Black Swan... يمتحن صداقة ناتالي بورتمان وميلا كونيس

نشر في 08-12-2010 | 00:01
آخر تحديث 08-12-2010 | 00:01
بعد رقص الباليه لساعات في موقع تصوير فيلم Black Swan (البجعة السوداء)، راحت ناتالي بورتمان تنزع حذاءيها المخصّصين للرقص وتمسح العرق عن جبينها، لتواجه بعد ذلك انتقادات المخرج دارن أرونوفسكي.
تخبر ناتالي بورتمان (29 سنة) متحدّثة عن ميلا كونيس التي شاركتها بطولة هذا الفيلم: «كان المخرج يقول: ميلا تقدّم أداء أفضل، فهي تفوقك براعة. راح أرونوفسكي يتفوه بشتى الأمور، ساعياً إلى زرع الغيرة في نفسينا. أعتقد أنه كان يحاول دفعنا إلى التنافس في الواقع أيضاً».

من المبرر أن يعمل أرونوفسكي على تأجيج التنافس بين ممثلتيه الرئيستين لأن الحسد يشكّل جوهر Black Swan، فيلم تشويق ساحر يتناول قصة راقصة باليه صعبة المراس تُدعى نينا (بورتمان) يستحوذ عليها الخوف من ليلي (كونيس)، راقصة مرحة انضمت حديثاً إلى الفرقة. تتنافس هاتان الشابتان على الدور الرئيس في عرض «بحيرة البجع». ومع أن نينا تستطيع بكل مهارة تجسيد دور البجعة البيضاء، تعمل جاهدة لتعكس الطبيعة الساخرة الشهوانية التي تميّز البجعة السوداء والتي تبرع ليلي في أدائها.

بورتمان وكونيس صديقتان قديمتان. فقد اعتادتا الخروج معاً في لوس أنجليس لمشاهدة برنامج Top Chef أو التبضّع في سوق «روز باول فلي». إلا أن المخرج أبقاهما منفصلتين طوال عملية التصوير التي دامت 42 يوماً. توضح كونيس (27 سنة): «كنا صديقتين حميمتين قبل البدء بالتصوير، وما زلنا كذلك اليوم. فقد عملنا معاً لإنتاج هذا الفيلم».

ينكر أرونوفسكي محاولته تأجيج التنافس بين البطلتين، لكنه يقول إنه باعد بينهما كي لا تناقشا طريقة تعاطيهما مع دوريهما. يذكر: «أدرك أن من الصعب التفرقة بينهما لأنهما صديقتان. غير أنني لم أشأ أن يطّلعا على دوافع إحداهما الأخرى. لم أردهما أن يتبادلا الآراء. رغبت في الحصول على شخصيتين تأتيان من بيئتين مختلفتين».

اضطر أرونوفسكي، مخرج Requiem for a Dream (صلاة لراحة حلم) وThe Wrestler (المصارع) الذي وسم عودة ميكي رورك عام 2008، إلى مواجهة عقبات عدة أعاقت سبيلBlack Swan. فقد قرر قبل عقد إخراج فيلم عن عالم الباليه، لكن كثرة الأفكار والنصوص أبطأت تقدّمه. كذلك فَقَد هذا المشروع تمويله مرات عدة.

التقى المخرج بورتمان للمرة الأولى حين كانت في العشرين من عمرها. وهي تعلمت رقص الباليه في صغرها، وطالما حلمت بأن تصبح راقصة إن لم تنجح مسيرتها في عالم التمثيل. لذلك، جذبتها فكرة أرونوفسكي. لكن قبل أن يبصر Black Swan النور مثلت في عدد من الأفلام، مثلGarden State لزاك براف وفي جزئين من سلسلة «حرب النجوم».

خبرة واسعة

مع أن بورتمان اختيرت قبل فترة طويلة للمشاركة في هذا الفيلم، لم يقع الاختيار على كونيس (التي ذاعت شهرتها بفضل دورها في المسلسل الطويل That' 70s Show) إلا قبل أيام من بدء التصوير. أدركت بورتمان أن كونيس تتمتع بخبرة واسعة في عالم الرقص، فزكّت بصديقتها لهذا الدور. علماً أن أرونوفسكي كان قد اطلع على أداء كونيس في فيلم Forgetting Sarah Marshall (نسيان ساره مارشال). وبعد محادثات عبر الإنترنت، قرّر منحها دور ليلي.

لكن منذ ذلك الحين، انقطعت العلاقات بين الممثلتين. ولا شك في أن هذه خطوة بالغة الأهمية نظراً إلى أنهما تؤديان الشخصية عينها طوال معظم أجزاء الفيلم.

