منى أبو زيد: دخول الحجاب مش زي خروجه!

صحافية مصرية قررت خلعه فتحولت قضية بين التيارات

نشر في 24-10-2010
آخر تحديث 24-10-2010 | 00:00
لم تتخيل منى أبو زيد الفتاة الريفية المصرية أن وصولها إلى القاهرة سيقلب حياتها مراراً، ليس لجهة صخب المدينة وحداثتها فحسب، بل لأنها ستكون وسط جدل يعصف بمصر، يتعلق بعلاقتها بالتديّن الظاهري، على حساب تديّن الجوهر.

أنهت الشابة دراستها الجامعية، ثم انخرطت في حياة صحافية، لكنها لم تتوقع أن قرارها الشخصي بأن تخلع حجابها الذي ارتدته بتلقائية حياتها الريفية سيجعلها في عين العاصفة، وسيؤلب عليها صاحبة البيت الذي تسكنه، لتجبرها على الخروج منه، ويكيل لها الضغوط والتهم، ويكون سبباً لأن تكون الصحافية التي تبحث عن الأخبار، هي مادة هذه الأخبار!

اقرأ أيضا

أجرت منى العشرينية حواراً معي لجريدة "روز اليوسف" فعرفتُ أنها صحافية مميزة، ولأنني لا أستطيع الفكاك من مهنة الصحافي، وجدتني أجري معها حواراً (نصُّه في الصفحة 8 )عن قصة ارتدائها للحجاب ثم خلعه، تلك التي تتجاوز القصة الفريدة إلى كونها أزمة هوية حيناً، ونزاع تيارات ثانية، ومؤشر قلق مجتمعي يحدث في مصر لكنه لا يقتصر عليها.

منى أبوزيد لا تعلم لماذا تحجّبت في البداية، فهي عاشت ظروف الريف الذي يُحتّم تلقائياً على الفتاة أن تتحجب، وإذا كان حجابها ليس من خيارها، فإن نزعها له كان قرارها الشخصي والذاتي. تتحدث عن نفسها بأنها "الفتاة الريفية البسيطة، ذات التطلعات نحو الحياة، بدأ وعيها ينمو، وكذلك إدراكها للحياة ومعرفتها بالناس والعالم من حولها، وزاد الأمر حينما دخلت الحياة العملية، حينما عملت صحافية في (روزاليوسف)".

لم تَكُف الفتاة المصرية اللّماحة، تبحث عن شخصيتها، تارة في الصحافة، وتارة في موقفها من الأشياء حولها. سألتُها عن جوانب كثيرة من قصتها التي تلخّص جدلاً كبيراً في مصر؛ ارتداء الحجاب ونزعه، حجاب الفنانات، تحوّل الحجاب إلى ظاهرة اجتماعية، كل تلك المحاور كانت في صميم قصة الحجاب التي شغلت المجتمع المصري. سألتها لماذا تحجّبت؟ ولماذا خلعت الحجاب؟ وهل كانت تعتمد على فتاوى بهذا الخصوص؟ وهل فعلاً "دخول الحجاب مش زي خروجه" كما يردد المصريون؟ وعن تغيّر تعامل المجتمع معها بعد خلعه؟ وعن سبب انتشار الحجاب بين الفتيات من بنات جيلها؟ وهل الحجاب حرية شخصية أم مسألة فقهية؟ وسألتُها عن سبب تحوّل الحجاب إلى ميزان وقار لدى بعض المجتمعات الإسلامية.

قصة منى أبوزيد تلخِّص حكايا فتيات مسلمات كثيرات، تلخِّص الحيرة والبحث عن الحرية والاستقلال بالمعنى العملي والذاتي والمادي، تعيد إلى الأذهان هذه الفتاة الريفية في هذا الحوار القصصي مرحلة سابقة من تاريخ مصر، حينما كان الليبراليون والعلماء وروّاد التحديث في الدين والفكر والشعر هم الذي يتسيّدون المشهد.

من خلال حوارنا مع منى أبو زيد قد نبحر في صور كثيرة عن أمة كبيرة لا تزال مؤثرة هي "الأمة المصرية" التي يصل عدد سكانها إلى نحو ثمانين مليون نسمة.

back to top