ظلال اسرائيل بين ساعة جنيف وساعة المنامة!


نشر في 06-12-2010
آخر تحديث 06-12-2010 | 00:00
 محمد صادق الحسيني من قال إن الحرب على إيران لم تبدأ بعد؟ ومن قال إن الحرب هي إطلاق الصواريخ والقصف الجوي والمدفعي فقط؟ ثم ألم يقل المنظرون القدامى إن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل عنفية؟!

والآن تذكروا منظري «الحرب الناعمة» الذين لطالما قالوا: «إن أفضل حالة لمهاجمة الخصم هو العمل بقواعد اشتباكنا في ملعب العدو»!

أليس هذا هو ما يحصل الآن من جانب مثلث الموساد, «السي آي إيه», و»الإم آي سيكس» ضد إيران؟!

فعلى وقع تحذيرات موقع هيريتس الأميركي الشهير الذي يروج لوجود إمكانية لدى إيران من ضرب مدن في الولايات المتحدة الأميركية بصواريخ باليستية خلال 33 دقيقة.

وعلى وقع ضربات خلايا الموساد التي استطاعت الوصول إلى عالمين نوويين إيرانيين والنيل من أحدهما ليقع شهيدا والآخر جريحا فيما العمل جار على قدم وساق للوصول الى نحو مئة وعشرين عالما تم تسريب أسمائهم من قبل مخابرات إقليمية انطلاقا من عاصمة عربية مجاورة للكيان الصهيوني في إطار تعاون إقليمي عنوانه خلية تعاون «سزامي» النووية كما تؤكد مصادر مواقع معلوماتية إيرانية!

تأتي هيلاري كلينتون إلى مؤتمر الأمن الإقليمي في المنامة لتعرب عن قلقها من تنامي طموحات إيران النووية، وتؤكد في الوقت نفسه أن جيران إيران يشاطرونها مثل هذا القلق! أليست هذه هي الحرب البديلة بعينها بعد أن بانت عورة الأميركيين عبر هزائمهم المتلاحقة في كل من أفغانستان والعراق وانكشف عجزهم في إخضاع إرادة الإيرانيين من المضي قدما في برنامجهم النووي السلمي رغم موجات تشديد الحصار الاقتصادي؟!

في هذه الأثناء يقرر الغرب المنافق أن يرسل وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي البارونة الإنكليزية اشتون ممثلة لما يسمى بدول «الخمسة زائد واحد» إلى جنيف لمفاوضة كبير رجال الدبلوماسية الذرية الإيرانية أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني السيد سعيد جليلي... إنها مهزلة الغرب الأعمى في البصر والبصيرة!

فاشتون هذه تذهب إلى جنيف وساعتها تعمل على ساعة تفجيرات نتنياهو وساعة إضافية أخرى هي ساعة بيلمار الذي يحضر لتفجير الساحة اللبنانية عبر غطاء القرار الظني والمحكمة الدولية المهزلة الخاصة بلبنان، ناسية أو متناسية أن سعيد جليلي هذا الذي تلتقيه اليوم هو حفيد ذلك العلامة الكبير آية الله فضل الله نوري الذي قال يوما لمن عرض عليه الهدنة المذلة باسم البريطانيين وعرض للمفاوضات معهم على قاعدة وقف تداعيات نهضة الثورة الدستورية الإيرانية الشهيرة في بدايات القرن المنصرم: «لقد عشت سبعين عاما تحت راية الإسلام ولست على استعداد لأعيش بقية حياتي تحت راية الكفر, ردوا العلم من حيث جاء» أي علم الحماية البريطانية! فإذا كانت اشتون لا تعرف ذلك ولم تطلع عليه من قبل فما عليها إلا أن تطالع وثائق حروب الاستقلال الإيرانية جيدا قبل أن تعاود الاتصالات والمفاوضات مع الإيرانيين!

ثمة رسالة مكتوبة أرسلها إليها السيد جليلي منذ يونيو الماضي يطالبها فيها بإعلان رأيها ورأي مجموعة الدول الست المتفاوضة مع طهران رأيها الحقيقي بترسانة الكيان الصهيوني النووية لم ترد عليها اشتون حتى اللحظة، وقد يكون الرد جاء في طيات عملية الموساد الأخيرة التي أدت إلى اغتيال شهرياري وجرح عباسي!