تشعر نينا بخوف شديد من أن تسرق ليلي دورها، لذا تُصاب بتهيؤات. فتظن أحياناً أنها تنظر إلى ليلي، لكنها سرعان ما تدرك أنها ترى نسخة أكثر شراً وتحرراً من شخصيتها. وتبلغ هذه العلاقة المتقلّبة ذروتها في مشهد حميم بين الشخصيتين، شغل وسائل الإعلام طوال أشهر.

إنه أحد المشاهد القليلة التي صوّرتها الممثلتان معاً، وتصفه بورتمان بـ{الغريب جداً». تخبر وهي تتناول حساء الخضار في مطعم Polo Lounge في بيفرلي هيلز: «أتذكر المرة الأولى التي صورناه فيها. شعرنا كلانا بالإحراج ولم نقدّم أداء مميزاً. لذلك، قال لنا أرونوفسكي: إسمعا! إذا أحسنتما التمثيل، فلن نضطر إلى إعادته. أما إذا تمسكتما بترددكما وإحراجكما، فسنعيد التصوير 400 مرة».

تذكر كونيس أن أرونوفسكي وعدهما بألا يُطلع أحد على هذا الفيلم قبل بدء العرض، لئلا يُنشر هذا المشهد على الإنترنت. كذلك، صودرت هواتف طاقم العمل الخليوية كي لا يتمكنوا من التقاط أي صور.

تضيف كونيس، التي أمضت الأسابيع الأخيرة في الترويج لهذا الفيلم مع سائر فريق Black Swan، أنها انزعجت من كثرة الأسئلة التي انهالت عليها بشأن هذا المشهد الحميم. فقد أعلنت في إحدى المقابلات التي أجريت معها سابقاً: «من المؤسف أن يقترب مني الناس بعد مشاهدتهم الفيلم ليسألوني: هل انزعجت أثناء تصويرك هذا المشهد مع صديقتك ناتالي؟». كذلك، سأل الصحافيون كونيس وبورتمان عن دوريهما في فيلميهما المقبلين، اللذين يتناولان محوراً مماثلاً: العلاقات بين النساء (تشارك كونيس في فيلم Friends With Benefits وبورتمان في No Strings Attached). تفضّل هاتان الممثلتان أن يوجّه المشاهدون اهتمامهم إلى تفاصيل أخرى، مثل التدريب المضني الذي خضعتا له لتؤديا دور راقصتَي باليه محترفتين. ففيما كان الفيلم يصارع للانطلاق بسبب النقص في التمويل، أمضت بورتمان خمس إلى ثماني ساعات يومياً في التمرّن مع مدرّبة باليه. كذلك، حضرت صفوف الرياضة بانتظام، وكانت تسبح مسافة كيلومتر ونصف الكيلومتر يومياً. فضلاً عن ذلك، قللت من استهلاكها السعرات الحرارية ومارست تمارين شدّ العضلات.

تخبر بورتمان: «قد يُنكر أرونوفسكي ذلك، لكنه سألني: كم تستطيعين أن تخسري من وزنك من دون أن تمرضي؟». ويبدو أنها أخذت كلماته هذه على محمل الجد حتى أن المخرج شعر بالقلق بسبب شدة نحولها. يقرّ أرونوفسكي: «خلال تصويرنا مشاهد الباليه، رأيت أنها أصبحت نحيلة جداً. لذلك أرغمتها على تناول الطعام. شعرت بالخوف لأنها فقدت كثيراً من الوزن. فعندما تتأمل عالم الباليه، تُلاحظ أن الراقصات نحيلات الخصر، صغيرات القد. إلا أنني لم أرد تعريضها لأي أذى. لذلك، أمّنّا لها خبراء الصحة والتغذية الضروريين».

 إصابات

تتمتع بورتمان وكونيس بقامة قصيرة نحيلة، إلا أنهما خسرتا عشرة كيلوغرامات من وزنهما قبل بدء التصوير. تقول كونيس مازحةً: «صرت أشبه غولم»، تلك الشخصية الشديدة النحول والجاحظة العينين في سلسلة Lord of the Rings (سيد الخواتم). فقد بلغ وزنها 44 كيلوغراماً. توضح: «لم أخالف الحمية مطلقاً. لذلك، سُمح لي بتناول ما أشاء يوم عيد مولدي. فالتهمت المثلجات. خيّل إلي أن مدرّبة الباليه كانت تقول لي: هذه هديتك».

عانت كلتا الممثّلتين من إصابات خلال التصوير. فأذت بورتمان أحد أضلعها وخلعت كونيس كتفها ومزّقت اثنين من أربطتها. غير أنهما لم تتوقفا عن الرقص.

