على «جبل قنديل» في ضيافة قيادي حزب PKK بوزان تكين: «العمال» الكردستاني راغب في السلام... والمعضل يكمن في الغطرسة التركية

نشر في 06-10-2010 | 00:01
آخر تحديث 06-10-2010 | 00:01
خاضت «الجريدة» مغامرة الصعود إلى جبل قنديل تلك المنطقة الوعرة المسالك التي تمتد فيها الجبال من الشرق إلى الغرب على شكل سلاسل جبلية تتناقص ارتفاعاتها من الشرق في اتجاه الغرب، وتتخلل هذه السلاسل وديان سحيقة ومنخفضات ومنحدرات حادة عديدة تميز طبوغرافيتها عن بقية أقاليم كردستان وتجعلها ملاذاً يحتمي فيه مسلحو «حزب العمال الكردستاني».

منطقة قنديل يصعب الوصول إليها، وتبدو تضاريسها الجبلية ذات ألسنة متطاولة ومتوازية، وكان علينا لكي نصل إليها، أن نحصل على إجراء ترتيبات واتصالات للحصول على موافقة السلطات الأمنية لإقليم كردستان العراق، ومن ثم الاتصال بمندوب «حزب العمال الكردستاني» المولج بترتيب مثل تلك النوعية من الزيارات، ولابد من «توصية» طرف وسيط للموافقة على الزيارة.

يعرف الوسيط عني الكثير وتم التفاهم والاتفاق على برنامج الزيارة وترتيباتها، فما كان علي سوى الانتظار لحين تلقي اتصال هاتفي يحدد الموعد، وفي السابعة صباحاً تلقيت المكالمة المرتقبة: «عليك أن تكون جاهزاً فنحن في طريقنا إليك».

بعد ثلاث ساعات انتظار مضنية تبدأ الرحلة باتجاه قنديل، ليبادر السائق بالسؤال إذا ما كان لديك آلة تصوير، يلتقطها منك سريعا ويخفيها داخل السيارة، حتى لا تلفت أنظار الحواجز الأمنية التي لديها أوامر صارمة بعدم السماح للصحافيين بالوصول إلى المنطقة، تعلمه بحصولك على موافقة مسبقة لزيارة المنطقة، فيبادر بلغة عربية ركيكة بلهجة عراقية: «هدولا حكومة بروحهم أستاذ».

كان علينا قطع ثلاث نقاط أمنية قبل الوصول إلى المنطقة التي تقع تحت سيطرة حزب «العمال»، نقطعها بسلام ونصل إلى منطقة شديدة الوعورة يصعب التحرك فيها بوسائل النقل الحديث، لتتوقف مهمة السيارة عند هذا الحد، وينزل الجميع ونبدأ في الترجل مسافة ليست بالقصيرة حتى وصلنا إلى أحد بيوت أهالي المنطقة التي يستخدمها الحزب لإجراء المقابلات فيه.

بعد ساعتين من الانتظار دخل علينا المسؤول مع مجموعة من البشمركة «الأنصار» مبادراً بالاعتذار ومفسراً أسباب تأخيره بأنه كان في منطقة نائية على الحدود الإيرانية حيث المناطق وعرة يصعب التحرك والتنقل فيها بيسر، وما هي إلا لحظات سريعة حتى بادر فيها المسؤول الإعلامي بتعريفنا على مسؤول حزب العمال الكردستاني إنه الأخ بوزان تكين عضو مجلس قيادة، ونائب قائد منظومة «مجتمع كردستان»، وهو الاسم الذي يعمل تحته «حزب العمال الكردستاني»، وقد أمضى عشرين عاما في السجون التركية بسبب مواقفه النضالية، وأطلق سراحه عام 2003، بيد أنه عاد بعد شهور قليلة للالتحاق بقواعد الحزب في قنديل.

