مذكرات طالب... يوميّات مدرسيّة لطالب متفوّق

نشر في 09-05-2011 | 00:00
آخر تحديث 09-05-2011 | 00:00
تفاجئنا «الدار العربية للعلوم ناشرون» من حينٍ إلى آخر بإصدارات لا تخلو من الدهشة سواء في الشكل أو في المضمون. وفي «مذكرات طالب» يدوّن الفتى يومياته على أوراق مسطّرة تتخللها رسوم متحرّكة تنعش النص وتضفي عليه جمالاً.
لا مقدّمة للكتاب تفيدنا في أي عمر وضعه الكاتب والرسام جيف كيني! هل كتبه بعدما كبر نقلاً عن يومياته وهو على مقعد الصفوف المتوسطة، أم أنه مجرّد تصوّرات تخيّلها الكاتب ناسبًا إيّاها الى الطالب غريغ؟

لم يرغب غريغ في تسمية كتابه مذكرات، فقد أراده أن يكون يوميّات. والفكرة أيضًا لم تكن فكرته بل فكرة أمّه. هذا ما دوّنه في أوّل ثلاثاء من شهر سبتمبر (أيلول)، وما دفعه إلى قبول تلك الفكرة هو أنه حين يصبح ثريًّا ومشهورًا في المستقبل، ستكون لديه أمور يفعلها أهم من الإجابة عن أسئلة الناس السخيفة طوال النهار. لذلك سيكون هذا الكتاب مفيدًا في الإجابة بدلاً عنه.

والآن، لنقتفِ خطوات هذا الطالب النجيب ونطّلع على مدوّناته انطلاقًا من شهر افتتاح المدارس وعودة الطلاب إلى مقاعدهم.

سبتمبر

«سأكون مشهورًا يومًا ما. ولكن في الوقت الحاضر أنا عالق في المدرسة المتوسطة مع حفنة من الأغبياء». هذا هو انطباع الطالب الذي لم يكتمل نموه بعد، جالسًا مع مجموعة من «الغوريلات» التي تحتاج إلى حلاقة ذقونها مرتين في اليوم.

«أجد صعوبة بالغة في الاعتياد على فكرة انتهاء الصيف، والنهوض من السرير كل صباح للذهاب إلى المدرسة». وبداية هذا الصيف لم تكن مشجعة، فبعد يومين من بداية العطلة أيقظه أخوه رودريك في منتصف الليل قائلاً له: يكفي! لقد نمت الصيف بكامله، فهيّا إلى المدرسة. نظر حوله فرأى رودريك يرتدي زيّ المدرسة وقد قدّم توقيت المنبّه حتى يبدو وكأنه في الصباح، كذلك أغلق ستائر الغرفة كي لا يتمكّن هو من رؤية الظلام في الخارج.

انطلت الحيلة على غريغ فارتدى ملابسه وذهب ليعدّ لنفسه فطورًا كما يفعل صباح كل يوم مدرسي. وفجأة سمع صوت والده يؤنّبه كيف يتناول رقائق الحبوب في الثالثة بعد منتصف الليل! وبعد دقيقة فهم أن رودريك نصب له فخًا. توجّه مع أبيه إلى غرفة رودريك لمعاقبته فوجداه يغطّ في نوم عميق!

لننتقل الآن مع غريغ كي نقرأ نموذجًا آخر من مدوناته الممتعة في شهر أكتوبر (تشرين الأول).

أكتوبر

في بداية هذا الشهر سيُفتتح البيت المسكون بالعفاريت في مدرسة كروسلاند الثانوية، واستطاع غريغ إقناع أمه بأخذه مع صديقه راولي إلى هناك.

ما إن عبر الصديقان الباب حتى توالت المشاهد المرعبة من كل حدب وصوب: مصّاصو دماء وأناس بلا رؤوس وأشياء جنونية من كل الأشكال والألوان.

هذا البيت المسكون دفع غريغ إلى التفكير. وقد تقاضى الشباب خمسة دولارات على الشخص وامتدّ الطابور المنتظر حول نصف المدرسة. فقرّر أن يصنع بيتًا مسكونًا بمساعدة صديقه.

وضعا المخطط في قبو منزل رولي وكان يحتوي على حفرة عميقة الغور وبحيرة دماء وقاعة الصراخ وزلاقة الموت ومتاهة الألف جمجمة، وبدا أفضل بكثير من بيت كروسلاند المسكون. ولم يعد ينقص سوى الإعلان عن الوقت المحدّد، فأعدّا الملصقات للدعاية وجعلا أجرة الدخول دولارين...