توضح ماري هيلين باورز، مدرّبة الرقص التي مرّنت بورتمان: «كانت تعيش حقاً حياة راقصة باليه بمختلف أوجهها نظراً إلى التمارين المضنية التي مارستها والتضحيات التي قدّمتها. التقينا في أيام كثيرة في الخامسة صباحاً وكانت تمضي 12 ساعة في التصوير، لتوافيني بعد ذلك إلى صالة الباليه أو النادي الرياضي. لم ترافق طاقم العمل في سهراته. شكّلت هذه تجربة عمل مختلفة بالنسبة إليها. وأعتقد أن هذه حقاً حياة الراقصة. يسلبك نمط الحياة هذا طاقتك الجسدية كلّها إلى حدّ تعجز معه عن مواصلة العيش بشكل طبيعي».

ظنّت بورتمان أن قواسم مشتركة كثيرة تجمع بين عالمَي التمثيل والرقص. لكنها تفاجأت عندما لاحظت الضغوط المهولة التي تتعرض لها راقصة الباليه. فتؤكد بورتمان أنها تحاول في السنوات الأخيرة التخلص من غرائز الحسد والغيرة التي تتملك كل ممثلة عندما تنافسها ممثلة شابة أخرى على دور ما.

تعزو بورتمان هذا التبدّل في نظرتها إلى التقدّم في العمر. وتتابع، متحدثةً عن ثقتها المتنامية بالنفس: «لا شك في أنني واجهت منافسة حادة. لكن الفرق اليوم، في رأيي، أنني أصبحت أعرف هويتي بالتحديد. يشبه هذا الوضع دخول المرأة مطعماً. فأول ما تقوم به تأمّل نظيراتها متسائلةً: مَن هي منافستي؟ لقد تخطيت هذه المرحلة. إذا بدا لي مخرج ما متردداً بيني وبين ممثلة أخرى، أقول له: لا تعلم مَن تريد. أما أنا، فأعرف مَن أكون وأحب شخصيتي هذه».

أثارت هذه الثقة بالنفس إعجاب باربرا هيرشي، التي تؤدي في الفيلم دور والدة نينا المتعجرفة والمتسلطة. تذكر هيرشي: «لم أتحلَّ في التاسعة والعشرين بالثقة ذاتها التي تتمتع بها ناتالي. حظيت هذه الشابة بإعجابي لأنها لطيفة ولا تتذمر البتة وتحسن معاملة الجميع. لا شك في أن هذا الفيلم ألقى على كاهلها عبئاً كبيراً. صحيح أن الممثلين كلهم يحلمون بأدوار مماثلة، إلا أن قلة منهم تستطيع حقاً الاضطلاع بهذه المهمة».

دفع أداء بورتمان هذا نقاداً كثراً إلى وضعها في أعلى قائمة الممثلات المرشحات لجائزة أوسكار. وهي رُشحت سابقاً لهذه الجائزة عن دورها المساند في فيلم Closer (أقرب) لمايك نيكولز عام 2004.

تخبر بورتمان: «حين كنت أتابع دراستي، لم أكن أتمتّع بالخبرات الكافية. لكن على رغم عملي في مجال التمثيل طوال 20 سنة، لم أنل الجوائز. لذلك، أعتقد بأنني محظوظة لأن هذا لم يكن في الحسبان».

ترعرعت هذه الممثلة في مواقع التصوير، إذ أدّت أول دور مميز لها في فيلم لوك بيسون The Professional (المحترف) وهي بعد في الثالثة عشرة من عمرها. حتى أنها لم تستطع التخلّي عن الانصياع لإرشادات الآخرين، إلا مع دخولها جامعة هارفارد. ففي تلك المرحلة، تؤكد بورتمان أنها وجدت شخصيتها الحقيقية. اضطرت بورتمان إلى الاعتماد على شخصيتها القوية هذه خلال أدائها دور نينا الفاتنة. فكان هذا الدور، في رأيها، أصعب من كل تمارين الرقص والتدريبات الرياضية. تذكر: «كنت طفلة مطيعة. وظللت على هذه الحالة فترة أطول من اللازم. فكنت أردد كثيراً كلمات، مثل نعم وشكراً وآسفة، حتى بعد تخطيّ مرحلة المراهقة. لذلك، عملت جاهدة للتخلّص منها. إذا رغبت اليوم في أمر مختلف، أعبّر عن رأيي بصراحة. أدرك أرونوفسكي ذات يوم أنه إذا قال لي في اللقطة الأخيرة: يمكنك فعل ما يحلو لك، فسيحصل على الأداء الأفضل».

back to top