محترم إلا ربع: فيلم... إلا الكثير جداً!
كما يتصوّر، أو يصوّر، تامر حسني ومحمد سعد وغيرهما، أنهم أصحاب مقدرة على تأليف قصص الأفلام، فلماذا لا يحذو محمد رجب حذوهم؟ ها هو يقدم فيلمه الجديد «محترم إلا ربع» (أحد أفلام عيد الأضحى)، باعتبار أنه صاحب القصة التي حوّلها سمير مبروك إلى سيناريو وحوار وأخرجها محمد حمدي!كذلك، يؤدي أحمد السقا وأحمد عز وغيرهما بطولة الأفلام، فلماذا لا يكون محمد رجب مثلهم؟ ها هو يكرر المحاولة تلو المحاولة لتحقيق هذا الهدف، وهو هدف مشروع إنما شريطة أن تتوافر مقوماته في صاحبه، وهذا أمر يعدّ لغاية اليوم محلّ شك أو على الأقل محلّ نظر!
«هشام» (محمد رجب) شاب جميل ونبيل وشريف، يعمل رساماً في صحيفة ويقاوم برسوماته ومواقفه وتعليقاته في المؤتمرات صور الفساد في المجتمع، وانحرافات رجال الأعمال من أمثال «الرجل الحوت» (أحمد راتب) ورئيسة تحرير الصحيفة (إيناس مكي) التي تقبل الرشاوى من هؤلاء لقاء تحويل الكلام عن فسادهم إلى إشادة بفضائلهم.كذلك، لا يخدع هشام زميلته في الصحيفة حنان (روجينا) المغرمة به إلى حدّ أنها لا ترى عنه بديلاً كحبيب وزوج، فيفهمها أنه لا يبادلها الشعور نفسه، لذلك هو شخص محترم إلى حد كبير!ولا يكف هشام، في مشاهد عدة، عن التعبير عن محبة الأطفال، واللعب مع طفلة تستضيفها أمه (ميمي جمال) في بيتهما، لذلك هو أيضاً شخص محترم إلى حد كبير! لكن لماذا هو محترم إلا ربع إذاً؟ لأن نقطة ضعفه الواضحة ولعه بالنساء وإقامة علاقات معهن من كل نوع وبأي شكل، حتى مع أختين توأم. يصور الفيلم ذلك بإسفاف إلى حدّ كبير.تتخلّل الفيلم قصة حبّ، يعيشها البطل بجدية مع لما (لاميتا) وهي فتاة ثرية، ولا تنتهي القصة إلا بتغيّر مفاجئ من الفتاة لم يفهمه هشام، إذ تأخذ في التهرب من مقابلته وحتى من مكالماته الهاتفية، إلى أن تعترف له في لقائهما الأخير: «لا أعرف ما حدث لي، يبدو أنني وقعت في حب جديد».يهرب هشام من صدمته عبر إقامة مزيد من العلاقات الغرامية، بالتالي مزيد من المشاهد الساخنة... «لزوم البيع والتوزيع ومحاولة ربح المزيد، مع تلميع النجم الجديد»!وفجأة يصبح هشام ثرياً ورجل أعمال ذا شأن... لا ندري متى وكيف؟ لكنه لا ينسى حربه على الفساد والمفسدين، من بينهم الرجل الحوت، إلى أن يخطف الأخير حنان والطفلة ويعلن أنه لن يتركهما إلا بعد أن يسلمه هشام ملفاً يدينه حصل عليه من أحد أتباعه، وبعد معارك «أكشن» عنيفة، غير مقنعة، تُنقذ الطفلة وحنان التي يتزوّجها هشام في نهاية الفيلم، فالواضح والمؤكد أنه لم يجد أكثر منها إخلاصاً له وحباً.بالإضافة إلى قدر لا يستهان به من الإسفاف، يحفل الفيلم بالاستخفاف والغرائب، فهو يقدم لنا الحبيبة (لاميتا) كإبنة لرجل أعمال بينه وبين هشام معارك شرسة وتحديات، إلا أن هشام كان يجهل هذا الواقع بينما يعرفه المشاهد، ويبدو أن كاتب السيناريو كان ينوي أن يصل في أحد مشاهده إلى مفاجأة هشام بذلك (ربما من دون أن يدري ماذا سيصنع درامياً بهذه المفاجأة)، لكن يلاحظ أن أصحاب الفيلم نسوا ذلك تماماً فلم يعرف هشام هذه الحقيقة.فكرة «محترم إلا ربع» لا بأس بها في ذاتها، أي أنه لا أحد كاملاً أو متكاملاً، إنما تنقص البشر عادة، لأنهم بشر، ميزات ويتسمون بعيوب ويقعون في أخطاء... لكن كان يلزمها صيغة أخرى ومعالجة درامية أخرى ورصانة تنحو إلى التحليل أو التأمل بدلاً من الخفة والابتذال، لتكون فيلماً له قيمته، أي باختصار... كان يلزمها تفكير مغاير... فيلم مغاير.