حكايات الغدر والموت والدم رصاصة في رأس ضمير الثورة حنظلة حيّ وناجي العلي رحل (2-2)
يقول ناجي العلي: {بعد عودتي كان بدأ يتشكل في مخيم عين الحلوة بعض النشاط السياسي، كان هناك نشاط للقوميين السوريين، وانتبهت إلى أن معظم شباب المخيم كان مندفعاً في حركة القوميين العرب، أما جماهير المخيم فكانت ناصرية، إذ كان أمل الناس بالعودة قد انتعش بعد بروز قيادة عبد الناصر. حاولت أن أنتمي إلى حركة القوميين العرب عام1959 ، إلا أنني اكتشفت واكتشفوا هم معي، أنني لا أصلح للعمل الحزبي، فخلال سنة أبعدت أربع مرات عن التنظيم بسبب عدم انضباطي».
تابع العلي: «آنذاك كنت أقرأ كتباً قومية لساطع الحصري وكان شباب الحركة هم الذين أشاروا عليَّ بذلك. كذلك كنت طبعاً أقرأ مجلة «الحرية» التي كانت تصدر شهرياً.غسان كنفاني لم أقرأ له شيئاً آنذاك، لكنني تأثرت به منذ رأيته يتكلم في إحدى الندوات في المخيم. رأيت أنه يعبر عن هموم الناس، كانوا يحبونه، ونحن كنا نحب كل من يستطيع الاقتراب من همومنا الوطنية، ولاحقاً صرت أقرأ له كتاباته السياسية في مجلة «الحرية».لم أحتك بالوسط الثقافي الفلسطيني، ولم أدخل في المؤسسات الثقافية التابعة لمنظمة التحرير إلا في السنة الأخيرة قبل الاجتياح، صرت عضواً في الأمانة العامة لاتحاد الكتاب. في الفترة الأخيرة، لم أكن فلسطينياً خالصاً في حياتي الشخصية والثقافية، صار مضمون الانتماء الفلسطيني بالنسبة إلي، يأخذ أشكالاً قومية وإنسانية عامة، هذا شعور وليس قراراً. هكذا كنت أشعر بمعزل عن الصيغ السياسية. استمر لدي هذا الشعور حين كانت تقوى النزعات القطرية وتشتد لدى المحيطين بي، كان أحدهم يكتشف فجأة أنه لبناني أو فلسطيني أو سوري. أنا كنت أقاوم هذا التشتت لأنني أرى أن هناك مجالاً لشعور إضافي غامر يتمثل في وحدة أهدافنا جميعاً.في بداية وعيي السياسي كنت أظن أنني مع نفر قليل من أصدقائي في المخيم، نستطيع تحرير الجليل، كنت وما أزال مقتنعاً بحرب التحرير الشعبية لأنني قد وصلت مبكراً إلى الكفر بالأنظمة، وبجميع المؤسسات التابعة لها من عسكرية وسياسية وإدارية وثقافية... إلخ.لكن ماذا لو دب فيّ الوهن؟ ماذا لو خالجني الإحساس بالهزيمة والتراجع أو أغراني مجتمع الاستهلاك؟ حتى لو أردت فإنني لن أستطيع ذلك، فولدي «حنظلة» موجود في لوحاتي كافة يراقب ما أرسم، إنه ذلك الرمز الصغير الذي أثار جدلاً من دون أن يدير وجهه، ورسومي لا تباع لأن حنظلة عنصر ثابت فيها. حاولوا أن يجعلوني «رسام القبيلة»... مع هذا النظام ضد ذاك... لكن كيف أقبل وحنظلة معي دائماً. إنه رقيب.الرسم بالنسبة إليّ مهنة ووظيفة وهواية، وعلى رغم أنني أعمل رساماً منذ سنين طويلة، إلا أنني لم أشعر أبدأ بالرضا عن عملي، أشعر بالعجز عن توظيف هذه اللغة التعبيرية في نقل همي لأنه كبير؟ والرسم هو الذي يحقق لي توازني الداخلي. إنه عزائي، لكنه أيضاً يشكل لي عذاباً، أحياناً أقول إن هذا الكاريكاتور الذي أرسمه يجعل حظي أفضل من غيري، لأنه يتيح لي إمكان تنفيس همي، وإن الآخرين قد يموتون كمداً وقهراً من ذلك الهم الذي يجثم على قلوبهم وينفث سمه اليومي فيهم... أنا أعرف أن الرسم يعزيني.وأشعر أيضاً أن الكاريكاتور لغة تخاطب مع الناس، ولغة تبشير وهو للنقد وليس للترفيه، وأعتبر نفسي جراحاً من نوع ما، وأرى أن حزني ومرارتي وسوداويتي التي أعبر عنها في رسومي حالة نبيلة ومشتركة بيني وبين المواطنين الذين يحزنهم ويوجعهم هذا الواقع العربي.في الكويت ابتكرت شخصية حنظلة خوفاً من التأثر بالمجتمع الاستهلاكي، وحاولت أن أرسم من دون تعليق، وأن أشكّل رموزاً مشتركة بيني والقارئ، وعلى رغم ذلك شعرت مرات كثيرة أنني أريد أن أكتب تعليقات وأحكي كثيراً، أعمل منشوراً... مانيفستو... أريد أن أؤذن في الناس، أن أوصل رسالتي بوضوح وبأي شكل، وأشعر أحياناً أن ذلك يتم على حساب فنية الصورة، لكنني أشعر أني لا أستطيع أن «أتمرجل» وأتعالى على القارئ. أحاول أن أستخدم أدواتي الرمزية. أنا أيضاً مشغول بقضية التوصيل الواضح للشخص العادي الفقير الذي يعنيني في المقام الأول.كان أكثر من يلفت نظري من رسامي مصر، صلاح جاهين ورجائي وحجازي وبهجت عثمان... كانوا في تلك المرحلة رواداً مؤثرين ومتطورين، خصوصاً من كان منهم في مدرسة «روز اليوسف»، كذلك كنت أنتبه لأولئك الذين كانوا في لبنان مثل بيار صادق ونيازي جلول وملحم عماد وجان مشعلاني.لم أتأثر بأحد منهم، على رغم أنني أشعر بتأثير غير مباشر منهم عليَّ. منذ البداية كنت أشعر أنه لدي حالة مميزة عن الآخرين وكنت كثير الاهتمام بأن ابتكر منهجاً خاصاً في أسلوبي. هذا النهج أراه الآن في نجاحي بمخاطبة الناس عبر أساليب عدة، وبشعوري أنني عفوي، أشعر أن هذه العفوية في رسمي تنسجم مع رموزي وأشخاصي الذين أتعامل معهم... هم بسطاء وعفويون.المعركة مفتوحة وما زال عندي أمل، وعندي إحساس أنه لا بد من الحصول على حقوقنا المهضومة مهما كان الثمن، وأشعر بالضعف أمام الناس البسطاء، أما النجوم فليس عندي نجوم، شيء طبيعي أن يكون المرء ثورياً ويكون محترماً، وليس طبيعياً أن يطلب في المقابل الركوب على أكتافنا.أعلم أنني سأواصل الطريق، فأنا على موعد هناك، بعيداً، ولن أخلفه. سنلتقي ذات يوم، الجميع، الشهداء، أبناء المخيمات، والمغتربون هنا وهناك حاملين صورة الوطن في العيون، و{فاطمة» الفلسطينية التي حملت هموماً تئن تحت وطأتها الجبال... سندق ساري علم فلسطين في تراب الوطن... سنستمر}.حكاية حنظلةزيّنّ «حنظلة» ابن المخيم زوايا رسوم العلي على مدى أكثر من 20 عاماً، دائراً ظهره للقارئ، وكأنه يطالع الأحداث ويعلن احتجاجه عليها. إنه شخصية سلبية، صامتة، شاهد رافض، لكنه يتحوّل في لحظات نادرة إلى شخص فاعل، يعلّق على الأحداث أو يتناول حجراً ويرميه...