عشرون عاماً على الغزو

نشر في 26-09-2010
آخر تحديث 26-09-2010 | 00:00
 بدر سلطان العيسى لابد، بعد مرور عشرين عاما على الغزو العراقي وعلى تحرير الكويت، من قيام جهة مسؤولة متخصصة بإجراء دراسة علمية وعملية تبحث في تأثيرات الغزو في المواطن من الناحية النفسية والسلوكية، وفي الإنسان الكويتي الذي تعرض للمعاناة المعيشية اليومية والضغوط النفسية للإنسان، الذي بقي صامدا في الكويت لسبعة شهور كافية أن تترك آثارا كارثية على نفسيته ومعنوياته، ظهرت تلك الآثار واضحة على سلوك وتصرفات الصامد وعلى معتقداته الدينية والقومية.

ما يقال عمن بقي داخل الكويت أيام الغزو يمكن أن يقال نفسه عمن عاش في الخارج، ولا يدخل ضمن هؤلاء من توافر لديه المال وعاش وسكن في فنادق خمسة نجوم، وفي هذا المجال يمكن الحديث عن نوعين من السلوك أو التصرف لذلك الكويتي الذي كان في الخارج أيام الغزو:

السلوك الأول للإنسان الذي توافر له المال، والذي كان ارتباطه بالأرض من النوع الخفيف أو ذلك الإنسان الحديث الانتماء للكويت، أو الذي لا يشعر بانتمائه إلى الكويت، والذي قد لا يعتبر الكويت وطنا ولد وعاش فيه وسوف يدفن فيه، هذه الفئة من المواطنين في الخارج استطاعت عند أول بادرة لمجريات الغزو أن تفك ارتباطها بالوطن، وابتدأ يتصرف كسائح أو كأنه زائر لفترة قضاها في الكويت... هذه الفئة هي نفس الفئة التي ترتبط بالكويت ارتباطا اسميا أو مصلحيا لا ترى لوطنها أي حق عليها ولسوء الطالع أنها فئة ليست قليلة ولنقل لسوء حظ الكويت.

أما الفئة الأخرى من الذين كانوا في الخارج فقد كان انتماؤهم للكويت قويا، وكان شعورهم بالغربة والتشرد يدفعهم إلى العمل بقدر إمكاناتهم للعودة إلى الكويت، والعمل لتحقيق هذه الرغبة بالوسيلة التي كانت متاحة لهم وبما في إمكاناتهم، وهي لا تقل عن رغبة الكويتي أو أخته الكويتية التي تحملت فوق طاقة الإنسان للعيش في مثل هذه الظروف الاستثنائية، وكما قلت في بداية حديثي فإن هناك آثارا ونتائج نفسية على الفئتين، سواء تلك التي كانت بالداخل أو أولئك الذين كانوا بالخارج، وقد ظهرت تلك الآثار واضحة بصورة أو بأخرى:

أولاً: ازدياد نسبة الطلاق بين المتزوجين حديثا.

ثانيا: تفشي الفساد والرشوة حتى كادت تكون من مسلمات الحياة الكويتية.

ثالثا: التطرف الديني الذي تحول إلى دروشة وتصرفات لم تكن موجودة في الإسلام السليم، ولم تكن منتشرة في الكويت بالصورة التي هي عليها الآن.

رابعا: استغلال الدين سياسيا واستعماله في الكسب المادي.

خامسا: ظهور ظاهرة تفسير الأحلام وندوات الهلوسة الدينية التي لا يقرها الإسلام الصحيح.

سادسا: محاولة الهروب من مجابهة الواقع المعاش إلى التمسك بتصرفات وعادات كانت صالحة للمسلم قبل ألف وأربعمئة سنة، ومحاولة تطبيقها على واقع القرن الحادي والعشرين.

سابعا: انتشار المخدرات بصورة وبائية، وعدم مقدرة المسؤولين على وقف ذلك السيل من المخدرات الذي يدخل إلى الكويت، وعدم تمكن الجهات القضائية من تنفيذ أحكام المحاكم التي ينص عليها قانون المتاجرة بالمخدرات وتعاطيها.

ثامنا: انحسار دور المرأة الكويتية وانفلات الرجل الكويتي.

تاسعا: ازدياد اعتماد البيت الكويتي على الخدم الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد الخادمات لثلاثة أضعاف عدد الكويتيين.

عاشرا: انتشار المدارس الأجنبية بما تبثه من عادات وتقاليد غريبة على المجتمع الكويتي ما أدى إلى ابتعاد الطالب الكويتي عن تعلم اللغة العربية، وهي، كما نعرف بجانب كونها وسيلة للتحدث، تاريخ العرب لثلاثة آلاف سنة ماضية. إن الوضع يحتاج إلى قيام جهة مسؤولة بمثل هذه الدراسة أو أن تقوم جهة أخرى على تنفيذ ما قد تتوصل إليه تلك الدراسة- بعيدا عن لجنة الظواهر السلبية- وإلى ما يمكن أن يعيد إلى الكويت والكويتي فكره ولحمته العربية وتفكيره السليم وسلوكه الأصيل.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top