أمين عام رابطة العالم الإسلامي الأسبق د. عبدالله نصيف: دراسة الجيولوجيا تعادل التبحر في كتاب الله

نشر في 08-09-2010 | 00:00
آخر تحديث 08-09-2010 | 00:00
د.عبدالله نصيف أحد الشخصيات الدينية البارزة في عالمنا المعاصر التي أفادت الإسلام والمسلمين سواء بالعلم أو الدعوة، فقد ترأس الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي سابقاً، له اهتمامات جليلة في دراسات النشء والشباب حتى انه تبنى مشروعا قوميا إسلاميا للحفاظ عليهم. له باع طويل في العمل الخيري والإغاثي حتى تم تعيينه نائباً لرئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالكويت، كما أن دراساته الجيولوجية فتحت أمامه المجال لاقتحام الدراسات الإنسانية والشرعية والفقهية، وهو عضو في العديد من المنظمات والجامعات العالمية، صدر له العديد من الكتب والأبحاث والدراسات العلمية والشرعية التي يحاول دائماً فيها ربط معجزات القرآن بالعلم الحديث، ومازال عطاؤه متدفقاً. «الجريدة» التقته أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة وناقشناه في بعض القضايا المهمة.

● كيف ترى دور رابطة العالم الإسلامي في خدمة الإسلام والمسلمين؟

- الرابطة من المنظمات الإسلامية الفاعلة على مدار تاريخها كانت ومازالت حلقة الوصل بين المسلمين ومحيطهم الخارجي تعقد العديد من المؤتمرات الهادفة التي تتناول العديد من التحديات التي تواجه المسلمين، تتصدى دائماً للافتراءات الهدامة والأفكار المتطرفة وتنشر الفكر الوسطي المعتدل، فهي إحدى المنظمات الإسلامية المعترف بها عالمياً، فهي معتمدة كعضو في الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الأخرى، تبذل جهداً كبيراً من أجل نشر المحتوى الإسلامي الصحيح بعدة لغات بما يفيد المسلمين وبخاصة أبناء المسلمين في الغرب، والرابطة لها العديد من الإدارات المتحدثة باللغات الأجنبية كالإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية، وأعتقد أن الرابطة كان لها دور بارز في إيجاد حلقة وصل مشتركة بين العالم الإسلامي والغرب من أجل تقريب وجهات النظر واحتواء العديد من الأزمات كما أن الرابطة وضعت لها ممثلين في أغلب دول العالم للتواصل المستمر مع مسلمي الخارج.

● دراستك الأساسية في علم الجيولوجيا كيف أفادتك في علوم الدين؟

- دراستي للجيولوجيا كانت البوابة الرئيسة لدراسة الدين وعلومه الكونية بطريقة علمية حيث إن القرآن الكريم حوى العديد من الإعجاز العلمي للكون فبدأت أربط الأبحاث العلمية بآيات القرآن الكريم وأثبتُ أن القرآن الذي نزل على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) كشف عن أسرار الكون وما يحويه وتحدث عن الكواكب والنجوم والبحار والجبال وباطن الأرض، لذا أعتبر أن دراسة الجيولوجيا تعادل التبحر في كتاب الله فكنت دائماً أشعر كأنني أدرس في كليات فقهية وشرعية.

- تنادى من حين لآخر لإنشاء صندوق لتحسين صورة الإسلام في الغرب فهل يكون هذا الأمر كافياً  لتبييض وجه الإسلام؟

- الإسلام ليس بحاجة إلى تبييض وجهه، فالغربيون أنفسهم نهلوا من الإسلام حضارتهم التي نراها اليوم، أما عن فكرة الصندوق فهي دعوة تكافلية من أجل وضع برنامج يشرح الإسلام الصحيح في الغرب وذلك من خلال إقامة ندوات ومؤتمرات وهذا بالطبع يتكلف أموالاً كثيرة ولا يستطيع أحد أن يقوم بهذا الأمر وفكرة هذا الصندوق تضمن الاستمرارية في هذا النشاط، ومن خلاله نستطيع أن ننشر ثقافتنا الإسلامية وتوضيح مبادئ الإسلام السمحة والتعايشية مع الآخر واعتمادها كاستراتيجية أمن لديننا وإزالة الشبهات والمغالطات التي تحيط بهذا الدين.

