بسسس!

نشر في 19-05-2011
آخر تحديث 19-05-2011 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي عنوان المقال صرخة نطلقها بأعلى صوت علّ أحد العقلاء يسمعنا بعد أن تبين أنه لا يوجد شيء يوقف جنون استنزاف ميزانية البلد وأصوله الناضبة من أجل تمويل زيادات وكوادر بشكل فوضوي لا يرقى إلى إدارة الدولة بشكل محترم، وفي ظل تنافس الحكومة والمجلس على كسب الشارع عبر تخديره بحقنات النفط، فبات شغل المجلس مقتصرا على إقرار قوانين ذات مميزات مالية، وبات شغل الحكومة عبر ديوان الخدمة المدنية التعيس هو إقرار الكوادر بشكل فوضوي.

فلنبدأ بقضية الخمسين دينارا التي تعتبر مزايدة انتخابية رخيصة جدا؛ لأنها وللتذكير كانت مطلبا في سنة 2008 قبل حل المجلس، فقامت الحكومة بزيادة الرواتب 120 دينارا (أي أكثر من مطلب المجلس بـ140%)، لكن لأن الإنجاز لم يكن باسم المجلس أصر نواب النهب والمزايدات على مقترح الخمسين إضافة إلى الـ120، لكن نوابا آخرين توصلوا إلى حل وسط مع الحكومة بإقرار الخمسين دينارا لمن راتبه أقل من 1000 دينار، لكن المجلس نقض هذا الاتفاق عبر إقراره من جديد الخمسين لمن راتبه أكثر من ذلك، وكأن الكوادر التي تقر يوميا منذ سبع سنوات ليست بكافية.

ثم نأتي إلى قضية حوافز تقاعد العسكريين، وهو شمل من تقاعدوا من 2004 إلى 2008 بالمميزات، فأتى البعض ليريد أن يشمل كل من تقاعد منذ 20 سنة إلى الآن في مزايدة انتخابية رخيصة، لكن السؤال هو: لماذا يجب أن يعطى العسكري دون غيره حوافز إضافية للتقاعد؟ فهل المنصب ملك للعسكري أم للدولة؟ وألا يستطيع الوزير إحالة من يراه مناسبا إلى التقاعد حتى يعطى الآخرين مجالا للترقية كما هو معمول في باقي الوزارات؟

وأخيرا نأتي إلى كادر المعلمين الذي تطرقنا إليه قبل عدة أسابيع، فلا يجوز أن تتساوى جميع التخصصات بنفس الكادر دون النظر إلى حجم الكويتيين في كل تخصص، وذلك حتى نشجع على تقليل الاعتماد على غير الكويتيين في مهنة التدريس، والأهم من ذلك أنه لا يجوز النظر إلى كادر فئة معينة بغض النظر عن جميع الوظائف الأخرى في الدولة، وهذا هو سبب عدم توقف مسلسل الكوادر المكسيكي منذ إقرار كادر أساتذة الجامعة قبل سبع سنوات إلى الآن.

فكما قلنا سابقا تجب دراسة سوق العمل في البلد بشكل شامل ومن ثم تحدد الفوارق بين كل التخصصات وحسب جهة العمل، بحيث لو تمت أي زيادة فإنها تشمل الجميع بدلا من إقرار الزيادات بهذا الشكل الفوضوي الذي أدى إلى زيادة التضخم بشكل كبير، أي أن أغلب الزيادات ذهبت إلى جيوب التجار وليس المواطنين كما يتوهم الكثيرون.

المشكلة أنه من الصعب السير عكس التيار في هذا الموضوع بالذات، والمشكلة الأعظم أنه حتى عندما أناقش العديد من المثقفين وأصحاب الشهادات بهذه القضية تكون الردود «إذا ما انصرفت الفلوس علينا راح إفسفسونها الحكومة» أو «إنت دافع من جيبك؟»، مما يعد دليلا على أن لسان حال الناس هو أن الكويت دولة مؤقتة، وكل يريد شفط ما يمكنه منها، وهي حال يطول النقاش في أسبابها وإن كانت الحكومات المتعاقبة سببا رئيسا في الوصول إليها.

لكن ما يغفل عنه أغلب الناس المتحمسين للكوادر الفوضوية هو حجم ميزانية الدولة بعد 21 سنة إذا سرنا على هذا المنوال، إذ يقول محافظ البنك المركزي السابق حمزة عباس إنها ستصل إلى 48 مليار دينار (القبس 12-4-2010)، إذ ستكون الدولة مطالبة بخلق 500 ألف فرصة عمل خلال هذه الفترة، لكن كيف سيتأتى ذلك بينما الدولة تغدق على موظفي القطاع العام على حساب القطاع الخاص؟ والمصيبة أن النواب الذين يدعون حماية المال العام ومحاربة الفساد والتصدي للسرقات هم الذين يقومون بعملية نهب منظمة لخزينة الدولة تبلغ المليارات سنويا عبر التشجيع على إقرار الكوادر بشكل فوضوي، وعلى جهاز يعاني بشكل كبير البطالة المقنعة... وا أسفاه.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top