فلسفة القائد

•  التقطت طرف الحديث مع الأخ بوزان تكين عائداً به إلى نهاية التسعينيات من القرن الماضي ومتسائلاً: ما هي الخلفيات التي أحاطت بمغادرة عبدالله أوغلان لسورية؟ ولماذا لم ينضم إلى مقاتليه في الجبال؟

- أولاً، علينا الاعتراف أن لسورية جميلاً كبيراً على "حزب العمال الكردستاني"، فهي احتضنت الحزب لمدة 20 سنة، وقدم لنا الرئيس الراحل حافظ الأسد كل الاحتضان، عندما قررت تركيا حشر سورية، قرر القائد عبدالله أوغلان عدم تعريض أمن سورية للخطر والرحيل عنها.

في ذلك الوقت كُلّف نائب الرئيس عبد الحليم خدام بإبلاغنا بقرار إخراجنا من سورية، فدعا القائد أوغلان إلى لقائه، وعندما سئل خدام عن تقديراته لخطورة التهديدات التركية لسورية، فأجابه بأنها جدية وأن الحكومة التركية لن تتردد في مهاجمة سورية، وقتها بادر أوغلان قائلاً إن رحيله عن سورية صار ضرورة لحماية الأمن القومي السوري.

أما لماذا ليس إلى الجبال بل إلى روسيا، فذلك الموضوع جرى نقاش مستفيض بشأنه في القيادة، وكان القائد يخشى من أن تبادر تركيا بشن حرب إبادة تستعمل فيها حتى الأسلحة المحرمة للنيل منه على غرار ما جرى في "حلبجة" العراقية، فلم يرغب في أن يتسبب في إبادة عشرات آلاف من قوات الأنصار "البشمركة" المتحصنين بالجبال، فهو موقف يجسد فلسفة قائد نبيل يرعى رجاله ويخشى إهراق دمهم هباء.

الشقيق الخائن

•  كيف هي علاقاتكم مع سورية اليوم؟

- نحن نكن دائماً كل الود لسورية ونتذكر احتضانها لنا إلا أنه ليس هناك أي علاقات حالياً، وعلينا واقعياً أن نفصل عهد الرئيس حافظ الأسد عن عهد الرئيس بشار، فعهد الرئيس حافظ الأسد امتاز بالالتزام المبدئي تجاه حلفائه وقضايا المنطقة، أما الرئيس بشار فهو براغماتي وتحالفاته تتبدل حسب مصالحه العليا، وجرى أخيراً تسليم الكثير من رفاقنا إلى تركيا لكسب ود أنقرة، حتى إيران تخلت عنا لترتيب مصالحها مع تركيا.

•  عثمان أوغلان شقيق عبدالله أوغلان أين موقعه في الحزب؟ ولماذا أُبعد؟

- في كل حركات التحرر العالمية هناك خطان متوازيان، الخط الوطني التحرري، وخط الخيانة والميوعة الثورية والاستسلام، يؤسفنا أن نعلن أن عثمان مثل لحركتنا الخط التآمري، فهو أراد من خلال موقعه الحزبي بالتعاون مع بعض التنظيمات الكردية تصفية الحركة والحزب، ولقد تم تضخيم حجمه لمساعدته في مهمته، إلا أن يقظتنا الثورية، وتواصلنا مع القائد عبدالله أوغلان منعا تلك المؤامرة، وهو الآن خارج الحزب والحركة وموجود في شمال العراق.

•  حزب العمال اتجه من استراتيجية التحرير لكل التراب الكردستاني إلى مطالب توصف بأقل من حكم ذاتي... لماذا هذا التراجع والانحسار لسقف المطالبات؟

- كيف تبنى الاستراتيجيات عادة؟ إنها تبنى استناداً إلى الظروف الموضوعية والذاتية والإمكانات المتاحة. عند انطلاق حركتنا كان هناك عالم محكوم بمعسكرين رأسمالي واشتراكي، وكانت تحالفاتنا تمتد من سورية إلى الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية والثورة الكوبية ومنظمة التحرير الفلسطينية، أما اليوم فنحن نعيش في عالم آحادي القطب يقرر بمفرده، لذلك علينا أن نكون واقعيين ونعي ما نعمل، وينبغي أن يكون سقف مطالبنا واقعياً.

