شيوخنا أبخص

نشر في 03-04-2011
آخر تحديث 03-04-2011 | 00:00
 حسن العيسى الجديد في السياسة الكويتية أنه لا جديد، الحكومة استقالت لكنها ستعود إن لم يكن بجسدها فبروحها ومنهج فكرها، فبحكم تاريخ الدولة ودستورها يغرف النظام من النبع ذاته فلا تغيير ولا تبديل في سنن اختيار رئيس الوزراء والوزراء، وإذا تغيرت الأسماء والوجوه فسيظل الفكر الحاكم ثابتاً وراسخاً.

لماذا استقالت الحكومة رغم اليقين بأنها ستعود مع بعض الرتوش التي لن تقدم ولن تؤخر؟ الإجابة السهلة أنها استقالت لأن ثلاثة أو أربعة شيوخ «تعرضوا» لمشاريع استجوابات، وإجابة أخرى تخفي الكثير من الخبث السياسي تفسر استقالة الحكومة بضغوط من الشيخ أحمد الفهد، فهذا الأخير وإن كان الأفضل من الشيوخ في قدراته ومواهبه في الحوار والإقناع بالكلام الطيب وغير الكلام الطيب فإن بعض بنود الاستجواب المقدم من كتلة العمل الوطني تتهم الشيخ أحمد بالتربح من المال العام لن يجدي معها ذكاء الشيخ ولن تنفعه مؤهلاته في الإقناع وضبط الأمور كما يجب أن تسير. لكن أياً من الإجابتين لن ينفع في حل عقدة المراوحة السياسية الكويتية، وهذه «العقدة» تتمثل في مسرحيات هزلية يحمل بعضها عنوان اسم نواب التأزيم، والآخر بمسمى نواب التبصيم! لكن حتى هذه الأعذار في إلقاء مسؤوليات الفشل والفساد السياسيين و»التعلث» على هؤلاء النواب «المؤزمين» حسب أبجديات السلطة، أو ضدهم من النواب «البصامين» حسب فقه النواب المعارضين، كل تلك الأعذار والحجج لن تفيد، وتفسر تعاقب الأزمات السياسية وتنامي حجم الفساد الإداري والمالي. وفي مثل ظروف الدولة الكويتية التي لا يجوز للسلطة أن تتعذر بأي سبب في تهاونها ورداءة إدارتها للمرفق العام، فعندها الأموال الطائلة تنبع من «بايبات» النفط من غير حساب، وشعب قليل في عدده نسبياً، فلماذا كلما دق المواطن في «أرض وتد من رداه الحظ وافت (ه) حصاة» بتعبير بن لعبون! حصاة وحصى يدمي العيون من انفجارات زحمات مرورية إلى بيروقراطية قاتلة في الدوائر الحكومية كي ننتهي بتفجرات في ثروات البعض من حساب بند التكسب والتربح من الأموال العامة. 

ما الحل؟ المادة 56 من الدستور تؤكد حق سمو الأمير في

«تعيين رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية»، بينما المادة 102 تخول مجلس الأمة سلطة «عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء» فكيف يمكن حل هذا الإشكال من دون التعذر بنكتة أن الدستور الكويتي خليط من النظامين البرلماني والرئاسي! نكتة روجها فقهاؤنا وصدقها الكثيرون، فنحن ليس لدينا أي من النظامين لو راجعنا أسس كل منهما في دول الديمقراطيات الحقيقية! فما الحل غير أن نردد الحكمة الشعبية بأن «الشيوخ أبخص» في النهاية...

back to top