● قلة الترجمات عن الإسلام في الغرب هل ساهمت في تشوية صورة الإسلام؟

- أعتقد أن قلة الترجمات عن الإسلام والمسلمين أو حتى الترجمات الخاصة بالأدب والثقافة العربية والإسلامية كانت سبباً رئيساً في انتشار العداء للإسلام بسبب غياب المعلومة عنه، وبخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث بدأ الغرب يبحث عن الإسلام  ما هو وما أهدافه فلم يجد الباحثون إلا الترجمات والكتب التي تناهض الإسلام وتعتبره ديناً يحض على الإرهاب والعدوانية ويرفض التقدم ويعيش في الجهل والتخلف، ومع أن هناك العديد من المشاريع الثقافية والدينية التي تبنت ترجمة الأدب الإسلامي والثقافة الإسلامية إلا أن هذه المشاريع لم تؤت ثمارها حتى الآن نظراً لعدم انتشارها أو اختيار ترجمات قد تضر أحياناً بنا وتصبح سلاحاً ذا حدين، وفي اعتقادي أن قلة الترجمات تساوي الأعمال الإرهابية التي ترتكب باسم الدين الإسلامي.

● لك باع كبير في العمل الخيري فكيف نفعل هذا العمل من وجهة نظرك بالشكل الأمثل؟

- العمل الخيري هو كل شيء يقدم من إنسان إلى آخر من أجل النفع بدون مقابل، كما أن الإسلام من أولى مبادئه حث المسلمين على العمل الخيري والتطوع وجعل ثوابه كبيراً جداً في الآخرة فالعمل الخيري من أركان الإسلام، والإسلام الدين الوحيد الذي وضع التكافل لهذه الأمة، كما يجب أن نعلي من شأن العمل الخيري ونحث عليه المسلمين والحمد لله فالعمل الخيري باق إلى يوم القيامة في هذه الأمة، وأرى أن هناك دولا عربية أعلت من شأن العمل الخيري ورسخته في أبنائها مثل الكويت والسعودية، كما أنني عضو نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في دولة الكويت وهي من أعرق المنظمات الإسلامية الخيرية العالمية ونشاطها يتعدى دولة الكويت فهذه المؤسسة تساهم في دعم المسلمين في إفريقيا وآسيا والغرب ودعم الفلسطينيين والمحاصرين في غزة وتتلقى دعماً كبيراً من الدول الإسلامية.

● سبق وذكرت الولايات المتحدة الهيئة الإسلامية العالمية في لائحة الجمعيات والهيئات الإسلامية الخيرية الداعمة للإرهاب فما هو ردكم؟

- بعد أحدات الحادي عشر من سبتمبر ألقت أميركا بالاتهامات الجزافية على كل ما هو خيري وبخاصة الإسلامي وطالبت بإغلاق العديد من الجمعيات الخيرية، ولكن في ما بعد عرفوا أن الهيئة الإسلامية العالمية هي عضو في الأمم المتحدة والعديد من المؤسسات العالمية وسجلها الخيري حافل وتم رفعها من قائمة الإرهاب والجميع يكن كل التقدير لهذه الهيئة العملاقة.

● الغرب يتهم الإسلام دائماً بأنه ظلم المرأة وحرمها حقوقها فما وجهة نظرك في الحرية التي يطالبنا بها الغرب تجاه المرأة؟

- ثمة حملات كثيرة تُشن ضد الإسلام من باب حرية المرأة، وهم لا يعلمون أن الإسلام أعطى المرأة الحقوق الكاملة في هذا الشأن، ولكن الغربيين يستخدمون فترات الضعف التي مرت بها الأمة الإسلامية وكانت بها شوائب حرمت المرأة من حقوقها، ولكن الغرب يريد المرأة التي تسافر بدون علم زوجها والتي تتبرج في ملابسها ومظهرها ولا يطالبنا بحرية الفكر ولكن بحرية المظهر والاندماج  والإسلام أعطى للمرأة حقوقا فاقت بكثير الحقوق التي تتمتع بها المرأة الغربية، وهذه الدعاوى تجعلني أتساءل دائما ألا تعد رعاية المرأة لأولادها أسمى الأعمال؟ أليست رعايتها لزوجها عملاً جليلاً؟ كما أنه يجب ألا نندفع وراء الدعاوى الغربية التي تجعل من العمل غاية لخروج المرأة بالرغم من أن الإسلام لا يحرم عمل المرأة، مع أن الغرب اليوم يعاني من ذلك وينادون إلى عودتها مرة أخرى إلى المنزل ورعاية الأبناء وبخاصة بعد تفشي الأمراض الاجتماعية لديهم.

