عالم من الأذكياء وعالم من الأغبياء!

نشر في 30-04-2011
آخر تحديث 30-04-2011 | 00:00
 عبدالهادي شلا في أمنيات الكثير من الناس الطيبين، أن يعمر الكونَ جو من المحبة والتسامح ولا يعلو أحد على الآخر ويستعبده، وليست الحال دائما كما يتمنى المرء؛ لأن الخالق سبحانه وتعالى خلق كل شيء بقدر، وطبائع البشر هي من أسرار الخَلق.

وعليه فإن تنوع التركيبة الإنسانية لفائدة اجتماعية وبقائية؛ لا شك في ذلك، إذ لو أن الخلق كلهم على طبع واحد لما كان هناك تمايز ولا كان الثواب ولا العِقاب.

فماذا لو أن كل أهل الأرض كانوا من الأذكياء، أو كانوا من الأغبياء؟ كغيرها من الصفات، فإن الذكاء ذو حدين لو أحسن استخدامه لعمّ الخير، ولو أسيء لأصبح شرا مدمرا، ومعيار الذكاء في نتيجة استخدامه، فلو تخيلنا أن عالمنا كله من الأذكياء لكانت الطريق إلى المنفعة يسيرة، إذ إنهم «الأذكياء» ليسوا بحاجة إلى من يرشدهم إلى حيث تكون الفائدة، فذكاؤهم يرشدهم إليها، إلا أن هناك صفات وطباعا أخرى قد تتغلب واحدة على أختها، فذكاء الطيب سيأخذه إلى المساحة الخيرة في نفسه وينميها ويغرسها في نفوس من هم على طبعه بينما ذكاء الشرير سيعمل على قلب معيار الخير في نفوس الناس الطيبين من الأذكياء، وهو في ذات الوقت ينمي حاسة الشر لدى الآخرين الذين لديهم نفس طبع ذكائه الشرير فتعود المعادلة إلى أصلها، وهذا يدعونا إلى النظر في مستويات شر الذكاء عندهم، وكذلك بالنسبة إلى مستويات خير الذكاء عند الآخرين.

إنه عالم النفس البشرية المعقد التراكيب، وكأننا في أمنيات هؤلاء الناس الطيبين نتحدث عن أحد فروع «المدينة الفاضلة» التي تحمل النفس البشرية الكثير من مواصفاتها، إلا أن الأمنيات الطيبة هي درب من تلك الدروب الأكثر مشقة في سمو الفضائل وتغلبها.

الذكاء الطيب قدم للإنسانية حضاراتها وأدوات تقدمها المهمة وتطورها، وهي أدوات خير، منحتنا التواصل مع أرجاء المعمورة بأدق التفاصيل والحصول على أجوبة لمعظم تساؤلاتنا ورغباتنا في تبادل المعرفة ومنحتنا الحماية من شرور الآخرين.

أما الذكاء الآخر «الشرير» فقد قدم لنا الصور البشعة التي سجلها التاريخ في صفحاته السوداء، ذلك أنه موجه بأنانية ولقيم نفعية محدودة وَضَعت الإنسانية على حافة الدمار.

ولكي تتحقيق أمنية الناس الطيبين، نحتاج إلى العودة إلى البداية، مرورا بالرسالات والحضارات والتطور البشري وصولا إلى الحاضر، أي عصر الأزرار الإلكترونية التي ضبطتها قوانين بشرية هي ثمرة جهد جبار من الأذكياء.

إن عالما من الأذكياء لا يكفي فالتنافس فيه لا يمكن تصور نتائجه، وعالما من الأغبياء لا ينفع وذلك لمعرفتنا المسبقة بالنتائج، ذلك أن الطبيعة تقتضي وجودهما معا حتى يتحقق هدف الرسالة السامية للإنسان السوي وتوازنه مع الطبيعة.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top