من يكن عبداً... 
يعامل كالعبيد


نشر في 08-10-2009
آخر تحديث 08-10-2009 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي يقول سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام): «إن لم يكن لكم دين، فكونوا أحراراً في دنياكم»، حقا إنها مقولة رائعة تصلح لكل زمان ومكان، ولعل هذه المقولة هي لسان حالنا عندما نرى أحراراً يناصرون قضايانا بينما بنو جلدتنا يتواطؤون ضد تلك القضايا.

آخر المهازل هي تلك الجريمة التي اقترفتها السلطة الفلسطينية بموافقتها على سحب تقرير القاضي (اليهودي) غولدستون الذي أدان الكيان الصهيوني على إرهابه في غزة، والموافقة على تأجيل التصويت عليه إلى مارس القادم! والمفارقة أنه للمرة الأولى دولياً يتنازل الضحية عن حقه لمصلحة الجلاد، وهو ما أثار استغراب العديد من الدول والمؤسسات الحقوقية.

لكن للأمانة، لا تكون مثل هذه الخيانة مستغربة على سلطة باعت نفسها للشيطان ضد شعبها، والأخبار والتسريبات بدأت تظهر لتكشف المستور من هذه الفضيحة، وآخرها أن الكيان الصهيوني هدد بسحب ترددات شركة الخليوي التي يديرها ابن محمود عباس إن لم تطلب السلطة التأجيل. طبعا هذه التسريبات ليست مؤكدة بشكل قاطع حتى نكون منصفين، لكن ذلك ليس بمستغرب على الإطلاق من سلطة غارقة في الفساد منذ 15 عاما بشهادة «معزبها الأميركي»، وهنا نستذكر أيضا أحد مسؤولي السلطة الكبار الذي كان مصنعه يمول الإسمنت المستخدم في بناء جدار الفصل العنصري. فهذه هي حال قادة السلطة وأبنائهم بينما معروف كيف يعيش قادة المقاومة من «حماس» و»الجهاد الإسلامي» وأبناؤهم!

لكن ماذا تتوقعون من أناس أرادوا لأنفسهم أن يكونوا عبيداً لخدمة المشروع الصهيوني؟ هل يعاملون كأحرار أم كعبيد بل أذل من العبيد؟ هذا بعد أن قرروا الانبطاح ودخول معركة دون أسلحة، فذاق شعبهم الويلات فيما هم يجنون زخرف الدنيا وزينتها. فنراهم يقفون عاجزين عن وقف هدم 5 آلاف منزل على يد الاحتلال خلال السنوات الست الماضية بينما يستمر قطار الاستيطان وتهويد القدس دون توقف، فقرروا عدم استئناف المفاوضات دون وقف كلي للاستيطان، وإذا بهم يساقون صاغرين إلى طاولة المفاوضات قبل أسبوعين دون أن يتوقف أي مشروع استيطاني.

وبعد ذلك خضعوا للضغوط الأميركية الصهيونية لتأجيل التصويت على «تقرير غولدستون» بعدما تم تهديدهم بوقف المساعدات الأميركية كافة ووقف نصيبهم من الضرائب التي تجمعها سلطة الاحتلال بالنيابة عنهم. فهذا مصير من يرهن نفسه وشعبه بالمال النجس بينما رأينا حال من رهن نفسه بالمال الطاهر! وبعد أن افتضح أمرهم وتلقوا الانتقادات حتى من أقرب المدافعين مثل عمرو موسى، بدأ (خائب) عريقات بتسويق التبريرات والادعاء بأن التأجيل هو من أجل تحقيق إجماع أكبر على التقرير. فعلى من تتذاكى أيها الخائب بعد أن عرف بأن 33 تقريبا من أصل 47 عضوا بلجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة كانت ستصوت لمصلحة التقرير بينما انقسم الباقون بين معارض وممتنع؟ فهل تريد أن تقنع حلفاء الصهاينة بالتصويت لمصلحة التقرير خلال هذه المدة؟!

لقد بات واضحا أكثر من أي وقت مضى بأن مسيرة حفظ حقوق الشعب الفلسطيني لن تتقدم في وجود مثل هؤلاء المتواطئين مع أسيادهم، فقد آن أوان استئصال مختطفي حركة «فتح» والسلطة ومن ثم استئناف المصالحة الداخلية لأنه من المستحيل تحقيق مصالحة مع العملاء الذين يخونون قضية شعبهم. وإن لم يتحقق هذا الاستئصال على يد الفلسطينيين أنفسهم، فسيتحقق بإذنه تعالى بطريقة أخرى... «حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ».

back to top