«الشرف»... في رمضان

نشر في 29-08-2010
آخر تحديث 29-08-2010 | 00:01
قضية شح الكتّاب أو بالأصح انعدامهم ليست حصراً على الأعمال الدرامية، فحتى الأعمال التاريخية التي عُرضت في رمضان هذا العام أثبتت أنه لم يعد هناك من يستطيع كتابة نص متكامل وراقٍ، حتى وإن كان الأمر متعلقا بأحداث مدونة في مراجع ومصادر تاريخية.
 سعد العجمي في أربعة أعمال درامية كويتية، على الأقل، تعرض في شهر رمضان على عدد من الشاشات المحلية والعربية، لاحظت أن أحداثها تتمحور حول "الشرف" والعلاقات المحرمة خارج إطار العلاقة الزوجية، وهنا لن أردد ما يقوله البعض عن الإساءة إلى سمعة المجتمع الكويتي وتصوير الأسرة الكويتية، وكأنها أسرة مفككة ومهلهلة.

اعتقد ان المشكلة أعمق بكثير مما يتصوره البعض، فمن الواضح أننا نعيش أزمة "قصة" وشحا في الكتّاب القادرين على الإبداع ممن يستطيعون كتابة نصوص تترجم إلى أعمال درامية تبقى في الذاكرة طويلاً كـ"درب الزلق" و"الأقدار" وغيرها من الأعمال الرائعة أيام الزمن الجميل.

في مثل هذا الوضع، من الطبيعي أن تروَّج أعمال ومسلسلات ذات قيم هابطة، تصور الحالات الشاذة وكأنها ظاهرة استفحلت في المجتمع، فالخوض في هذا الإطار، أمر يسير يستطيعون من خلاله إنتاج مسلسلات من مئة حلقة، وليس ثلاثين فقط، فهي أشبه بـ"سلق البيض" أكثر منها عملا فنيا.

"أيام الفرج" و"ليلة عيد" و"شر النفوس 3"، ثلاثة أعمال تلفزيونية عمودها الفقري قضية شرف، إما شابة غُرِّر بها، وإما زوجة خانت زوجها، ما عدا ذلك من أحداث تدور في تلك المسلسلات أحداث هامشية لسد الفراغ. حتى مسلسل "زوارة خميس" يدور في هذا الفلك بشكل أو بآخر، فمن خلال حلقاته التي بثت حتى الآن، فإنني أتوقع أن جميع أبطال العمل من الرجال سيتزوجون على نسائهم في نهاية الأمر، بما في ذلك الأب محمد المنصور، وهو ما جعلني أحبط بعد أن كنت أظن أن الكاتبة هبة حمادة هي أفضل الموجودين على الساحة وأن لديها القدرة في الحفاظ على مستوى أعمالها السابقة.

قضية شح الكتاب أو بالأصح انعدامهم ليست حصراً على الأعمال الدرامية، فحتى الأعمال التاريخية التي عُرضت في رمضان هذا العام أثبتت أنه لم يعد هناك من يستطيع كتابة نص متكامل وراق، حتى وإن كان الأمر متعلقا بأحداث مدونة في مراجع ومصادر تاريخية، كما هو الحال في مسلسل "القعقاع بن عمرو" و"إخوان مريم" على سبيل المثال!

في عمل كـ"القعقاع" واضح جداً أن المؤلف والمخرج حاولا إبراز شخصية البطل على حساب أحداث تاريخية وقعت في حياته، لكن أبطالها كانوا أناسا غيره، فتم إقحامه في أحداث لم يكن له دور بارز فيها، لذلك بدت شخصيته هامشية في كثير من الوقائع، وحاول المؤلف والمخرج تعويض ذلك بتسليط الضوء على الأحداث التي كان له إسهامات فيها، فصور خلالها وكأنه بطل خرافي، فوقع طاقم العمل في المحظور.

أما في مسلسل "إخوان مريم"، فإن الكاتب وعلى ما يبدو لم يكلف نفسه عناء البحث في المصادر والوثائق التاريخية التي دونت تلك الحقبة الزمنية، فتاه بين قلة البحث وبين "المجاملة"، فخرج لنا بعمل أقل من المأمول، لاسيما أنه عمل يتحدث عن تاريخ أسرة آل صباح، فكان من المفترض أن يكون عملاً جباراً يوثّق مسيرة بناء وطن ودولة وحكام.

* **  

أرحب بانضمام الزميل تركي الدخيل إلى كتّاب "الجريدة"، وأتمنى له التوفيق، والكل كاسب ورابح، "الجريدة" و"أبو عبدالله " وكذلك القراء الأعزاء.

back to top