قراءة في واقع الأزمة


نشر في 15-04-2011
آخر تحديث 15-04-2011 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي «استعادت الأمة حق التجمع السلمي بعد فشل محاولة الحكومة مصادرة هذا الحق وقمعه في الصليبيخات»، تصريح للنائب جمعان الحربش في حسابه على التوتر شدني إليه لما له من قيمة تعزز حرية التعبير كوسيلة سلمية؟

الانتصار لحرية التعبير لا شك أنه مكسب للديمقراطية، ومؤشر لقبول عموم الآراء، كما أنه مخاض يحتم المرور فيه لوضع لبنات الإصلاح الديمقراطي كونه عنصرا أساسيا للقيم الإنسانية، وبغض النظر عما تكنه الأنفس أو الدخول في النوايا التي يخدم بعضها مصالح حزبية وفردية، إذ شواهدها كثيرة هذه الأيام.

ففي الكويت حرية التعبير الشعبي وبفضل الدستور انتقلت من أسوار الديوانية إلى ساحة الإرادة، ثم إلى ساحة التغيير، ولن يقف المجتمع عن إيجاد البدائل، ولو كنت مسؤولا لرضيت بساحة الإرادة كمكان يمكن أن يعبر عنه المواطن عما يدور في خلجه من هموم شرط حصوله على ترخيص من وزارة الإعلام، مقروناً بتعهد بعدم التعرض للوحدة الوطنية «دينية, قبلية, طبقية» بشيء، واستخدام ألفاظ خارجة على الذوق العام.

من ثوابت الديمقراطية الالتزام بنتائجها بطي الصفحات بعد الاحتكام للتصويت، وللعلم هناك مساوئ كثيرة للنهج الديمقراطي لكنها تعتبر الأفضل من حيث اتساع قاعدة القرار، لذا فإن تهميش الرأي الآخر يعتبر ثورة على مبادئ الديمقراطية، ولا أظن أن الإخوة الذين يقفون في صف المعارضة راضون، فها هم كل مرة يحتكمون لنتائج التصويت في الاستجوابات السابقة أو حتى عندما استجابت الحكومة للضغط بتقديم استقالتها يستمرون في تحريك ملفات بغيضة تقلب الطاولة رأساً على عقب، ومنها ما يمس الوحدة الوطنية مقطعاً أواصل المجتمع.

فكرة العودة إلى انتخابات مبكرة بدأت حتى قبل أن تشكل الحكومة، فمنذ لحظة معرفة أسماء من حصلوا على ثقة المواطنين في الانتخابات الأخيرة كفوز تسعة من النواب الشيعة، بان التحفظ والتذمر من البعض، وزاده حصول السيد جاسم الخرافي على رئاسة المجلس، وليكتمل مثلث التأزيم جاء تشكيل الحكومة السادسة على عكس هوى المعارضة وهنا بدأ مسلسل التصعيد.

ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في استمرار نهج التصعيد فقدان بعض التيارات لبعض مكتسباتها السابقة كالحركة الدستورية الخاسر الأكبر، وفشل كتلة العمل الشعبي بالحصول على كرسي الرئاسة، كما أن ضعف أداء بعض الوزراء وكذلك قلة البيانات حول خطة التنمية ساهما في توتير أجواء التفاؤل.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن بعض الاستفادات المباشرة لنواب المولاة أوجدت حالة من الريبة، خصوصا تحركهم المستميت للدفاع عن الحكومة في كل شاردة وواردة، وأيضاً بعد ربط ذلك بهبات على شكل مناصب لأقربائهم، وكذا الثراء السريع لديهم أثار حفيظة مجاميع كبيرة من المجتمع.

استقالة الحكومة كانت طبيعية في مثل الظروف التي مرت بها الكويت، خصوصا بعد تضارب المصالح وانتقال عدوى التغيير، فحسبة الأصوات وتضارب المصالح أوجدا حالة من الخوف، قد تأتي بمفاجأة شبيهة بتلك التي حصلت قبيل طرح الثقة بوزير الصحة الأسبق الدكتور محمد الجارلله لبعض من قدمت بحقهم تلك الاستجوابات، أو على أقل تقدير الخوف من تجاوز الرقم 20 لاسيما الموجه إلى سمو الرئيس والشيخ أحمد الفهد.

المرحلة القادمة تتطلب ضبط النفس وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على التصفية السياسية، فالوضع لا يتحمل المزيد من التصعيد فالأجواء الإقليمية ملبدة بالغيوم، وكل تلك الدول يريد لفت الأنظار وصرفها عن مشاكله الداخلية على حساب الكويت.

ودمتم سالمين.

back to top