إلخ. ربما يعود إصرار العلي على رسمه إلى كونه يمثّله شخصياً، يمثله في طفولته لحظة اقتلاعه من وطنه، ابن علي البكر اسمه حنظلة.وفي سبيل استيعاب تلك الشخصية الرمز وما تشمله من معان، نقرأ ما كتبه العلي على لسان «حنظلة» وهو يقدم نفسه للجماهير:- الاسم: حنظلة، اسم أبي مش ضروري، أمي... اسمها نكبة وأختي الصغيرة فاطمة. نمرة رجلي: ما بعرف لأني دايماًً حافي.- تاريخ الولادة: ولدت في 5 يونيو سنة 1967.- الجنسية: أنا مش فلسطيني، مش أردني، مش كويتي، مش لبناني، مش مصري، مش حدا... إلخ، باختصار معيش هوية ولا ناوي أتجنس... محسوبك إنسان عربي وبس.قال العلي: «ولد حنظلة في العاشرة من عمره، وسيظل دائماً في العاشرة، ففي تلك السن غادرت الوطن، وحين يعود حنظلة سيكون بعد في العاشرة، ثم سيأخذ في الكبر بعد ذلك... قوانين الطبيعة المعروفة لا تنطبق عليه، إنه استثناء، لأن فقدان الوطن استثناء. وستصبح الأمور طبيعيةً حين يعود إلى الوطن، فالطفل يمثل موقفاً رمزياً، ليس بالنسبة إلي فحسب، بل بالنسبة إلى حالة جماعية تعيش مثلي وأعيش مثلها... قدمته للقراء وأسميته حنظلة كرمز للمرارة. في البداية قدمته كطفل فلسطيني، لكنه مع تطور وعيه أصبح له أفق قومي ثم أفق كوني إنساني. في المراحل الأولى رسمته ملتقياً وجهاً لوجه مع الناس، وكان يحمل «الكلاشنكوف» وكان أيضاً دائم الحركة وفاعلاً وله دور حقيقي: يناقش باللغتين العربية والإنكليزية، بل أكثر من ذلك فقد كان يلعب «الكاراتيه»... يغني الزجل... ويصرخ ويؤذن ويهمس ويبشر بالثورة. وفي بعض الحالات النادرة، وأثناء انتفاضة الضفة الغربية، كان يحمل الحجارة ويرجم بها الأعداء، وأثناء خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت كان يقبّل يد هذه المدينة الجريحة مثلما كان يقدم الزهور إليها. كنت أحرّض الناس بعفوية الطفل الذي عقد يديه خلف ظهره، لكن بعد حرب أكتوبر 1973 كتفته باكراً، لأن المنطقة ستشهد عملية تطويع وتطبيع مبكرة قبل رحلة السادات... من هنا كان التعبير العفوي لتكتيف الطفل رفضه وعدم استعداده للمشاركة في هذه الحلول. «حنظلة» شاهد العصر الذي لا يموت... الشاهد الذي دخل الحياة عنوة ولن يغادرها أبداً. إنه الشاهد الأسطورة، وهذه هي الشخصية غير القابلة للموت، ولدت لتحيا، وتحدّت لتستمر، هذا المخلوق الذي ابتدعته لن ينتهي من بعدي بالتأكيد، وربما لا أبالغ إذا قلت إنه قد يستمر بعد موتي».القاتلقال البعض إن اسرائيل وراء اغتيال العلي، فيما أشار البعض الآخر إلى منظمة التحرير الفلسطينية، كما جاء في تقرير بثته الـ «بي بي سي» اعتمدت فيه على أقوال صديق للعلي، إذ صرحت أن الأخير وقبل أسابيع من اغتياله التقى مسؤولاً في منظمة التحرير الفلسطينية، حاول إقناعه بتغيير سياسته، لكن العلي ابن المخيمات الفلسطينية الشخص الذي عانى وهجر لم يستسلم ولم يتوقف عن إبداعاته، ورد آنذاك بنشر كاريكاتور ناقد فيه ياسر عرفات وأعوانه.