● قدمت العديد من الدراسات الخاصة بتربية النشء والشباب المسلم فما هي المبادئ التي نؤسس عليها شاباً مسلماً قويماً؟

- النشء والشباب هم عماد أي أمة، والشباب المسلمون هم عرضة للاستغلال من أي جهه مادام العديد منهم ضعيفي الثقافة الإسلامية، وبخاصة أن الأحداث الإرهابية التي قام بها شباب كانوا يعانون البطالة والفراغ فكانوا عرضة للأفكار الهدامة، لذا قمت بعمل العديد من الدراسات التي تهتم بالنشء والشباب خاصة طلاب المدارس والجامعات، كما أنادي في كل محفل بضرورة وضع خطط استراتيجية شاملة تأخذ شكل المدى الطويل تكون مهامها تطوير منظومة التعليم وتطويره وتوفير فرص عمل للشباب وعدم تركهم عرضه للانسياق وراء الأفكار المتطرفة أو الهدامة، وإذا كنا سنتجاهل هؤلاء فإننا نكون قد شاركنا في هدم ثوابت الأمة، كما يتطلب ذلك أن تأخذ هذه الاستراتيجية الشكل العملي وليس المأخذ النظري الذي اعتدنا عليه، وضرورة إسناده إلى جهات مسؤولة من أجل ضمان التنفيذ.

● الحضارة المعاصرة تحمل وجهين فكيف ترى مدى التأثير الواقع على شبابنا من هذه الحضارة؟

- الحضارة المعاصرة إن باعتنا منتجاتها فلا يمكن أن تبيعنا روحها وأفكارها وكل المعاني التي لا تلمسها الأنامل، فعملية التحضر عملية منبعثة من الداخل أساساً وهذا يعني أن هناك شيئاً ذاتياً أساسياً يجب أن يقود عملية التحضر، فإن عدم مشاركة المسلمين في صنع الحضارة يعني أنهم قد تخلوا عن مسؤولياتهم في عمارة الأرض وتركوها لغيرهم وهي المهمة التي أكدها القرآن الكريم.

إننا في عالم اليوم لم يعد يعترف بغير قوة السلاح فقط، أو قوة الإيمان فقط وإنما هي القوة التي تجمع بين الأمرين، وهذا هو جوهر تعاليم الإسلام، فلا يجوز لنا إذاً أن نتخلى عن فريضة العلم بجوار قيامنا بفرائض الروح والقلب، ومن هنا لا مناص لنا من أن نتمكن من حضارة العصر بكل منجزاتها المادية وتطوراتها العلمية والنفسية.

● يشهد العالم الإسلامي راهناً فوضى في الفتاوى فما مخاطر ذلك من وجهة نظرك؟

- نعم العالم الإسلامي تعمه فوضى للفتاوى أعتقد أنها أخطر من الثقافة الوافدة، كما أنني أشبهها بوجود ثمرة فاكهة فاسدة وسط ثمرات جيدة ناضجة حيث من الممكن أن تفسد هذه الثمرة باقي الثمار عندما تتلاصق بها، كما أنني أحذر دائماً من فوضى الفتاوى وبخاصة فتاوى الإنترنت الإلكترونية التي أعتبرها أشد خطراً حيث إن شبكة الإنترنت عالم غير محكوم ومن يدرينا من الذي يفتينا وما هي الحجج والبراهين التي استند عليها لما تتمتع به هذه الفتاوى بالفردية في كبرى القضايا، خاصة الفتاوى المذهبية الهدامة.

back to top