القضاء يرفض ضم محققي الداخلية... والتحقيقات تتمسك بالمادة 167 من الدستور! مصادر قضائية لـ الجريدة. محذرة من الضم: سيخلق فوضى كبيرة في السلطة القضائية! فالح العزب: الدستور أكد قضائية التحقيقات وأحكام الدستورية أيدت ذلك
في الأول من مارس المقبل، سيناقش مجلس الأمة إلحاق الإدارة العامة للتحقيقات بالسلطة القضائية وضمها إليه، بينما ترفض السلطة القضائية قرار الضم.بينما سيناقش مجلس الأمة في الأول من مارس المقبل إلحاق الإدارة العامة للتحقيقات بالنيابة العامة، بعد أن نال الاقتراح المقدم من عدد من النواب موافقة كل من لجنتي التشريعية والداخلية والدفاع، رفضت مصادر قضائية رفيعة المستوى قرار الضم واعتبرته بمنزلة «الفوضى» التي ستحل بالسلطة القضائية في حال ضم هذا العدد الكبير من أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات، فضلا عن أن الاستثناء الدستوري بإسناد بعض الجنح لإدارة الشرطة التابعة لوزارة الداخلية هو استثناء دائم وغير مرتبط بفترة زمنية معينة.
أسبابولفتت المصادر إلى أن السلطة القضائية لا يمكنها القبول بالأمر بأي حال من الأحوال لجملة من الأسباب الدستورية والقانونية والفنية والواقعية التي تعيشها الإدارة العامة للتحقيقات، أبرزها وجود عسكريين معينين في الإدارة العامة للتحقيقات بمناصب عليا، فضلا عن أن عملية إصلاح الجهاز ودمجه في القضاء تحتاج إلى وقت طويل ومرهق على السلطة السلطة القضائية، مع عدم وجود مساحة مكانية لا في النيابة العامة ولا حتى القضاء، كما لا يمكن أيضا إبقاء المحققين على وضعهم في المخافر ولا حتى في إدارات التحقيق التابعة فنيا لوزارة الداخلية، وفي ذات الوقت يتبعون بالمسمى فقط السلطة القضائية.إصلاح الإدارة ولفتت المصادر إلى أن هناك عددا كبيرا من أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات سبق أن قدموا للعمل في النيابة العامة، وتم رفض أمر قبولهم من المجلس الأعلى للقضاء إثر عدم تمكنهم من اجتياز اختبارات القبول، فكيف يتم الآن قبولهم مرة أخرى بهذه الطريقة؟ وقالت المصادر إن علاج مشكلة الإدارة العامة للتحقيقات ليس بخلق مشكلة جديدة أخرى وهي إثارة الفوضى في السلطة القضائية في تحمل هذا العبء الكبير من المحققين والمدعين العاميين، وهو أمر يمكن علاجه وإصلاحه من قبل السلطة التنفيذية، أو أن يعدل قانون الإدارة العامة للتحقيقات بجعلها هيئة مستقلة تتبع مجلس الوزراء كإدارة الفتوى والتشريع، أو أن تتم دراسة إصلاح الإدارة العامة للتحقيقات بشكل مستفيض ومحاولة ضم البعض منهم ممن حصلوا على دورات في معهد الكويت للدراسات القضائية، وإمكان الاستعانه بهم في النيابات واستبعاد المحققات والعسكريين وإلحاقهم في إدارات تابعة لوزارة الداخلية.قضائية التحقيقاتمن جانبه، أكد د. فالح العزب العضو في الإدارة العامة للتحقيقات في دراسة قانونية زود بها «الجريدة» لتأكيد تبعية الإدارة العامة للتحقيقات للسلطة القضائية، أن المشرع الدستوري نص في المادة 167 من الدستور على أن «تتولى النيابة تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام. ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يتولون وظائفها. ويجوز أن يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء، ووفقا للأوضاع التي يبينها القانون». وبين العزب أن المشرع الدستوري فسر المادة السالفة الإشارة بأنه «مراعاة لواقع الكويت أجازت هذه المادة على سبيل الاستثناء، أن يعهد القانون لجهات الأمن العام في نطاق الجنح تولي الدعوى العمومية، بدلا من النيابة العامة صاحبة الدعوى العمومية أصلا، وفقا للأوضاع التي يبينها القانون»، ومقتضى هذا النص عدم جواز التوسع في هذه الرخصة لإنهاء استثناء، والاستثناءات تجري في أضيق الحدود، كما يلزم أن يبين القانون الأوضاع المشار إليها في المادة الدستورية المذكورة، وأن يكفل للقائمين بالدعوى العمومية المنوطة بجهات الأمن ما تقتضيه هذه الأمانة الخطيرة من مؤهلات قانونية في القائمين بها، وتنظيم إداري يكفل لهم القدر الضروري من الحيدة والاستقلال، والبعد عن أصداء ما يلازم عمل جهاز الأمن العام من اتصال يومي بالجمهور واحتكاك بالكثيرين من الناس كل يوم. فبهذه الضمانات يحقق هذا الطريق الاستثنائي الفوائد المرجوة دون أن يكون ذلك حساب العدالة أو الحقوق والحريات.الدعوى العموميةوقال العزب إن المشرع قرر أن يعهد بقانون بتولي الاختصاص في الجنح على سبيل الاستثناء، وبالتالي فإن عمل الإدارة العامة للتحقيقات هي ولاية قضائية عامة في الدعوى العمومية في الجنح، إذ جاء في المذكرة التفسيرية أن تكون ولايتها عامة في الجنح بدلا من النيابة العامة صاحبة الدعوى العمومية أصلا، ومقتضى هذا الاستثناء أن يكون في أضيق الحدود وأن يمنح أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات الضمانات الكافية للعمل بحياد واستقلال من خلال تنظيم إداري كفيل بضمان تحقيق فوائد هذا الاختصاص الاستثنائي. القراراتوعن قضائية القرارات التي تصدر من سلطة التحقيق التابعة للادعاء العام قال العزب: لقد أكدت المحكمة الدستورية أيضا أن ما يتولاه المحقق بصفته يصدر من سلطة قضائية مختصة وقررت أنه «... من المقرر أن المنوط في دستورية النصوص القانونية هو بمدى ارتباطها بالأغراض التي تتوخاها والتي تبلور إطار لمصلحة مشروعة تحيط بها، وكان المشرع التزاما بإحكام الدستور قد سن تنظيما دقيقا احتواه قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وأجاز المشرع القيام بإجراء التفتيش بمعرفة المحقق أو بأمر منه استنادا إلى ضرورة يستلزمها التحقيق لضبط أدلة جريمة... بناء على تحريات أجرتها الشرطة وقيام حالة الضرورة يقتضي معها صدور الأذن لها بهذا التفتيش من السلطة المختصة بالتحقيق».الدستورية ويتضح جليا أن المحكمة الدستورية أكدت عبارة سلطة التحقيق ولم تركز تلك السلطة في يد سلطة النيابة، على ألا يتعارض منطوق حكمها مع نص المادة 167، والذي قرر أن تتولى جهات الأمن العام -إدارة التحقيقات حاليا– التحقيق والتصرف في الجنح بدلا من النيابة العامة صاحبة الدعوى العمومية أصلا.وجاء في حيثيات حكم لجنة فحص الطعون في المحكمة الدستورية أن «...المستفاد من النصوص المتعلقة بتنظيم اختصاصات المحققين ورئيس الادعاء العام، أن المشرع عهد إليهم مهمة التحقيق والتصرف والادعاء أمام المحكمة الجزئية في الدعاوي العمومية المتعلقة بالمجتمع فقط كشأن النيابة العامة في الجنايات...». وهو ما أكدته محكمة التمييز الكويتية «... أن ما يصدر عن الإدارة العامة للتحقيقات بصفتها الأمينة على الدعوى العمومية في الجنح والمشرفة على رجال الضبطية القضائية أثناء مباشرتها التحقيق والتصرف والادعاء في قضايا الجنح، مثلما أناط بالنيابة العامة سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في قضايا الجنايات يعد أعمالا قضائية صادرة عن هيئة قضائية، لا من قبيل القرارات الإدارية سواء منها ما كان سابقاً على رفع الدعوى أو متعلقاً بسيرها أو متصلاً بتنفيذ الحكم فيها...».