أوغلان مسالماً

•  هل جاءت مبادرة الحزب بوقف إطلاق النار من جانب واحد في إطار هذه الواقعية؟

- أولاً، هذا ليس وقف إطلاق النار الأول لنا، فمنذ عام 1993 أوقفنا النار ست مرات في أعوام 1993، و1997، و1999، و2000، و2006، ومارس 2009، وأغسطس 2010، (وعقب إجراء الحوار وفي 30 سبتمبر أعلن الرئيس التنفيذي لحزب العمال الكردستاني PKK، مراد قريلان، أن الحزب قرر تمديد وقف إطلاق النار مع الحكومة التركية إلى أجل غير مسمى على أن يراجع القرار بعد تقييم الأوضاع بعد شهر من هذا الإعلان)، وهذا خير دليل على رغبتنا في السلام.

المشكلة الحقيقة تكمن في غطرسة الحكومة التركية وعدم رغبتها في التفاوض معنا، ولكن هذه المرة أتى طلب وقف إطلاق النار من الحكومة التركية عبر القائد أوغلان، حيث طلبوا منه في سجنه لعب دور في هذا الإطار، وهو أرسل لنا عبر محاميه للعمل على ذلك... وربما ينكر الأتراك هذا الموضوع في الإعلام لبعض الوقت، لكنهم  يعلمون أنهم قد قاموا بهذا الطلب، وسيعترفون به إن آجلاً أو عاجلاً.

•  ما هي مطالبكم الرئيسية؟

- يعتبر الشعب الكردي من أقدم شعوب المنطقة، فبعد تجزئة كردستان أمست القضية الكردية والديمقراطية المشكلتين البارزتين والأساسيتين في المنطقة، ومازالت هذه المشكلة مستمرة حتى يومنا. لذلك نرى أن الحل الديمقراطي للقضية الكردية سيخدم التطور والديمقراطية في تركيا، وسيؤدي إلى تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، بينما سيؤدي الإنكار الكلاسيكي وسياسة التحايل والكذب والخداع والمشاريع المزيفة إلى خسائر فادحة، وإلى مزيد من ذرف الدموع وسفك الدماء للشعبين الكردي والتركي.

تجاهل الأكراد

•  ماذا تتوقعون أن يحقق وقف إطلاق النار؟

- من المفترض أن يمهد وقف إطلاق النار لإطلاق المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة بين الحزب والحكومة التركية.

لكن... لاحظ معي أن حكومة حزب العدالة والتنمية، بدلا من أن تضع في جدول أعمالها سن دستور ديمقراطي معاصر، تعمل على تكريس وإحياء روح وجوهر دستور الانقلاب العسكري الذي وضع في 12  سبتمبر لعام 1980، دون التوجه نحو أي تغيير يذكر.

فهي لم تذكر المادة (26) من الدستور ولا التغييرات المقترحة لها، أي حقوق للشعب الكردي بأي حال من الأحول، فالدستور التركي يتجاهل الشعب الكردي، ولا يسمح حتى بالنقاش حول أي مادة من مواد الدستور. وهذا يظهر أن نواياهم ليست في اتجاه حل القضية.

ولا شك في أن تجاهل الدستور لحقوق ما يزيد على 20 مليوناً من شعبنا، لن يؤدي إلى الديمقراطية، فتلك حقوق كان من الواجب أن يكرسها الدستور، لذلك لا يمكن الحديث عن تركيا ديمقراطية ما لم تتوافر لدى الدولة التركية وحكومة "حزب العدالة والتنمية" نوايا بالاعتراف بالشعب الكردي، فعدم الاعتراف يعني انصهار الكرد ضمن القومية التركية وذوبانهم، وبقاء القضية الكردية جرحا لا يندمل في المنطقة.