نشرت مجلة «الأزمنة العربية» التي كانت تصدر في قبرص في عددها رقم 170 - أغسطس عام 1987 حواراً أجرته مع العلي قبل اغتياله بيومين في منزله في لندن، وبحضور زوجته أم خالد، جاء فيه: «وقف عرفات عام 1975 في مدرسة عبد الله السالم في الكويت ليخطب في الطلاب قائلاً: ومن هو ناجي العلي هذا؟ قولوا له إن لم يتوقف عن رسومه لأضع أصابعه في الأسيد».وجاء في الحوار نفسه على لسان العلي قوله: «هل تعرفون رشيدة مهران؟ لا تظنوا أنها إحدى الفدائيات. رشيدة مهران سيدة مهمة تركب الطائرة الخاصة لرئيس منظمة التحرير، وتسكن قصراً في تونس، وتقرب وتبعد في المنظمة وهيئاتها... رسمت عن رشيدة، وبعدها انهالت عليَّ التهديدات والتهاني والتعاطف. تصوروا أن واحداً من طرف «أبو إياد» أبلغني سروره من الرسم وقال إني فعلت الشيء الذي عجز عنه الكبار في المنظمة، لكنه أضاف أنني بهذا قد تجاوزت الخطوط الحمر، وأنه خائف علي وأنه يجب أن أنتبه على حالي، فقلت له: يا أخي لو انتبهت لحالي لما بقي لديّ وقت أنتبه فيه إليكم».محمود درويشإضافة إلى رسم العلي الكاريكاتوري بخصوص عشيقة عرفات المزعومة، رسم الشهيد لوحة أخرى عن محمود درويش بعنوان: «درويش خيبتنا الأخيرة»، وعلى إثرها بدأ الخلاف عميقاً بين نصير الفقراء والهامشي والمحافظ على المبادئ الوطنية، وبين الشاعر.اتصل درويش بالعلي وهدده، وفضح الأخير تفاصيل المكالمة الهاتفية في حديث مع مجلة «الأزمنة العربية»:قال درويش مهدداً ناجي: «بس إنت مش قدي يا ناجي!».ناجي: «شو يعني؟ مش فاهم الشغلة صارت قدود. قدك وقد غيرك، والله أنا لما برسم ما بحسب قد لحدا. وانت عارف يا محمود».درويش (بعصبية): «بقلك يا ناجي إنت مش قدي... افهمها!».ناجي: «والله ما انت فاهم إشي. بطلت أفهم إشي هاليومين. أسلاكي ضربت، وصار عندي شورت. شو يعني فسر؟».درويش (متحدياً): «إنت بتعرف أنا مين؟».العلي: «محمود درويش الشاعر على سن ورمح».درويش (منفعلاً): «وغير هيك؟».العلي (بلا مبالاة): «ما بعرف. ليش في إيش جديد هاليومين. لا يكون صرت قائد جيش يا محمود وإحنا ما معانا خبر؟».درويش (بتحدٍ): «هلا مش وقت مزح. بدي ياك تفهم يا ناجي منيح اليوم إني أنا محمود درويش اللي قادر يخرجك من لندن في أية لحظة».منذ تاريخ اغتياله لا يزال السؤال مطروحاً: من قتل ناجي العلي؟ المعروف أن الجريمة حصلت في أحد شوارع لندن، ووردت ثلاثة أسماء في القضية التي حققت فيها أجهزة الأمن البريطانية: بشارة سمارة، إسماعيل صوان، عبد الرحيم مصطفى. الأول كان يعلم على ما يبدو بالاغتيال، وسُلّم في ما بعد إلى إسرائيل، والثاني عميلاً للموساد تسرّب إلى القوة 17 الفلسطينية، وحُكم عليه بـ 11 عاماً لحيازته أسلحة، وليس متهماً بالاغتيال أو المساعدة فيه، أما الثالث فيُعتقد أنه من أطلق النار على العلي، وهو عضو في القوة 17، وقد اختفى إثر الحادث، ويقال إنه غادر بريطانيا والتجأ إلى أحد مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية ثم اختفت آثاره.