الصداقة... حافظوا عليها

نشر في 26-03-2011 | 00:00
آخر تحديث 26-03-2011 | 00:00
نسمع غالبًا أنّه يصعب على النساء التفاهم بعضهم مع بعض. فتظهر الغيرة وحب الإغواء والتنافس، ما يدلّ على صعوبة قيام صداقة حقيقيّة بينهنّ. يكفي أن نرى ما يدور حولنا من مشاكل يوميّة بين النّساء لتأكيد ذلك.

لا يخفى علينا أنّ الصّداقة بين الرّجال تبدو إلى حدٍّ ما أقوى وأعمق وغالبّا ما تدوم أكثر من الصداقة التي تربط النّساء ببعضهنّ، إذ إن الرجل صريح جدًّا في صداقاته ويحافظ دائمًا على مسافة معيّنة مع أصدقائه، فيجعل هذه العلاقة بسيطة وصادقة وقائمة على الوفاء.

أمّا المرأة فتعبّر عن مشاعرها وتبدي آراءها بطريقة مختلفة، فهي تحب الثرثرة وإعطاء التعليقات مع صديقاتها. وحين يتملّكها الإحباط تقصد رفيقاتها فتشكو لهنّ مشاكلها وتنتقد المرأة الّتي سلبتها زوجها أو تلك المزعجة الّتي تحاول إغواء إبنها. أحيانًا، لا تلحق تلك التصرّفات أيّ ضررٍ للعلاقة بين الصّديقات الحميمات.

لكن ثمّة بعض الاستثناءات، فنرى نساء كثيرات يطعنّ بالصداقة للحصول على حبّ رجلٍ ما، كما يفعل الرّجال في بعض الحالات.

لا يحظى الجميع بصديقٍ وفيّ يأتمنه على أسراره أو يشاركه مشاكله الشّخصيّة، لكن مهما كانت شخصيّة المرء بإمكانه بناء صداقات عدة في العمل أو في الحياة الدراسيّة. بالإضافة إلى صداقات الطفولة التي قد تدوم إلى الأبد.

لا شكّ في أنّ الإنسان يحتاج إلى صديقٍ يكون بجانبه في الأوقات العصيبة ليصغي إلى مشاكله ويقدّم له النصائح، فيساعده في التغلّب على الصّعوبات.

يميّز بعض الفلاسفة بين الصّداقة العابرة والأخرى المبنيّة على المصلحة الشخصيّة. فالأولى هي الّتي تربط شخصين أو أكثر يحبّون تمضية الوقت مع بعضهم للّهو وممارسة نشاطٍ ما، من دون أن يكونوا مقرّبين جدًّا من بعضهم البعض.

أمّا الثّانية فهي التي تجمع بين أشخاص يعملون معًا على مشروعٍ ما لتحقيق ربحٍ ماديّ.

غير أنّ الصداقة الحقيقيّة ترتكز على المحبة والوفاء والاحترام المتبادل. فلا يخجل الأصدقاء الحقيقيّون من إظهار ضعفهم أمام بعضهم البعض، إذ يتصرّفون على سجيّتهم ويُظهرون ما في داخلهم من دون تكلّف. خسرت الصداقة في أيّامنا هذه كثيرًا من قيَمها، إذ تكمن في وجود مجرّد انسجام بسيط بين شخصين أو مصلحةٍ فرديّة. فيما يجب البحث عن نقاط مشتركة لتكون الصّداقة ناجحة.

فضلاً عن ذلك، تدوم الصداقة الحقيقيّة لوقتٍ طويل لأنّها تكبر مع الوقت ومع الذّكريات التي تتشاركها الصّديقات والفترة التي يمضينها سويًّا، بما تحملها من ضحكات ومغامرات جميلة.

لا شكّ في أن الحب والصداقة يختلفان إلى حدّ ما. مثلاً، حين يقع المرء في الحبّ من النّظرة الأولى، قد لا تدوم العلاقة لأنّ الشّعور لا يكون متبادلاً.

أما الصداقة الحقيقيّة فهي علاقة صادقة ترتكز على التواصل والمحبة المتبادلة من دون أن يسعى المرء من خلالها إلى تحقيق غاية ماديّة.

غير أنّ الحبّ قد يتطوّر فيقدم الشريكان على الزواج والإنجاب وإنشاء أسرة، فيضفي هذا الشعور رونقًا على حياة الإنسان، على رغم أنّ بعض العلاقات قد يسبّب معاناة ويترك جرحًا كبيرًا.

راهناً، تغيّر نمط العيش، فأصبح كلّ شريك في العلاقة يتمتّع باستقلاليّة كبيرة، ما يؤدّي أحياناً إلى الانفصال والشّعور بالوحدة.

حين تبدأ النّساء بعلاقة عاطفيّة جديدة، يبتعد بعضهنّ عن أصدقائه ليمضي وقتاً أكبر مع الحبيب، ويكرّس معظم وقته لتربية أطفاله وللأمور المنزليّة، فلا يجد الوقت الكافي لزيارة الأصدقاء والتّرفيه.

وإن مرّت المرأة بتجربة عاطفيّة مؤلمة، تشعر بقيمة صديقاتها اللّواتي يساعدنها في التغلّب على هذه المحنة.

لا شكّ في أنّ المنافسة شعورٌ طبيعيّ يظهر بين النّساء، ويزيد عندما يكون الهدف رجلاً واحداً. فمن المهمّ ألا يسود هذا الشّعور بين الأصدقاء وإلا ستبدأ المشاكل بالظهور. من جهةٍ، يدرك الرّجل أنّه قادر على التسبّب بمشاكل بين الصّديقات ما قد يؤدّي إلى خلافات جديّة بينهنّ.

ومن جهةٍ أخرى، تعزّز الصداقة التضامن بين النّساء. نلاحظ راهناً، أن طريقة تفكير النساء شهدت تحوّلاً كبيرًا. فلم تعد المراة تُعنى بإنجاب الأولاد والاهتمام بزوجها فحسب، بل تسعى أيضاً إلى الاستقلاليّة والمطالبة بحقوقها على جميع الصّعد.

فضلا عن ذلك، لا بدّ من وجود حسّ الفكاهة والثّقة التامة والوفاء بين الأصدقاء الحقيقيّين.

أخيرًا، الصّداقة لا غنى عنها في الحياة فهي توفّر للإنسان راحة النّفس والسّعادة، كذلك تساعده على التمتّع بكلّ لحظة من حياته.

back to top