قليل من الحب للاحتفاظ بنصفك الآخر

نشر في 23-04-2011 | 00:00
آخر تحديث 23-04-2011 | 00:00
يقال إن الكلام هو إحدى خصائص الإنسان، إذ يسمح بالفهم المتبادل، أقلّه نظريًا. فرغم أن للكلمات معاني محددة، فإن فهمها يختلف من شخص الى آخر، خصوصاً بين الرجل والمرأة. لكن ثمة طرقاً لزيادة القدرة على فهم الآخر، شرط بذل الجهود الضرورية.

يبرع كتاب السيناريو والكتاب العاديون في معالجة هذا الأمر، ذلك عبر تصوير كيفية تحوُّل حديث ناجح بين زوجين الى سوء تفاهم، والأمر هنا لا يتعلّق بالكذب، بل بمعاني الكلمات في معظم الأحيان.

موروثات واضحة

يحتاج الأمر الى نوع من النضج ليتمكّن المرء من تقبُّل كون الآخر «شخصًا آخر» بالفعل. في البداية، يحاول كلّ من الزوجين محو الاختلافات في ما بينهما، لتكون الأوقات التي يقضيانها معًا شاعرية. لا يعيش الزوجان في هذه الحالة الحقيقة، بل في مرحلة خاصة من الإغواء والشغف والاندماج.

مع انتهاء هذه المرحلة، يستعيد كلّ منهما شخصيّته، بالإضافة الى عادات قديمة تضاف الى العادات الجديدة المكتسبة. وخلافًا لما كان يحدث سابقًا، تقل الأوقات التي يمضيانها سويًا، ما يجعل الحاجة الى التواصل المستمر ضرورية. فمعنى التواصل الناجح هو أن نكون قادرين على إفهام الطرف الآخر فكرتنا.

تقدُّم العلاقة

إليكم بعض العموميات التي ليست مجرد كليشيهات! تحتاج المرأة الى معرفة مشاعر الآخر وتقلّباته المزاجية لتتقدّم في العلاقة بكل صفاء. فيما يرغب الرجل بكل بساطة في معرفة من يتحكّم بالوضع في لحظة معينة، لينتقل الى التصرّف بأكبر فاعلية ممكنة ومن دون تضييع الوقت.

يُظهر الطرفان حاجاتهما الى الفهم، لكن ليس على المستوى نفسه. ففهم حاجات الآخر ومنحه المعلومات المناسبة يسمحان بشكل كبير بتسهيل تخطّي بعض المشكلات التي تنتهي الى طريق مسدود. تميل المرأة الى نسج العلاقات الاجتماعية، بينما يميل الرجل الى المنافسة والفعل.

يجد الرجال، في غالبيتهم، قواسم مشتركة في ما بينهم سواء كانوا أميركيين أو أوروبيين أو عرباً... والأمر مماثل بالنسبة الى النساء. يبقى التفاهم بين الجنسين الأكثر صعوبة فعلياً، لكنه ليس مستحيلاً.

شخصان كاملان

على رغم أن المفردات الرومنسية غالبًا ما تتحدّث عن «النصفين» اللذين يلتقيان، لكن ليس أي من الرجل أو المرأة «نصفًًا» بل شخصان مختلفان تمامًا ويبقيان كاملين الواحد دون الآخر. لا تعتمد سعادتنا على الآخر، على الأقل ليس بشكل كامل. تبقى إحدى أهم المشكلات أنه وإن كانت المرأة تسعى، وبشكل مشروع، الى المساواة الكاملة والمستحقة في مهنة ما، فهي في الوقت نفسه لا ترغب في أن تعامَل «كرجل».

تزداد العلاقات تعقيدًا في الحياة الخاصة. إذ تتوقّع معظم الشابات أن يتم احترام مطالباتهن الجديدة، كالمساعدة في الأعمال المنزلية وفي تربية الأولاد.

يستطيع الرجل العصري أن يكون رومنسيًا وأن يقدم الزهور لزوجته من دون أن يقلل من احترامها، وتستطيع الزوجة أن تقدر وجود رجل يؤازرها ولا يتردد في أن يكون في موقع الحامي.

يبقى أن يعاد اختراع الحياة المشتركة وكذلك التواصل. ليس موقع المرأة واضحًا دائمًا. فبعض النساء يطالب بالكثير مع سرورهن بالاعتماد على أزواجهن. ولا يتجرأ بعض الرجال على إظهار ميولهم الطبيعية، خوفًا من أن يتهموا بالإفراط في إظهار رجولتهم أو حتى بأنهم كارهون للنساء.

التواصل... حاجة إلى من؟

حين ننظر حولنا، يتبيّن لنا أن النساء هنّ أكثر من يشكو من قلة التواصل، وأكثر من يطالب بحوار أفضل داخل المؤسسة الزوجية. كثيرون هم الرجال الذين لا يعانون من نقص مماثل. ربما تكونين إحدى النساء اللواتي يحببن التحدث مساءً عن يومهن مع من حولهن، بينما لا يخبرك زوجك أي شيء عن أحداث يومه.

في الحقيقة، التواصل الحقيقي حول المشاعر والعواطف أمر معقّد دائماً سواء بالنسبة الى الرجال أو النساء. يمكن للكلمات أن تتخطى الأفكار، ويمكن للجروح أن تبقى غير مندملة لفترة طويلة حين تكون الأحاسيس عميقة. لا شك في أن هذا هو السبب في عدم تعبير الأزواج عن مكنوناتهم الحقيقية الى أن يفوت الأوان، أي الى أن يصبحوأ تقريبًا على وشك الانفصال أو يكونوا قد انفصلوا بالفعل. غالبًا ما يؤدي شجار الى نوع من الإدراك المفاجئ لحقيقة الوضع لدى الطرف الآخر.

يتطلّب التواصل إذن معرفة حقيقية قبل أن يصبح عادة راسخة. ينبغي معرفة اختيار اللحظة المناسبة. يتطلّب عالم العمل عادة أن يتحكم المرء بمشاعره وعواطفه بشكل دائم، كي لا يظهر أي ضعف في بيئة تسودها المنافسة والعدائية. لم تعتد النساء إخفاء هذا الجانب من شخصيّتهن الذي يبدو أنه يجعلهنّ ضعيفات. لكن لم يمنعهن ذلك من الحصول على مواقع وظيفية جديدة، ما أثار نوعًا من الضيق لدى الرجال حيال إعادة النظر في دورهم التقليدي.

المهم اليوم أن نتمكّن من إسماع صوتنا للآخر ونتأكد في الوقت نفسه أن فهمه لنا حقيقي. لهذا، علينا التغاضي عن أي تنافس أو حرب بين الجنسين وإبداء قليل من... الحب.

back to top