حلول منطقية

•  هل لدى الأتراك رغبة حقيقية في التوصل إلى حل للقضية الكردية؟ وما الحلول المنطقية من وجهة نظركم؟

- لقد حان الوقت لكشف نوايا الأتراك الحقيقية إزاء المسألة الكردية، ففي فبراير عام 2010 أعلنا مبادئ الحل، لكن الدولة التركية لم تتجاوب بأي خطوة من الخطوات، وتصرفت وكأنه ليس هناك أي مشكلة للكرد في تركيا، بل تظاهرت بأنها حكومة ديمقراطية، عبر إطلاق تلفزيون باللغة الكردية دون أي حقوق دستورية للكرد، وهنا نشير إلى أنه حتى صدام حسين كان لديه تلفزيون ينطق بالكردية، فهل يعني هذا أن صدام كان مع حقوق الكرد؟!

لهذا رأينا أنه من الضروري وضع حد لهذا الخداع الذي تمارسه الدولة التركية تجاه شعبنا الأبي. وهذا ما دفعنا إلى تقييم الوضع، وعلى أساسه تم اتخاذ قرار أن نتبنى نهج الدفاع المشروع عن أنفسنا بهدف حماية مستقبل شعبنا الكردي.

فالشعب الكردي يواجه تهديدات خطيرة على مستقبله وحريته ووجوده، وبهدف حماية وجودنا وحريتنا وتحقيق النصر، بدأنا تطبيق استراتيجية جديدة. منذ الأول من يونيو 2010، هذه المرحلة ليست كما يتصورها البعض أو يعرِّفها آخرون بأنها مرحلة شن حرب جديدة، بل هي مرحلة جديدة تُبنى على أسس من الديمقراطية والحرية مقترنة بأن تبادر تركيا بالمثل والعمل على سن دستور جديد تعترف فيه بالأكراد وحقوقهم. أما الجانب الآخر من تلك المرحلة فهو الجانب المقاوم الذي سيتم بالتنوع والرقي بوسائل الدفاع المشروع.

إن الحل الأكثر منطقية والنموذج الأنسب حسب تاريخ تركيا السياسي وظروفها، هو نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية، كما كان وضع الأكراد ضمن حدود الدولة العثمانية، فهذا النموذج لا يعني الانفصال، بل العيش على أساس التعاون الطوعي والإرادة الحرة استناداً إلى القانون، وهو لا يهدف إلى إزالة الدولة أو التغيير في الحدود الجغرافية "تركيا ديمقراطية- إدارة ذاتية ديمقراطية للشعب الكردي"، بهويته وثقافته والعيش بحرية، هذا هو الحل الأنسب للقضية الكردية.

ثنائية الكردي والجبل

•  هل لعب مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان- العراق دوراً في وقف إطلاق النار؟  

- الرئيس مسعود البارزاني لعب دوراً محوريا في ذلك، ولقد أيد هو ونائب رئيس الحزب الديمقراطي الأخ نيشرفان البارزاني وقف إطلاق النار الأخير، ونحن ندعوه إلى حماية ثورتنا عبر العمل على إطلاق المفاوضات بين حركتنا والحكومة التركية، ويتعين على جميع القوى الكردية توحيد الجهود وحماية منجزات الشعب الكردي من الفدرالية في العراق إلى الثورات في تركيا وإيران، علينا بناء وحدة الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة، وبناء استراتيجية حماية للشعب الكردي، لتكون لنا حصتنا ووجودنا في الشرق الأوسط الجديد الذي يعاد بناؤه، فالكردي لا يملك للاستمرار إلا جباله... لذا فإن قوات البشمركة "الأنصار" مسيطرة على كل رؤوس الجبال من جبل شاهو في إيران حتى الباب الأسمد "الأبانوس" في تركيا، وأملهم الثاني هو الوحدة التي تضمن للأكراد بقاءهم.