يشير المهتمون بقضية العلي إلى رغبة غير معلنة من الجهات الرسمية البريطانية والفلسطينية والإسرائيلية في التكتم على الموضوع وتركه يموت بالنسيان. لكن يمكن معرفة الجهة التي حرضت على قتل العلي من خلال التركيز على رسومه والتمعن فيها.نرى بوضوح أن العلي مسّ كثيرين في رسومه من الدول إلى الأحزاب، إلى الهيئات السياسية، إلى شخصيات سياسية عدة، فلم يكن في دفاعه عن قضيته يخاف من أي جهة، ولا أي قوة، وظل يحلم بالقضية في نصاعتها كما كانت عام 1948، وفي نقاء الحق الفلسطيني الذي لا ينازع. تجاوز الخطوط الحمرهكذا راح العلي في أعوامه الأخيرة، لا سيما بعد الخروج من بيروت إلى تونس وإجبار منظمة التحرير الفلسطينية على تقديم تنازل تلو آخر، والاعتراف بالقرارات العربية والدولية، يصبّ على القيادات الفلسطينية غضب رسوماته. رسم آنذاك القادة الفلسطينيين «مكرّشين»، تحولت كوفيتهم إلى قبعة أميركية أو إلى ربطات عنق أنيقة، مترهّلة مؤخراتهم إلى الأرض من دون أطراف سفلى، طُبعت على أجسامهم أرقام القرارات الدولية المعترفة بالعدو «وحقه» في أرض فلسطين، وأصبحت سياسات القيادة الفلسطينية وتصريحاتها وإجراءاتها تحت مجهر العلي الكاريكاتوري في إدانة لا تقبل التأويل. كانت المنظمة في وضع صعب للغاية، فمن الخروج من بيروت إلى الخروج من طرابلس، إلى حرب المخيمات، في ظل انشقاقات فلسطينية وخلط للأوراق وإعادة فرز سياسي وتنظيمي، واستمرار النهج نفسه في الإدارة وترتيب الوضع الداخلي المنخور بالضعف والفساد، ذلك كله جعل كثيرين يضيقون ذرعاً من رسوم العلي ونقده.راحت أكثر من جهة تنصحه بتخفيف نقده، فلم يستجب. عندها ازدادت الضغوط المباشرة، ما أجبر صحيفته على الطلب منه مغادرة الكويت إلى لندن، ومن هناك استمرت رسومه تتسم بنقدها الحاد، فأخذت تتوالى عليه الاتصالات المهددة اليومية، ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير عندما نشر رسماً في عدد جريدة «القبس» الصادر في 24 يونيو (حزيران) عام 1987 يشير فيه إلى إحدى الباحثات بالاسم وتأثيرها في اتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين، والباحثة معروفة أنها مقربة من إحدى الشخصيات السياسية الفلسطينية، وقيل آنذاك إنه تلقى اتصالات تطالبه بضرورة الاعتذار عن الرسم في الجريدة نفسها تحت تهديد التصفية الجسدية، وهو أمر لم يكن ليخطر على بال شخص صعب مثل العلي، فلم يعبأ بالتهديد كعادته، وبقي يعمل بالإيقاع نفسه من دون أي احتياطات أمنية إلى أن جاءته الرصاصة في وجهه صبيحة 22 يوليو (تموز) عام 1987 وليبقى في الغيبوبة مدة 38 يوماً، وكأن جسده بدوره كان يقاوم بعد أن قاومت ريشته ربع قرن، وما زال الجرح مفتوحاً.