرق سليمة وغير ضارة لمعالجة هذه المشكلة ولاتوجد أي سبل لتحقيق ذلك".

إن خفض القيمة لم يكن غلطة الثلاثينيات من القرن الماضي، كان علاجاً من نوع سيئ. وقد هوى مقياس الذهب خلال سنوات الحرب لأن الولايات المتحدة وفرنسا خفضتا معدلات التبادل دون قيمتها (كما هو حال الصين-آسيا اليوم) وتوقفتا عن إعادة تدوير فوائضهما التجارية (كما هو حال الصين-آسيا اليوم). وقد أفضى ذلك الى هبوط في الأسعار بالنسبة الى الكل.

الهروب من ذلك النظام المشوه كان السبيل الى التعافي. والتوازي مع العولمة الحديثة مسألة واضحة رغم عدم دقتها تماماً. وكذا كانت دروس الثلاثينيات من القرن الماضي: إن نزاعات العملات والتجارة مدمرة بالنسبة الى دول الفائض، لكنها ليست كذلك دائماً بالنسبة الى دول العجز.

back to top