•  ما استراتيجيتكم للمرحلة المقبلة؟

- في لقاء للقائد أوغلان مع محاميه استعرض استراتيجيتنا للمرحلة المقبلة بما يلي: إنها ببساطة "الإدارة الذاتية الديمقراطية".

•  هل يمكن أن تعرفنا على مقومات هذا المشروع وتفسره لنا؟

- على الأكراد خوض نقاش واسع وسريع قبل الانتخابات بشأن مشروعنا للإدارة الذاتية الديمقراطية، وأن يحولوا مشروع "الإدارة الذاتية الديمقراطية" إلى برنامج عمل ملموس، وأن يتم صياغة ذلك المشروع، بحيث يكون لديهم مقترحاتهم وتصوراتهم للحل عندما تسأل الدولة التركية عن اقتراحات الحل بعد الانتخابات.

اللغة الأم

•  ما أساسيات هذا المشروع؟

- في مقابلة مع محاميه لخص القائد أوغلان "مشروع الإدارة الذاتية" في ما يلي:

البعد السياسي: في هذا البعد يكون هناك مجلس، أو مؤتمر شعبي، وهذا المؤتمر هو مؤتمر المجتمع الديمقراطي، ويكون لهذا المؤتمر مجلس تنفيذي.

البعد القانوني: يعبر عن الوضع القانوني لمشروع "الإدارة الذاتية الديمقراطية"، الذي يسمى بـ"ستاتو"، أي ماذا سيكون "ستاتو" (وضع) الأكراد قانونياً. وسينعكس ذلك في الدستور والقوانين التي سيتحدد مضمونها حسب إطار العمل في "الإدارة الذاتية الديمقراطية".

البعد الاقتصادي: أن يكون للأمة الديمقراطية المزمع تأسيسها سياستها الاقتصادية الخاصة بها، ويتعين عليها دراسة كيف سيكون شكل الاقتصاد وقطاعاته وآلياته على نحو تفصيلي.

البعد الثقافي: هذا البعد الثقافي سيشتمل في أغلبه على اللغة، والتعليم باللغة الأم، والتاريخ، والفنون. كيف يجب أن تكون علاقة اللغة الكردية باللغة التركية؟ وكيف يمكن النهوض بالتعليم باستخدام اللغة الأم؟ وكيف يجب أن تكون سياسة اللغة واستخدامها داخل الأمة الديمقراطية؟ يجب نقاش كل ذلك، وصياغة سياسة للتعليم بحيث يتم التعرف على سبل تمكين الأكراد من الحلول والوسائل لتجاوز محاولات الإقصاء والتهميش الثقافي، ويجب نقاش ذلك بصورة معمقة والتوعية بأهميتها لتجاوز محاولات الإبادة العرقية الثقافية.

بعد الدفاع الذاتي: يمكننا تسمية ذلك بالبعد الأمني أيضاً، أي أننا هنا نتناول الإبادة العرقية، كيف يمكن أن ينجو الأكراد من الإبادة العرقية، لذا يتعين عليهم الحصول على ضمانات والعمل على ذلك.

والإبادة العرقية هنا تضم كل أشكال الإبادة العرقية، وليس الجسدية فقط، بل أتكلم عن كل أشكال الإبادة العرقية، وأظن أنك قرأت عن استخدام الجيش التركي للأسلحة الكيماوية ضد مقاتلينا عبر مجلة "ديرشبيغل" الألمانية، ونحن نؤكد هذا الاستخدام الذي يدل على عقلية الإبادة لدى الأتراك تجاه الكرد، ويؤكد وجهة نظر القائد عبدالله أوغلان بعدم توجهه نحو الجبال عقب خروجه من سورية حتى لا يباد مقاتلونا.

