الحريات... قضية رابحة أفشلها المحامون!!

نشر في 13-10-2010
آخر تحديث 13-10-2010 | 00:01
موضوع بأهمية حرية التعبير وحق الاجتماع للمواطنين وحساسيتهما، يجب أن تتصدى له القوى السياسية المؤثرة، والتي لها أذرع نيابية تستطيع من خلالها وضع تلازم في المسار بين التحركات الشعبية في الشارع ونيابة المجلس لتكون النتائج مؤثرة وحاسمة.
 سعد العجمي لست هنا بصدد المزايدة على أي طرف أو لأقلل من جهد أحد، ولا محاكما للنوايا، فقضية الحريات والدفاع عنها قضية رابحة في أي زمان ومكان وتحت أي ظرف، لكن التعامل معها والحفاظ عليها يجب أن يكونا وفق آليات معينة تضمن نحاح أي فكرة أو تحرك لصيانة الحريات والدفاع عنها.

عند أي استحقاق قانوني ودستوري مهم كمحاولة السلطة منع إقامة الندوات وإعادة إحياء قانون حظر التجمعات "المقبور" لا يجدي التحرك الشخصي أو الجماعي المحدود، خصوصا إذا ما تعلق الأمر بالنزول إلى الشارع للتعبير عن مبدأ الرفض، أما إذا اقتصر الأمر على التحرك القانوني عبر اللجوء إلى القضاء فإن شخصا أو شخصين فقط قد يقومان بهذا الدور على أكمل وجه كما حدث مع الحميدي السبيعي والنائب السابق وليد الجري عندما ترافعا مع بعض الإخوة أمام المحكمة ليصدر الحكم التاريخي بعدم دستورية قانون التجمعات.

إن إقامة ندوة أو عدة ندوات في وقت واحد بهدف استعراض القوى هو تحرك طائش وغير محسوب، يضر القضية أكثر مما ينفعها لاسيما مع منظر الحضور الهزيل لتلك الندوات، والذي عكس صورة مفادها أن الناس لا تريد الانتصار للحريات، بسبب التحضير السيئ وعدم قدرة المنظمين على الحشد لانعدام تأثيرهم في الشارع.

موضوع بأهمية حرية التعبير وحق الاجتماع للمواطنين وحساسيتهما، يجب أن تتصدى له القوى السياسية المؤثرة، والتي لها أذرع نيابية تستطيع من خلالها وضع تلازم في المسار بين التحركات الشعبية في الشارع ونيابة المجلس لتكون النتائج مؤثرة وحاسمة.

إن دعوة ممثلين عن التيارات الدينية والليبرالية والوطنية، الشيعيّة والسنية منها، إلى الاجتماع والتباحث في موضوع التضييق على الحريات، ومن ثم الخروج بموقف موحد، ومن ثم الدعوة إلى تجمع حاشد يشارك فيه الجميع هو التحرك المنطقي، ومن لم يشارك يتحمل مسئولياته التاريخية أمام أبناء الشعب الكويتي، لا سيما أن الدفاع عن "الحريات" قضية ليست خلافية بل هي محل اتفاق الجميع دون استثناء.

قد يقول قائل إن هناك تخاذلاً من بعض القوى تجاه هذا الأمر، وهو طرح فيه جانب من الصواب، لكن تخاذل ذلك البعض، يجب ألا يكون مبرراً للقيام بعمل منقوص، ومع قليل من البحث وبذل جهود لتقريب وجهات النظر مع بعض الأطراف كفيلان بتحقيق النتائج المرجوة لأن "حرياتنا" تستحق التنازل عن فكرة مريضة اسمها "من يقود الشارع".

إن محاولة البعض فرض سياسة الأمر الواقع عبر الإعلان عن تحرك هنا أو هناك لابتزاز النواب والنشطاء السياسيين وإرغامهم على المشاركة، هو عبث سياسي يجب ألا ننقاد خلفه كالقطيع، وعندما يريد أحد أن يقيس شعبيته وتأثيره في الشارع، فليتبنَّ قضايا "على قده" وليعتبر من ندواته السابقة التي لا يحضرها إلا المتحدثون والمصورون فقط، أما "الحريات" والدفاع عنها فهي أكبر من قدراتهم وأسمى من أهدافهم الضيقة.

من هنا وعبر هذه الزاوية أدعو أي تيار سياسي يريد المبادرة إلى توجيه الدعوة للممثلين عن القوى الأخرى للتباحث والتشاور والخروج بموقف موحد وصريح، وحاسم في نفس الوقت انتصاراً للقانون والدستور، حتى تكون الرسالة واضحة لا لبس فيها لمن يحاول تكميم الأفواه وتقليص المكاسب الدستورية، لأن حريتنا اليوم أصبحت "قضية رابحة ترافع فيها محامون فاشلون" للأسف الشديد!!

back to top