من الكويت إلى المنامة

نشر في 18-03-2011
آخر تحديث 18-03-2011 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي مبادرة ولي عهد البحرين في الإصلاح يجب أن تفعّل حتى لو كانت من طرف واحد، فولي العهد مواطن وابن البحرين أولاً وأخيراً، ويعرف احتياجات أهله، وهو أيضا يعرف جيداً أدوات الإصلاح؛ مدركاً المسؤوليات الجسام التي يحملها في فترة مفصلية.

يعلم الله كم أحب البحرين، فهي في قلبي بعد الكويت، ولا أعرف سببا لذلك الحب سوى طيبة أهلها من المحرق والسلمانية إلى الرفاع والمنامة، ففيها البساطة والأصالة، ولا يمكن لذاكرتي أن تنسى آخر مرة زرت فيها المنامة بدعوة كريمة لإلقاء محاضرة عن تجربة المؤسسات الأكاديمية في صنع الفرص الوظيفية، وكيف كان الشباب البحريني بكل مكوناته يلتف حولي في فترة الغداء، وكأني أخ أكبر، الكل يحاول أن يقدم لي ما أحتاجه من خدمات، فلم تُتح الفرصة لأتحرك لوحدي، فكانوا يتبادلون الأدوار بحيث يصحبني كل منهم لرؤية الجانب الآخر من البحرين.

أحد هؤلاء الشباب يعمل مذيعا ومقدما في تلفزيون البحرين الرسمي من سكان المحرق، كان شعلة من النشاط والطيبة، أصر على اصطحابي إلى السوق، ثم إلى المطار لمدة تزيد على خمس ساعات؛ يحدثني عن التعايش السلمي الذي يعيشه البحرينيون على اختلاف مشاربهم، فكنت فرحا لسماع ذلك، إلا أنه أكد قضية صعوبة العيش في ظل تدني مستوى الأجور، ناهيك عن ندرة الوظائف المتاحة أمام الشباب البحريني.

اليوم تمر مملكة البحرين في أزمة سياسية وانقسام واصطفاف طائفي حشر فيه الشعب ليدفع فاتورة المتعصبين من الطائفتين؛ على أمل أن يسحبوا من البحرينيين هويتهم الوطنية تحت ذريعة الولاءات الخارجية، لكن الله والعقلاء بالبحرين من الطائفتين ستكون لهم اليد الطولى في درء الفتنة.

قال تعالى: «وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز». (الحج آية 40). هذا كلام الله الذي أنزله على نبي الرحمة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يدعونا لدفع الضرر، فما بال القوم يتكالبون على إثارة الفتنة بين شعب مسلم عربي «ألا بعداً للقوم الظالمين».

مبادرة ولي عهد البحرين في الإصلاح يجب أن تفعّل حتى لو كانت من طرف واحد، فولي العهد مواطن وابن البحرين أولاً وأخيراً، ويعرف احتياجات أهله، وهو أيضا يعرف جيداً أدوات الإصلاح؛ مدركاً المسؤوليات الجسام التي يحملها في فترة مفصلية، وقد تكون هذه المرحلة مرحلة اللا عودة في تاريخ البحرين إن لم يجر تلك الإصلاحات الجذرية، فهو شخص يمكن الوثوق به، فهذا ما لمسناه من خطاباته، فدعمه من كل القوى السياسية ومن أسرة آل خليفة واجب وطني؛ لتمكينه من البدء الفوري بمسيرة الإصلاح.

رسالة أتمنى أن تصل إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى، بألا تلتف إلى من يريد بأهلك أهل البحرين من سنة وشيعة السوء، بل حكّم لغة العقل عملاً بقوله تعالى: «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ».(آل عمران الآية 64).

ودمتم سالمين.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top