مدير القومي للترجمة في مصر فيصل يونس: التطبيع الثقافي مع إسرائيل أمرٌ وارد

نشر في 01-05-2011 | 00:00
آخر تحديث 01-05-2011 | 00:00
فجَّر مدير «المركز القومي للترجمة» في مصر الدكتور فيصل يونس مفاجأة من العيار الثقيل في حواره مع «الجريدة»، إذ أعلن عن استعداده للتعاون المباشر مع الكيان الإسرائيلي في مجال الترجمات وتبادل الكتب، ويعد إعلانه مفاجأة لأنه يأتي مباشرة بعد ثورة يناير، واختياره مديراً جديداً للمركز القومي للترجمة خلفاً للدكتور جابر عصفور.

كيف تنظر إلى اختيارك مديراً للمركز القومي للترجمة عقب ثورة 25 يناير مباشرة؟

اختياري لهذا المنصب في هذه المرحلة التاريخية من عمر الوطن يلقي علينا مسؤوليات جديدة، ويحرّضنا على مواصلة العمل في المشاريع التي بدأناها سابقاً. والمركز حقق وجوده على الساحة الثقافية خلال السنوات الماضية، ويُعتبر أحد أغزر مراكز الترجمة في العالم العربي إنتاجاً وأهمها بنوعية الكتب المترجمة عنه، لأنه قائم على مبادئ غير ربحية، بالتالي يركّز على ترجمة الأعمال الفكرية ذات القيمة العالية.

اليوم، نتعمّق في هذه المبادئ، لا سيما بعد الثورة ونركّز أكثر على الكتب التي تعرض نماذج التنمية المختلفة في البلدان المختلفة والكتب التي تتحدث عن عمليات النهوض بالأمم، وعلى النظريات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المرتبطة بالتنمية.

ماذا عن خطة المركز للترجمة في المرحلة المقبلة؟

ثمة خطة محدّدة ترسمها هيئات المركز الاستشارية بصفة دورية، فتجتمع وتضع تصوراً أساسياً محدداً وهو الإكثار من ترجمة الأعمال الفكرية الرئيسة في التراث العالمي، كذلك نسعى إلى الترجمة من لغات غير تقليدية، فمعظم الترجمات في العالم العربي عن الإنكليزية ونحن نحاول التوسّع في الترجمة من لغات مثل الصينية واليابانية والكورية وغيرها.

ما معايير اختيار العناوين التي يتم ترجمتها؟

تنحصر المعايير في مدى أهمية تلك الكتب ومناسبتها للقارئ العربي واحتياجه بصرف النظر عن إمكان بيعها، فنحن نترجم الأعمال الكبرى في التراث البشري من دون النظر إلى عائدها. مثلاً، من قائمة الكتب المترجمة لدينا «أصل الأنواع» لداروين و{الإلياذة» ومسرحيات من التراث اليوناني، لأنه لا يليق ألا تُترجم هذه الأعمال إلى العربية.

إلى أي مدى يتأثّر نشاط الترجمة بسياسة الدولة الخارجية؟

في ضوء مشكلة مصر القائمة مع دول حوض النيل حول المياه، بدأنا منذ أشهر عدة تكوين لجنة من المستشارين لاختيار كتب لترجمتها، ذلك بعدما لاحظنا نقصاً شديداً جداً في المعرفة بأحوال وادي النيل المعاصر السياسية والاجتماعية والتاريخية. بالتالي، شكّلنا لجنة من الخبراء لتختار لنا عدداً من كتب تتناول هذه الجوانب في دول حوض وادي النيل.

ما تفسيرك لغياب هذا الاهتمام طوال فترة عمر المركز؟

عمر المركز ثلاث سنوات ونصف السنة، وثمة أعمال ترجمها مثل كتاب «نهر النيل» من حوالى سنة، لكن أزمة اتفاقية دول الحوض أضفت مزيداً من الاهتمام بهذا الموضوع وحين بحثنا لم نجد أدبيات جيدة تساعد القارئ سواء كان متخصصاً أو قارئاً عاماً على فهم ماذا يدور في هذا الجزء من العالم، فنحن لا نعرف شيئاً عن طبيعة بنية دول الحوض السياسية والاقتصادية ومدى حاجتها الى نهر النيل وعملية التنمية لديها.

