التنمية والقيادة ولعبة الساسة

نشر في 08-10-2010
آخر تحديث 08-10-2010 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي قال تعالى: «وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» (85) هود.

اتسعت دائرة النواب المعارضين لسياسة الحكومة في الفترة الأخيرة باتهامها بالتخبط في معالجة ملف المناصب القيادية، وإنها تصرح بشيء وتعمل بشيء آخر، وشاهدهم على ذلك انحياز الحكومة لسياسة الترضيات وجبر الخواطر في شغل المناصب القيادية، وعدم اعتمادها على الكفاءات، لذا لا تجد قياديا إلا طاله النقد لكثرة الأخطاء التي يمارسها من جراء قلة الإمكانات الفنية والإدارية، لأن أصل اختياره تم بعيدا عن أهم ركائز التنمية البشرية التي نسمع عنها ولا نراها في مؤسساتنا الحكومية، بل الأمر تعداها إلى القطاع الخاص، فأذنك وخشمك وكوتا تقسم المناصب القيادية التي تتسابق التكتلات السياسية والحزبية والمذهبية والطبقية على اقتسامها تحت مسمى العدالة الاجتماعية كانت السبب الرئيس في إضعاف العمل المؤسسي وما ترتب عليه من فساد إداري ومالي.

وإمعانا في إخلال ميزان المفاضلة ترى التدخل السافر من السلطة التشريعية يتجلى في أبشع صوره، فتارة تجدهم يتحدثون عن ضخ الدماء الجديدة وإعطاء الشباب فرصة لتبوء المناصب القيادية ثم الكيل بمكيالين بتلميع من أكل وشرب عليهم الدهر بذريعة تسرب الخبرات، وفي كلا الحالتين يقدمون مصالحهم على مصلحة الوطن، ثم إن هذه الازدواجية وضعت الوزراء تحت رحمة عقلية المواءمة السياسية ليقفل ملف الكفاءة والتقييم عن بكرة أبيه، فالوزير غير قادر على إدارة وزارته أو مواجهة أولئك المتنفذين.

الوصول إلى حالة التذمر لم يقتصر على من وقع في فخ تلك المعادلة إلا أن الأمر أخذ منحى آخر، ومن خلال براءة ديوان الخدمة عبر مصدر موثوق، كما عنونته جريدة «الرأي» إزاء ما صدر من قرارات مجلس الوزراء الأخيرة دون أن يأخذ رأي الديوان كجهة اختصاص، واستغرابه أيضا من لجوء الحكومة إلى تشكيل لجنة وزارية لعرض المرشحين للمناصب القيادية في الدولة.

كما اعترض ديوان الخدمة على عدم الأخذ برأيه في استحقاق البعض من التجديد أو التعيين دون اجتيازهم شروط الديوان كما حصل في التعيينات الأخيرة لاعتبارات بعيدة عن المهنية، أو لمن جدد لهم أكثر من مرة، فتصريح مجلس الوزراء بعدم التجديد لمن مضى في منصبه لأكثر من ثماني سنوات ذهب وسيذهب هو الآخر أدراج الرياح من خلال تلك اللجنة.

مقولة «الرجل المناسب في المكان المناسب» مللنا منها لأنها عنصرية بتمييزها الرجل عن المرأة، وثانيا لأن «الواسطة لاعبة فيها لعب»، وعليه نستبدلها بـ»معايير المفاضلة» علها تمر كمفهوم مستقل يقوم على فرز ملفات شاغلي المناصب القيادية لرصد من تنطبق عليهم شروط الاختيار بتصنيف المتقدمين على حسب الكفاءة عبر نقاط تجمع في جدول يحاكي المستوى التعليمي، والخبرة السابقة، والاستعداد البدني والذهني، وقوة الشخصية، والعمر، ثم تبدأ المقابلة الشخصية لاستبعاد الأفراد الذين لا تتوافر فيهم الشروط اللازمة للتعيين كشرط (حسن السير والسلوك- أحكام جنائية- الفصل من الخدمة- اجتياز الاختبارات الوظيفية- الإنجازات السابقة- اللياقة الصحية) ليعين من يحصل على أعلى درجة.

نقطة أخيرة في غاية الوضوح استمرار الحكومة في توزيع المناصب الإدارية تبعا لتلك الكوتا الظالمة غيّب عن عمد الكفاءات الوطنية، وأضاع أبسط مفاهيم قواعد المفاضلة، وأوجد التفرقة بين المواطنين، وأضاع حقوق البعض.

ودمتم سالمين.

back to top