«عدو الاختلاط الأول» يساهم في تأليف المناهج السعودية

نشر في 26-09-2010
آخر تحديث 26-09-2010 | 00:06
يوسف الأحمد أستاذ جامعي سماه مخالفوه «مفتي هدم الحرم»
لا شيء يشغل السعوديين هذه الأيام كاكتشاف أحدهم مصادفة، عشية اليوم الوطني السعودي، قبل بضعة أيام، أن أحد مؤلفي منهج الفقه والسلوك لطلاب الصف الرابع الابتدائي حتى المرحلة المتوسطة، هو الدكتور يوسف الأحمد!

وانتشرت رسالة بين هواتف الليبراليين خاصة، تقول بسخرية: "أبشروا فمفتي (هدم الحرم) هو من سيربي أولادكم"، تعليقاً على الخبر، الذي حوّل وزارة التربية والتعليم إلى حالة استنفار، فصدر قرار بمنع تدريس الكتاب، وضرورة إعادة نُسخه إلى إدارات التعليم، ثم صدر قرار إلحاقي بعد أقل من يوم، بإمضاء التوزيع.

المتحدث باسم الوزارة أكد أن "مقررات العلوم الشرعية تعتمد على ما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما جاء بالاتفاق من أقوال العلماء الثابتة في أصول الكتب المختصة، وليس لأي مشارك في التأليف تضمين الكتاب آراءه الشخصية في موضوعات المقرر بأي حال من الأحوال، والوزارة لا تعنيها الآراء الشخصية للمؤلفين والمراجعين خارج سياق المقررات الدراسية".

غير أن المفارقة اللافتة هي أن الدكتور الأحمد، عضو هيئة التدريس في قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كان استنكر الدعوة إلى دمج الطلاب والطالبات في الصفوف الأولية والسماح للمعلمات بتدريس الطلاب، إذ رفع في مايو الماضي دعوى قضائية أمام ديوان المظالم تتضمن الطعن في قرار وزارة التربية والتعليم المتضمن موافقتها على تدريس المعلمات الطلاب الذكور للصفوف الأول والثاني والثالث الابتدائي، معتبراً أنه "يحقق المشروع الليبرالي بتطبيع الاختلاط المحرم، وإشاعته في التعليم بالتدرج".

قبل سنوات قليلة ماضية، لم تكن شخصية الدكتور الأحمد معروفة عند خاصة السعوديين قبل عامتهم، لو لم يكن فاعلاً في كثير من الجدل الدائر في السعودية بين التيارات، لكنه اليوم بات شخصية شهيرة، فالذين يخالفونه في التوجه باتوا يسمونه "مفتي هدم الحرم"، في إشارة إلى أقوى الأحداث التي أظهرت الأحمد لعامة الناس.

لا يُعرف تحديداً أول موقف قوي أظهر شخصية الدكتور الأحمد للساحة، وإن كان يعتقد أن مطالبته بمحاكمة الوليدين، الأمير الوليد بن طلال، مالك قنوات "روتانا"، والشيخ الوليد الإبراهيم، مالك قنوات "mbc"، في تصريحات احتج بها الأحمد على ما تعرضه قنواتهما، واعتبره تغريبياً يساهم في إفساد بيوت المسلمين.

وكان الأحمد اعتبر أن وزارة التربية والتعليم ترضخ لمعالم المشروع التغريبي في البلاد، بداية من تعيين الدكتورة نورة الفايز نائبة للوزير، في وزارة يرى الأحمد أنها يجب أن تخلو من "الاختلاط"، حتى في المناصب.

"الاختلاط" كان المظلة الرئيسية التي يتخذ منها الأحمد ذريعة لمواجهة خصومه، في مواقف عادة ما تحدث دوياً، وكان أبرزها مطالبة الشيخ المثير للجدل، بهدم المسجد الحرام وإعادة بنائه مكوناً من عشرات الطوابق للطواف، وفصل طوابق النساء عن طوابق الرجال درءاً للاختلاط الممنوع برأيه.