نوفمبر

يواجه غريغ في هذا الشهر حدثين هامّين. الأول تشكيل فرقة مصارعة في المدرسة، فاستأجر لعبتي فيديو ليتعلم بعض الحركات. وبما أنه أخفّ الأولاد وزنًا في الصفّ أدرك أن عليه زيادة وزنه باكتسابه بعض العضلات، فذهب إلى المطبخ وأفرغ مستوعبي الحليب وعصير البرتقال، ثم ملأهما بالرمل، وعلّق كل مستوعب بأحد طرفي عصا الممسحة فأصبحت لديه أداة لائقة لرفع الأثقال. بعد ذلك صنع منضدة لرفع الأثقال من طاولة كيّ وبعض الصناديق، فأصبح كل شيء جاهزًا لممارسة التمارين.

أما الحدث الثاني فهو المشاركة في مسرحية الشتاء «ساحر أوز». وكان يتمنى ألا تختاره المعلمة لكن أمنيته لم تتحقق، فسجّل اسمه لدور شجرة، لأن الشجرة لا تغني في المسرحية، وما كان عليه سوى نطق كلمة واحدة في المسرحية كلها، فيقول «آي» عندما تقطف دوروثي تفاحة عن غصن الشجرة، وهل يصعب على أحد أن ينسى دوره عندما لا يكون لديه سوى كلمة واحدة لينطقها؟

ديسمبر

وقع الناشر في خطأ طباعي في هذا الفصل فجعل عنوانه «كانون الثاني» (يناير) والصواب هو «كانون الأول» (ديسمبر) (ص109)، لكن هذا الخطأ لا ينفي المتعة في متابعة يوميات طالبنا.

شهر ديسمبر هو شهر الأعياد وانتظار الهدايا التي يتمنى الأولاد الحصول عليها. وثمة عادة تقتضي بأن تعلّق هدية لأحد المحتاجين، فذهب غريغ مع أمه لشرائها واختارت سترة صوفية حمراء. حاول إقناعها بشراء شيء أكثر روعة كتلفاز مثلاً لكنها لم توافق، وطلب منها أن تشتري له لعبة فيديو «الساحر الماكر».

في أمسية العيد مزّق غريغ غلاف العلبة وسحب هديته. إلا أنها لم تكن لعبة «الساحر الماكر» بل سترة صوفية حمراء. وظنّ في البداية أن أمّه تمزح معه لأنها اشترت هذه السترة هدية لأحد المحتاجين، غير أنها بدت بدورها مرتبكة جدًّا ولا بدّ من أن خطأ ما قد حصل. وانتبهت إلى أنها استعملت نوع الورق نفسه لتغليف الهديتين وأخطأت في كتابة الإسمين على البطاقتين. ولكي تبرّر ما فعلت قالت إن المحتاج سيفرح كثيرًا بهذه اللعبة، لكنها نسيت أنه يحتاج إلى جهاز ألعاب فيديو وتلفاز ليلعب بها.

يناير

كان على غريغ في مطلع هذا الشهر إنهاء رسائل الشكر للأهل والأصحاب الذين بعثوا الهدايا إليه لمناسبة الأعياد. اعتقد غريغ أن مهمة كتابة الرسائل عملية سهلة ستنتهي بعد نصف ساعة. ولكن، عندما جلس لكتابتها أصبح عقله فارغًا، وخصوصًا أن تلك الهدايا لم يكن يريدها أصلاً.

توقف غريغ متسائلاً: لماذا لا أكتب استمارة عامة للجميع وأترك بعض الفراغ للأسماء وأنواع الهدايا التي تحتاج إلى تغيير؟ وقام إلى الحاسوب يطبع الاستمارة، وبعد ذلك أصبحت كتابة بطاقات الشكر سهلة جدًّا.

فبراير

أطلّ شهر الثلوج الذي غالبًا ما تقفل فيه المدارس أبوابها لقسوة البرد واشتداد الريح. وكان غريغ يحلم ببناء أكبر رجل ثلج في العالم لدخول «كتاب غينيس للأرقام القياسية». فاتصل بصديقه راولي وشرعا ببناء كرة ثلج تعلو ثماني أقدام لتصبح قاعدة للرجل الثلجي.

كان الصديقان يدحرجان الكرة لتلتقط مزيدًا من الثلج، فأصبحت ثقيلة جدًا، وأضناهما التعب فتركاها في مدخل الحديقة وذهبا ليستريحا. وإذا بأولاد الحيّ المجاور يتسلّقون التلة ويستعملونها قاعدة للتزلج. وما زاد الأمر سوءًا أنّ الحرارة ارتفعت وبدأ الثلج في الذوبان.

ويمضي الطالب غريغ في سرد يومياته المحببة حتى الشهر الأخير من عامه الدراسي بأسلوب سهل وممتع ينتشلنا من واقعنا الراهن ليعود بنا إلى أيام الحداثة، أيام الشقاوة والطرافة والزمن الجميل.

back to top