كلمة راس حرية الفوضى

نشر في 20-10-2010
آخر تحديث 20-10-2010 | 00:00
 شريدة المعوشرجي "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"

قال لي بألم... كيف وصلنا إلى هذه الحالة! قلت ماذا تقصد؟

قال... هل هذه هي الحرية التي كنا نطالب بها، ونعيش من أجل المحافظة عليها والإصرار على عدم التنازل عن جزء منها مهما صغر؟... لم أجب عن سؤاله وتركت المجال له ليكمل حديثه الذي يشع حرارة وحرقة... هل هذه هي الحرية التي كنا نتفاخر بها على باقي الدول العربية؟ هل هذه هي الحرية التي كان يحسدنا الآخرون عليها؟

قل لي بالله عليك... كيف تفسر ما يحدث؟... هل هو مجرد انفلات وضعف في استخدام الصلاحيات وخوف من تطبيق القانون؟ أم هو تعمد وتفريط بقصد إيصال البلد إلى هذه الحالة كي نكفر بالديمقراطية والحريات، ونعترف بأننا لا نستحق إلا أن نعيش قصراً في حجر غيرنا يرعانا ويفكر لنا ويقرر نيابة عنا؟

ما هي الأسباب وراء اندفاع البعض إلى القفز خلف الخطوط الحمراء دون وجل ولا خوف، بل ودون تفكير بالعواقب الشخصية والعامة... وليتها كانت حوارات فردية كنا نغض الطرف عنها ونتجاوزها ولا نقف عندها كثيراً، الأمر أصبح أو كاد يصبح ثقافة عامة... فبعد أن احتمى أعضاء مجلس الأمة بالحصانة البرلمانية واندفعوا من خلفها ينتهكون كرامات الناس دون رادع أو مانع، انطلق الإعلاميون خلفهم لممارسة نفس الأسلوب ضدهم وضد غيرهم لعلمهم أن قانون النشر لا يملك أن يردعهم أو يمنعهم... وهكذا حتى أصبحت هذه الظاهرة ثقافة عامة حللت المحرمات وتجاوزت كل الموانع وطارت العقول وتنادى القوم... "عليهم... عليهم".

ألا تعتقد معي أننا وصلنا إلى فوضى الحرية؟

قلت... أنا معك في كل ما قلت، لكن حالنا الآن هو حرية الفوضى وليست فوضى الحرية... البعض بدأ يمارس الحرية في نشر الفوضى، مستغلاً مناخ الحرية التي كفلها الدستور والقانون، واستطاع للأسف الشديد أن يلبس تلك الفوضى بلباس الحرية وعشقها والموت دونها، حتى انتقلت العدوى إلى غيره من الأعداء والأشرار في غياب من ردع السلطة، أو فزعة العقلاء وأهل الرأي حتى انفلت الزمام وخرج القطار عن سكته، واندفعت عرباته في كل اتجاه تضرب كل من أوقعه حظه العاثر أمامها.

لكن مازال في الوقت فسحة، ومازالت القصة متاحة لإصلاح الأمر والاستفادة من دروس ما مضى... والعاقبة للمتقين.

back to top