شن كُتاب الصحف هجوماً في زواياهم على هذا الموقف الغريب للأحمد، فعاد ليبين أن عبارة "هدم الحرم" التقطت عنوة من مداخلته في أحد البرامج، وأنه لا يقصد إلا هدم البناء العثماني (المصابيح العثمانية)، وإقامة طوابق متعددة، توسع على المسلمين، مُعتبراً أن الكُتّاب الذين هاجموه ينطلقون من منطلقات مشبوهة، مهدداً بمقاضاة جريدة "الوطن" السعودية تحديداً وبضعة كتاب علقوا منتقدين رأيه، لكن الكتاب عادوا ليؤكدوا أنه قال بالنص ما استمع إليه الآلاف: "ما دام عندنا المقدرة ليه ما نهدم المسجد ونعيد بناءه عشرة أدوار ويخصص 3 أدوار للنساء ودور لذوي الاحتياجات الخاصة ويزود بالسلالم الكهربائية..."!

أحد انتقادات الدكتور الأحمد للكُتاب، أنهم وصفوه بالمدرس السابق بكلية الشريعة، ففاصلهم بأنه لا يزال مدرساً في الكلية. وفي الوقت الذي استغرب البعض بقاء الرجل في وظيفة تعليمية، وهو يواصل احتجاجاته على مشاريع يتبناها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مثل جامعة "كاوست"، فإن آخرين اعتبروا ذلك مؤشراً على انفتاح وحرية تعيشها السعودية، فالاختلاف حتى مع المشاريع الملكية لا يقتضي الإقصاء والإبعاد من العمل.

وإثر قرار الملك عبدالله تنظيم الفتوى، تردد في بعض الأوساط أن مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، استدعى الأحمد، ليبلغه منعه من الفتوى، لكن الأحمد انبرى ليؤكد أن منعه من الظهور التلفزيوني أو الإفتاء العلني من قِبل المفتي "كذب لا أصل له".

وكان يوسف الأحمد قاد حملة لمقاطعة سلسلة أسواق تجارية قررت توظيف نساء سعوديات في وظيفة "كاشير"، وأفتى بحرمة عمل المرأة في وظيفة محاسبة "أو ما يعرف بالكاشير"، مؤكداً "لدي تصريح رسمي من الجهات الرسمية في السعودية، من وزارة الداخلية وإمارة منطقة الرياض ووزارة الشؤون الإسلامية، بالدروس العلمية والمحاضرات، وقبل ذلك الشهادة العلمية العالية (الدكتوراه) في علم الفقه، ولا تزال دروسي في المساجد قائمة منذ عشرين عاماً، وكثير منها مسجل ونشر في القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، كموقع ليث الإسلامي المتخصص في الدروس العلمية، ويتابعها طلاب العلم من شتى دول العالم".

وعندما أقامت جدة حفلاً لتكريم المتطوعين والمتطوعات المشاركين في إغاثة متضرري السيول، أفتى الأحمد بتحريم ذلك، مشدداً على "أن هذا الاحتفال محرم لما فيه من ابتذال المرأة، وإهانتها والتغرير بها واستدراجها إلى الأعمال المحرمة، وأخذ التوجيه من ساسة النصارى وأعداء الإسلام والتبجح بذلك في الاحتفال وإقراره".

ولأن معرض الكتاب السنوي في الرياض، ميدان من أهم ميادين السجال والجدل بين التيارات في السعودية، فقد كان الدكتور الأحمد يقود في كل معرض منذ سنوات مجموعة من تلاميذه المحتسبين، لإنكار بيع الكتب التي يراها مخالفة، ولنصح النساء اللاتي يختلطن مع الرجال، أو يكشفن وجوههن في المعرض، ما دفع الكاتب السعودي خلف الحربي إلى أن يصفه في مقاله اليومي بجريدة "عكاظ" بأنه "الجنرال يوسف الأحمد، قائد مظلات الاحتساب".

back to top