خذ وخل: طالبان في شارع النور!!


نشر في 10-01-2011
آخر تحديث 10-01-2011 | 00:01
 سليمان الفهد • ماذا تفعل حين تجد نفسك تتغير من فأر كُتب يقرضها حد البشمة، إلى «فأر تجارب» من قبل الروائي «حمدي أبوجليل» السالف ذكره في المقالة السابقة؟! فقد ألِف أن يلوذ بشقتي كلما تعسرت ولادة الفصل الذي يدبجه، في سياق روايته الجديدة! وأزعم أن ثمة تشابهاً بين حالة ولادة الأم لوليدها، وولادة المبدع لجنينه الإبداعي!

فثمة حالات مخاض، وتوحم، ومزاج مفعم بالقلق والتوجس وما إلى ذلك، مما تكابده المرأة الحبلى كما نخبرها كافة! فحالما يهجس «حمدي» بمحور روايته الجديدة، يكون العبد لله أول العارفين بسر الحمل، كما تفعل الحبلى حين تهرع إلى أمها لتخبرها بالأمر! بينما تطلق زخات متتالية من الزغاريد المموسقة بإيقاع الفرح و»الانشكاح» الأمومي المترع بالامتنان «للخالق» بديع السموات والأرض! ومن هنا تجده ما إن يتربع على كرسيه، حتى يشرع في ممارسة «الوحم» الوجداني الذي يكابده! فتراه يمسّد «الشيء» أو «البتاع»، كما يمسد المرء لحيته وشاربه دلالة على توتره، وتوسلا إلى استعادة توازنه النفسي! وكم حاولت ثنيه عن ممارسة هذه العادة الشاذة دون جدوى! ربما لأنها مستحوذة عليه إلى حد لا ينفع معه سوى الإخصاء! وكلما شاهدته يرتكب هذه الفعلة، تداعى إلى ذاكرتي رواية «أنا وهو» للروائي الإيطالي «ألبرتو مورافيا» الذي «سينمت» كل رواياته إلى أفلام سينمائية حظيت بالرواج والجماهيرية، ولذا لا داعي لذكر سبب التداعي!

ما علينا... الشاهد أنه يعقب حالة التمسيد إياها، بسرد نتف من عالم روايته، التي مابرحت في حالة التخلف، ولأن فضاءها خارج الحدود، وفي قطر عربي مجاور لمصر المحروسة، تجده حريصا على أن يتزود بالمعلومات عن الفترة الزمنية التي كابدها في هذا القطر العربي، المثير للجدل والالتباس والضجيج... و... و...

(العبارات المحذوفة عتمت ووئدت من قبل الرقيب الذاتي والمسموع والمقروء، فلزم التنويه!). والرقابة الذاتية لا تخص العبد لله وحده، بل إنها تنسحب على مبدع الرواية نفسه! لأن الأخيرة حرضته على وضع رأسه في فم «الأسد» والتحرش بعش الزنابير كما يستوجب الأمر فضاء الرواية وشخوصها، وكافة تفاصيل معمارها الفني الوارم يالعجب العجاب!!! والقارئ لبيب أريب ولا يحتاج إلى مذكرة تفسيرية تصادر قراءته للرواية!

• إن «حمدي أبو جليل» يعد في رأي النقاد، من أبرز مجايليه الروائيين من جيل عقد التسعينيات، وقد فاز منذ سنتين بجائزة نجيب محفوظ للرواية التي ابتدعتها الجامعة الأميركية بالقاهرة، وكان مرشحا لجائزة البوكر البريطانية، مع أنه يستأهل في ظني «الروليت الروسية» جزاءً وفاقا على غيته الوحشية القميئة السالف ذكرها!

وعوداً على بدء إلى وقائع حياة أخينا «الخيبان» في لبنان، أذكر أنه جاءني غاضبا كبعير «نجدي» أهانه أحدهم! سألته ما الخبر يا أخانا في التمر وحليب «الخلفات» وغيرهما؟!

قال- والغضب يومض في بؤبؤ عينيه-: شوف «يا عم سليمان» عقدي مع «دار الساقي» لطباعة روايتي «الفاعل»، ومن ثم أشار إلى فقرة زنَّرها بعلامات تعجب ورفض واحتجاج؛ لما تنطوي عليه من ممنوعات تليق بدولة «طالبان» لا «دار الساقي»، المعروفة بخطها المستنير وإصداراتها الجيدة الجادة في شتى مناحي المعرفة!!

وأردف قائلا: قسما بالله ثلاثا، فضلا عن الحلف برأس «أم أحمد أبو جليل» لئن لم تحذف «الساقي» الفقرة السيئة السمعة لأغادرن بيروت تواً، ولو على ظهر حمار حرون! وامتثلت الدار لغضبته المضرية الحامية الوطيس دون تردد! وأياً كانت المبررات التي دفعت المستشار القانوني للدار إلى تدبيج هذه الفقرة اللعينة، لا يمكن لمبدع يحترم ذاته وإبداعه الرضوخ لها البتة لاسيما أن الفقرة ذاتها تخاصم كل إصدارات الدار السابقة والحالية فضلا عن اللاحقة، المعروفة بنهجها المشرع على الجهات الأربع، بمنأى عن أي قيود وممنوعات تصادر حق الكاتب في البوح برأيه ورؤيته.

ومن الطريف أن سفارة الدولة العربية التي تجري الرواية القادمة في بعض مدنها، دأبت في الشهور الأخيرة على سؤال بعض أصدقاء الروائي عما إذا كانت الرواية صدرت أم مازالت في طور التخلق! الأمر الذي يشي بأنها– الرواية– ستنفد من الأسواق في ساعات قليلة ليحظى صاحبنا باقتحام مجال «موسوعة غينس» للأرقام القياسية؛ ليتربع على مقعد أول روائي في العالم تنفد روايته الجديدة في غمضة عين، قبل أن يرتد إليه طرفه!! ولا بأس على الرواية الاختفاء من المكتبات؛ مادام الروائي نفسه حاضرا يدب على أرض الكنانة!!

back to top