لكن على اشتون أن تهدئ من روعها أولا، ومن ثم تطمئن وهي تستعد لجولة جديدة من المفاوضات مع السيد سعيد جليلي, فلا الصواريخ الإيرانية الباليستية المزعومة ستنطلق نحو المدن الأميركية فضلا عن الأوروبية كما تروج «معاهد» المخابرات الأميركية, ولا دول الجوار العربية لإيران هي من ستكون هدفا لأي انتقام إيراني لشهدائها حتى تزعم زميلتها كلينتون بأن هذه الدول تشاطرها القلق نفسه من طموحات إيران النووية!

لكن الرد الإيراني سيأتي وهو قادم لا محالة، ولن يتأخر كثيرا كما تؤكد كل التسريبات الإيرانية من داخل أروقة مطبخ صنع القرار الاستراتيجي الإيراني إنما باتجاه آخر، ألا وهو الكيان الصهيوني أي العدو المشترك للعرب كما للإيرانيين كما للأتراك كما لكل أحرار العالم.

هذا ما تؤكده كل التقارير المتسربة من أكثر من عاصمة عربية أيضا صديقة لإيران ومنسقة معها في إطار استراتيجية الردع الدفاعي المشترك والتي تستعد للمنازلة الكبرى، حيث الرهان على مصير استمرار وجود هذا الكيان الباطل من عدمه!

وفي هذا السياق تؤكد مصادر إيرانية وعربية رفيعة المستوى متطابقة بألا أحد يستطيع «الشوشرة».

أو التشويش على استراتيجية قوى الممانعة والمقاومة العربية الإسلامية المشرقية, بما فيها أوراق «ويكيليكس» المتناثرة أيا كانت مصداقيتها من أجل حرف اتجاه بوصلة الدفاع الاستراتيجي لهذه القوى.

ثمة خيار واحد كما تؤكد مصادر إيرانية رفيعة المستوى أمام الغرب خاصة ودول معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية على العموم، أي بما فيها محور روسيا– الصين, للتعامل مع إيران ألا وهو قبول إيران دولة نووية كاملة العضوية في النادي النووي السلمي العالمي والاعتراف بحقها المشروع والمثبت حقوقيا وقانونيا في كل المعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها إيران والدول الست الكبرى! وكل ما عدا ذلك من مطالبات أو توقعات تصدر بين الفينة والأخرى من هذا الطرف الغربي أو الدولي أو ذاك, ليس سوى اعتداء على السيادة والاستقلال وحرية القرار الإيراني, وأن طهران مصممة بالمقابل على الدفاع عن حقوقها وعن نفسها وعن علمائها وعن شعبها حتى لو استمر الحصار الاقتصادي الحالي مضافا إليه الحرب الاستخبارية والأمنية الناعمة منها والصلبة لألف عام!

وما مفاوضات جنيف في محطتها الحالية، وهي الثالثة من نوعها، إلا نموذج على ما نقول، ستخرج أنبائها والمواقف الحقيقية لأطرافها رويدا رويدا إلى العلن, والتي ستؤكد ما سبق أن قلناه مرارا وثبتناه أعلاه بأن إيران لن ترضخ لأي ضغط خارجي أيا كانت الأثمان والأكلاف!

يقول مصدر مواكب للمفاوضات الغربية مع إيران منذ بداياتها إن الدول الكبرى إنما تفاوض إيران في الواقع على بند واحد وحيد ألا وهو خلع يدها من قضية فلسطين والاعتراف بإسرائيل حقيقة واقعة!!

بينما يفاوض الإيرانيون الغرب في الواقع على بند واحد ووحيد ألا وهو خلع يد الغرب من دعم الكيان الصهيوني وترسانته النووية سلما, قبل أن تفاجئهم واقعة تفكيك هذا الكيان العنصري غير الشرعي والغاصب لحقوق الغير حربا، وهو ما سيعني خسارة الغرب لمشروعه الحقيقي إلى الإبد كما كتب رئيس الوزراء الإسباني السيد أزنار قبل مدة معترفا!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي- الإيراني

back to top