أثارت الترجمة من العبرية التي قام بها المركز سابقاً سخطاً عارماً لدى المثقفين، كيف تنظر إلى ذلك؟

هذه مشكلة أتعشّم أن تزول، لأنها قائمة على أساس الفهم الخاطئ للترجمة من العبرية، وأعتقد أنه كلما زادت مشكلاتنا مع مجتمع أو كيان معين زادت حاجتنا إلى الترجمة عنه، لأنه كلما ترجمنا عنه أكثر زاد فهمنا له.

كيف تتم عملية الترجمة من العبرية اليوم في المركز الذي تترأسه؟

معلوم أن الترجمة من العبرية تتم عبر ناشر وسيط، لكن رأيي أنه لا مانع من التعاون مع دور نشر إسرائيلية مباشرة إذا اضطررنا إلى ذلك، وأنا طبعاً ملتزم بتوجهات الدولة الرسمية لكن لا مانع من الحصول على حقوق النشر أياً كانت الجهة المسؤولة عنها، لأن الفائدة التي ستعود من ترجمة أعمال إسرائيلية، خصوصاً تلك المعاصرة، أكبر من الضرر المترتب على التعاون المباشر مع دور النشر الإسرائيلية. أريد معرفة الفكر السياسي الإسرائيلي، وحياة هذا الشعب الاجتماعية وشكلها ونظامهم الاقتصادي.

تقصد أن هذه العملية تتم على أرضية رفض التطبيع وعلى طريقة «إعرف عدوك»؟

المفروض أنه إذا كانت بيننا وبين بلد ما مشكلة لا بد من أن نعرف عنه من مصادره الأساسية، والإسرائيليون ماهرون جداً في ترجمة كتبنا حتى حين كانت العلاقات مقطوعة وقبل اتفاقية «كامب ديفيد» كانوا يترجمون أعمالنا الفكرية أكثر من أعمالنا الأدبية، وأنت لا تستطيع في هذا العالم أن تدير صراعاً من دون أن تفهم الطرف الآخر، ولن تستطيع أن تفهم الأخير ما لم تحط بنتاجه الفكري أو الأدبي والعلمي والاجتماعي...

أشار تقرير للأمم المتحدة قبل حوالى 10 سنوات إلى أن ترجمات إسرائيل من اللغات الأجنبية عشرة أضعاف ترجمات العرب مجتمعين... ما رأيك؟

هذه كارثة. إننا لا نترجم كما ينبغي ولا نترجم الكميات التي يجب أن نترجمها. علينا أن نرفع الاعتبارات التجارية من معادلة الترجمة، لأنها حاجة استراتيجية، فلو ترجمت كتاباً ليقرأه باحث واحد ستحدث فائدة عظيمة جداً.

ما حجم مشاركة المركز في المعارض العربية والدولية؟

نشارك في معظم المعارض، إما بإسم المركز في المعارض المهمة، أو من خلال صندوق التنمية الثقافية، فهي الجهة المسؤولة عن توزيع منتجات وزارة الثقافة.

ما الذي يعنيه تحويل المجلس الأعلى للثقافة إلى هيئة مستقلة؟

أن يكون كما البرلمان يضع التشريع، ووزارة الثقافة تقوم بالتنفيذ. في هذه الحالة، يصبح هيئة للتخطيط الاستراتيجي والمراقبة، لذلك لا بد من أن يكون مستقلاً عن وزارة الثقافة.

هل ثمة عوائق تحول دون ذلك؟

نعم، فثمة مشكلة تتفاقم وهي إذا كن سنحوّل المجلس إلى جهة فنية فلا بد من توفير كوادر للمركز والكوادر المؤهلة لا بد من أن تحصل على أجور أفضل من الأجور السائدة الآن في الوزارة. بالتالي، نحن بحاجة إلى تمويل جيد لهذه الفكرة لتصبح فاعلة وإلا ستبقى مسألة شكلية.

هل يضع المركز مسألة الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى ضمن قائمة أولوياته؟

لا نُعنى بها راهناً لأسباب كثيرة، أهمها عدم وجود كوادر كافية لهذا النوع من الترجمة، وغياب وجود منافذ توزيع خارج مصر، فنحن بحاجة إلى اتفاقيات نشر مع دور نشر أجنبية وإمكاناتنا الراهنة تركّز أكثر على إفادة القارئ العربي بمنتجات الثقافة الأجنبية.

back to top