الحسن والحسين... سيّدا شباب أهل الجنة
أحب الخلق إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ابنا فاطمة الزهراء حبيبة القلب، وسيدا شباب أهل الجنة وريحانتا رسول الله، هي بعض ألقاب الحسن والحسين (رضي الله عنهما) التي أطلقها عليهما رسول الله، فحب الرسول لهما لم يكن له حدود فكثيرا ما كان الرسول يعتنق أحدهما ويقول: "اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه". عندما ولد الحسن في العام الثالث للهجرة سماه أبوه حربا، لكن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسمه إلى "الحسن"، وهو ما تكرر في العام التالي عندما ولد الحسين، فقد تدخل النبي وسماه "الحسين"، وكان الحسن أكثر أهل الأرض شبهاً برسول الله خلقا وخلقا، بينما كان الحسين أكثر شبها بالإمام علي بن أبي طالب.
تلقى الحسن والحسين مبادئ الحياة على يد الرسول الكريم، فكانا أبرز من تلقى العلم في مدرسة النبوة، فشبا طوال الفترة التي قضياها في ظل النبي على تعاليم الإسلام ونهج النبوة. واشتكى الرسول من غياب الحسن مرة فذهب يبحث عنه، فلما وجده دعا قائلا: "اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه". كان الرسول يعلم ابناه بكل الطرق العزة وكرم النفس، ففي إحدى المرات أخذ الحسن تمرة من تمر الصدقة وهو طفل صغير ووضعها في فمه، فما كان أسرع من رسول الله أن قام ونزعها قائلا: "إنا لا نأكل الصدقة"، فتعلم الصبي الصغير أن قرابته من رسول الله لا تعني الفخر فقط، بل تحمله مسؤولية مضاعفة للقيام بواجبات تلك القرابة.وتظهر الجوانب الخفية من حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في تعامله مع الصغيرين، فجوانبه الإنسانية لم تظهر بكل وضوح إلا مع الحسنين، فعندما كان الرسول يصلي ويسجد يثب الحسن والحسين على ظهره، وإذا رفع رأسه أخذهما فوضعهما بجواره، وكان يطيل السجود حتى ينزلا من على ظهره، فعلم البشرية كلها كيف تتعامل مع الأطفال في جو من الأبوة والحب والحنان. وفي إحدى المرات وأثناء نوم الرسول استيقظ الحسن من نومه طالبا الماء، فقام الرسول وجاء بالماء ليسقيه فناول الحسن فتناول الحسين ليشرب فمنعه، وبدأ بالحسن فقالت فاطمة يا رسول الله كأنه أحبهما إليك، فقال: "إنه استسقى أول مرة" ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "إني وهذين يوم القيامة في مكان واحد".ما تعلمه الحسن والحسين من الرسول استمر معهما طوال حياتهما، فكانت مواقفهما في جميع القضايا الكبرى التي واجهتهما تتسق مع تعاليم النبوة، سواء في دفاعهما عن الخليفة عثمان بن عفان عندما وقفا يزودان عنه، أو في دفاعهما عن أبيهما في جميع الفتن التي واجهته، أو في رفضهما التام لإهدار أحكام الدين الإسلامي في عصر ملك بني أمية. واستمرت تلك المبادئ التي زرعها الرسول في السبطين معهما ترشدهما سواء الطريق حتى وفاة الحسن سنة 50 للهجرة واستشهاد الحسين في عام 61 هـ.