ميليشيات القرى

•  كيف يتم ذلك؟

- يتحقق بوصول الأكراد إلى وضعية دفاعهم الذاتي. حيث يؤسس المجتمع دفاعه الذاتي، أنا لا أقصد بهذا أن يكون السلاح بين الأيدي فقط، فالدفاع الذاتي ليس البنية المسلحة على نمط حزب العمال الكردستاني PKK، بل هو ما يحقق للشعب أمنه، فنحن نريد أن يحقق المجتمع الديمقراطي نظامه الأمني تنظيمياً ومؤسساتياً في كل الميادين، وأن يخضع كل ذلك لمناقشة الشعب، فهو الذي يناقش هذا الأمر على الأغلب، ويمكن أن يتوصلوا إلى نتائج مختلفة. فمثلاً هل سيأخذ الأكراد مكانتهم في الجيش؟ وكيف سيتم إلغاء "حماة القرى"، وهي ميليشيات موالية للحكومة التركية قامت بممارسات إجرامية وأعمال قمع وتهجير ضد سكان القرى الكردية؟ وما البدائل المطروحة لحل هذه القضية؟ كل هذه القضايا ينبغي خضوعها للنقاس والبحث، فالبعد الأمني الذي يتعلق بالدفاع الذاتي للشعب الكردي مهم واستراتيجي ويوازي في أهميته الخبز والماء والهواء، ومن دونه تستحيل الحياة.

البعد الدبلوماسي: وهذا يتناول علاقات الأكراد مع الشعوب والمجتمعات الأخرى، إذ من الطبيعي أن تكون هناك علاقات مع البلدان الجارة والمحيطة فضلا عن علاقات الأكراد في الأجزاء الأخرى، لذا يتعين معرفة ما نوعية العلاقات التي نريدها مع المجتمعات الأخرى؟ وكيف يجب أن نحيا معها؟ هذا ما سيلبيه البعد الدبلوماسي.

وحوش جبلية حانية

بينما يتواصل حوارنا مع القيادي بوزان تكين عن الأبعاد الاستراتيجية والأمنية والعسكرية والدبلوماسية وغيرها من الشؤون التي لا تخلو من القسوة والتعقيد، يتوقف محاورنا فجأة ملتفتا إلى طفلة صغيرة دخلت للتو أثناء الحوار، هي ابنة العائلة المضيفة للقاء "الجريدة" مع القيادي الكردي، لينتقل بنا الحوار إلى جبهة أخرى مغايرة يتحول فيها عضو مجلس قيادة حزب العمال الكردستاني ونائب قائده رجل الاستراتيجية والجبال والمقاتلين، إلى محاور أطفال من الطراز الأول، حيث تابعته يداعب الطفلة ويحاورها ويبادر بسؤالها عن دروسها، وليدخل معها في مناظرات حسابية، وفي النهاية يسألها عن آخر أفلام الكرتون التي استمتعت بمشاهدتها، ويسردان سوياً تفاصيل ما شاهدته، وهنا اكتملت دهشتي، ما دفعني إلى مباغتته بسؤال: أتتابع أنت أيضاً تلك الأفلام الكرتونية؟ فارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة قائلاً: "بسبب الدعاية الإعلامية التركية المضادة، بات الناس يعتقدون أننا وحوش تعيش في الجبال بلا قلب بلا عاطفة... نحن بشر نحب الحياة، ونتمنى أن يأتي يوم نتزوج فيه، نؤسس عائلة، نجلس مع أولادنا بسلام، نتابع معهم أفلامهم وتفاصيل حياتهم بعيداً عن قرقعة السلاح... نحن نقاتل أملاً في الوصول إلى السلام، هدفنا ليس القتل وسفك الدماء، نحن نتأثر ونأسف حتى للدماء التركية... فجميعنا أبناء وطن واحد".

كلمة أخيرة أقولها للشعوب العربية، "لا تنخدعوا بادعاءات تركيا الإسلامية، فمصالحها مع إسرائيل وإيران متشعبة ومتداخلة، وهي لن تتخلى عنها لمصلحتكم، إنكم تشكلون لهم عتبة يتكؤون عليها لتثبيت دورها الإقليمي... حلفاؤكم الحقيقيون هم الأكراد أحفاد صلاح الدين".

back to top