رئيس وزراء ليبيا السابق مبارك الشامخ لـ الجريدة : أحذر من توريث سيف الإسلام كمخرج للقذافي العقيد طلب البحث عن منصب لنجله فقدمت استقالتي فوراً... وسيف الإسلام هو الرئيس الفعلي منذ 2003

نشر في 03-04-2011 | 00:00
آخر تحديث 03-04-2011 | 00:00
تتشابك الخيوط السياسية داخل الساحة الليبية المشتعلة، ما بين مؤيد للثورة، ومتحفظ عن التدخل الدولي لدعمها، إضافة إلى مواقف وأقوال العقيد معمر القذافي المتناقضة، على الأقل يقف المراقب للمشهد حائرا، في محاولة لفهم الوضع الليبي الملتبس بسحابات الدخان. حاورت «الجريدة» رئيس الوزراء الليبي السابق مبارك الشامخ (2000-2003)، الذي يوجد في القاهرة هذه الأيام، محاصرا بتهديدات بالقتل تستهدفه بعد تأييده لثورة 17 فبراير، وفي ما يلي نص الحوار:

• بخبرتك ومعرفتك بالقذافي كيف سيتصرف حيال الموقف الجاري؟

- أعتقد أن العقيد يعيش تحت ضغوط كبرى، خاصة من أبنائه الذين تكدست الثروات في أيديهم، ويخافون على أنفسهم من المنفى في سفوح إفريقيا- مثلا- ويحرمون أموالهم بالتجميد أو المصادرة، وبالتالي فهم يبحثون الآن عن مخرج آمن وضامن لهم، والهروب هو الخيار الأخير للقذاقي، إذا فشلت محاولته لتوريث السلطة لسيف الإسلام عن طريق مساعدة الأوروبيين، وهو ما أحذر منه مسبقا، لأن ثوار ليبيا سيرفضون ذلك تماما.

• نظام القذافي كان منحازا في بداياته للطبقات الفقيرة، كيف حدث هذا التحول؟

- خلال سنوات المواجهة مع الولايات المتحدة عسكريا وسياسيا منذ عام 1980 حتى 2003، كان الليبيون يقدمون التضحيات المعيشية والاجتماعية في مقابل الحفاظ على كرامتهم، إلا أنه وبعد غزو العراق عام 2003، سرب البعض للقذافي أن نظامه أول المستهدفين من قبل إدارة جورج بوش بعد سقوط صدام حسين، وكان ما كان من تسليم ترسانة من الأسلحة إلى الولايات المتحدة، والتوجهات الإفريقية الخالصة، والتراجع عن معاداة إسرائيل، لكن الأخطر هو بدء صناعة سياسية وإعلامية لنجل القذافي سيف الإسلام، تمهيدا لتوريثه الحكم، وتقديمه لدوائر صنع القرار الغربي باعتباره وريثا مستقبليا لنظام الأب.

• كيف ترى ملامح خطة التوريث التي رصدتها؟

- بدأ سيف الإسلام في إجراء حوارات تلفزيونية، يدعو فيها إلى ما سماه بالإقلاع الليبي (take off) عن العرب، والتوجه نحو أبناء البحر المتوسط، وتحديدا الدول الأوروبية المطلة عليه، ثم انطلق يوجه انتقادات إلى الكتاب الأخضر الذي يعتبره العقيد «مقدسا»، وأعقب ذلك بمطالبات بديمقراطية حقيقية في ليبيا، وبدأ سيف الإسلام وبعض أصدقائه من رجال الأعمال تنفيذ سياسات ما سماه بالإصلاح الاقتصادي، وكانت أولى خطواتها إلغاء الدعم عن السلع التموينية وتسريح الكثير من الموظفين بالدولة، وتنفيذ مشروعات وصفت بالتنموية كلفت خزانة ليبيا 200 مليار دينار، ولم يشعر بفائدتها المواطن الليبي، مما دعا البعض إلى تسمية نجل القذافي بـ»سيف الزيف»، و»سيف الأحلام»، وعلى الرغم من ذلك فإن «سيف الإسلام كان هو الرئيس الفعلي لليبيا منذ 2003».

• ما موقف القذافي من محاولات توريث الحكم وسياسات نجله؟

- حذرت القذافي بشتى الطرق الكتابية والشفهية من السيناريو الخطير الذي ينتظر ليبيا، وآخر لقاء بيني وبين الرجل كان في أكتوبر 2010، وكنت أشغل وقتها منصب الأمين العام للمؤتمرات الشعبية، وأوضحت له الحالة الاجتماعية الصعبة التي يعانيها الليبيون، وطلبت منه الانتباه لخطورة توجهات سيف الإسلام الاقتصادية والسياسية، ووعدني ببحث تلك الأمور في الاحتفالات السنوية بتأسيس تنظيم الضباط الأحرار الليبيين، وفوجئت به في اجتماع مغلق لأعضاء المؤتمرات الشعبية يقول: «أنا مشغول بالشؤون الخارجية والتوجهات الإفريقية، وأريدكم أن تبحثوا لسيف الإسلام عن منصب رسمي في الدولة حتى يعينني على الشأن الداخلي بمعنى يتولى القيادة رسميا، وعلى أثر ذلك تقدمت باستقالتي فورا.

• منذ اللحظات الأولى للثورة كنت في صفوفها، فكيف تتواصل مع الثوار وأنت في القاهرة؟

- أود أن أوضح فقط أنني وصلت مع أسرتي إلى القاهرة بعد تلقي تهديدات بالتصفية الجسدية، وطلبت من الحكومة المصرية تعيين حراسة لي، بعد معرفتي بوجود فرق خاصة للقذافي تستهدف معارضيه، وفي ما يخص التواصل مع الثوار كنت في ليبيا أثناء اندلاع شرارة الثورة في 17 فبراير، واتصل بي الثوار لإلقاء كلمة حماسية أمام محكمة بنغازي، وإعلان انضمامي إلى الثورة، وأوضحت لهم أنني اعتبر نفسي من صفوف الثوار ولست من المنضمين إليها، وقلت للشباب أنتم قمتم بما لم نستطع نحن فعله، وأنا متواصل بشكل يومي مع الثوار، وأعتبر المجلس الوطني للثورة برئاسة مصطفى عبدالجليل، الذي كان أمينا للعدل أثناء شغلي منصب رئيس الوزراء، ورفاقه أبوبكر يونس جابر، وعبدالسلام جلول وغيرهم، هم الممثلون الشرعيون للشعب الليبي.

• برأيك ما الحل الذي تحتاج إليه ليبيا الآن؟

- الرحيل الفوري للقذافي وأسرته عن ليبيا، حتى تستقر الأوضاع.

• كيف ترى موقف الدول الغربية بالتدخل العسكري، ومحاولاتها لبحث مستقبل ليبيا؟

- أود أن أؤكد أن ثوار ليبيا على استعداد تام لمقاومة قوات حلف الأطلسي إذا فكروا في احتلال ليبيا، وبخصوص المؤتمرات التي تعقد لبحث مستقبل ليبيا بعد القذافي، فلابد أن تعي تلك الدول أن مستقبل ليبيا يقرره الليبيون، فنحن لا نريد عراقا جديدا، ولن نقبل أشخاصا من نوع أحمد الجلبي الذي جاءت به أميركا لحكم العراق بعد الغزو.

back to top