كريستوفر بلامر... العجوز الوسيم والمرح

نشر في 14-12-2009 | 00:00
آخر تحديث 14-12-2009 | 00:00
يستمتع كريستوفر بلامر بتمثيل مشاهد الموت الجيّدة. مثّل مشهداً لا يُنسى من فيلمه الأخير The Last Station {المحطة الأخيرة}، الذي يؤدي فيه دور الروائي الروسي المبدع ليو تولستوي. يجسّد بلامر بطريقة رائعة أنفاس شخص يحتضر المعذبّة، غيابه عن الوعي وعودته إلى اليقظة، حتى أنه يبتسم ابتسامة تعكس سلامه الداخلي فيما يودع مؤلف كتاب War and Peace {الحرب والسلم} العالم.

يقول بلامر متحدّثاً عن مشاهد الموت: {كل واحد منها مختلف عن الآخر. متّ وعيناي مفتوحتان، وهو أمر مثير للاهتمام أكثر من الموت مغمض العينين. لا أستطيع أن أتذكر كيف متّ وأنا أؤدي دور تولستوي، لكني أديت دور سيرانو دو برجوراك على المسرح ومتّ وعيناي مفتوحتان. أعتقد أن ذلك رائع لأنه على خشبة المسرح، تبقى الأضواء مركّزة على عينيك المفتوحتين ويكون ذلك مخيفاً جداً لبرهة. يموت سيرانو سعيداً لأنه وجد الحب، لذلك ثمة بهجة في موته}.

لكن الموت اليوم ليس سوى البداية بالنسبة إلى بلامر الذي تستمر مسيرته المهنية في التطوّر بعد عقود من أدّائه أشهر دور له بصفته الكابتن النبيل فون تراب، وذلك في الفيلم الموسيقي لعام 1965 The Sound of Music.

في صبيحة أحد اليوم في مطعم Polo Lounge في فندق بيفرلي هيلز، جلس بلامر بمظهره الأنيق ووسامته التي لم يفقدها على رغم خجله من عيد ميلاده الثمانين. ما زال هذا الممثل يتمتع بجاذبيته القديمة وبحس دعابة مميز. أتى من كونيتيكت حيث يعيش مع زوجته الثالثة ايلين، إلى لوس أنجليس لرؤية العرضين الافتتاحيين لفيلم The Last Station والفيلم الخيالي الأخير للمخرج تيري غيليام The Imaginarium of Dr. Parnassus.

وفرة عروض

على رغم أنه فاز بجائزتي توني (عن سيرانو Cyrano وباريمور Barrymore) وبجائزة إيمي عن السلسلة التلفزيونية القصيرة The Moneychangers، لم ينل بلامر جائزة بارزة عن أي فيلم. لكن الوضع يتغير مع The Last Station. فقد رُشِّح الفيلم لـ 5 جوائز سبيريت، من بينها جائزة أفضل ممثّل مساعد لبلامر، ما زاد الأقاويل حول فوزه بجائزة أوسكار عن أدائه.

يبدو بلامر، الذي لقيت سيرته الذاتية In Spite of Myself القبول بعد نشرها في العام الماضي، متفاجئاً من وفرة عروض العمل المقدَّمة إليه هذه الأيام. إلى جانب أدواره التمثيلية، أعطى بلامر هذا العام صوته لشخصيتين في فيلمَي رسوم متحركة، مؤدياً دور المستكشف العبقري المجنون تشارلز مونتز في الفيلم الذي حقق نجاحاً منقطع النظير Up (من إنتاج Pixar)، ودور No. 1 في فيلم 9 الذي يتحدث عن نهاية العالم.

كذلك يوشك بلامر أن يبدأ بفيلم جديد بعنوان Beginners، كتبه مايك مايلز وأخرجه، وهو يستند إلى قصة حياة المخرج. يقول بلامر: {يؤدي إيوان ماك غريغور دور مايك مايلز، وأنا أؤدي دور والده الذي ينتظر إلى أن يصبح في التاسعة والسبعين تقريباً ليكشف عن أنه مثلي الجنس}.

يضحك بلامر من أعماق قلبه ويقول: {فكرت في أن هذا تغيير كبير بالنسبة إلي. فالسيناريو مكتوب بشكل رائع. يُحتضر الوالد بسبب إصابته بالسرطان، لكن الفيلم مسلٍ وممتع جداً لأنه يموت سعيداً. فقد وجد شخصاً يحبه}.

على رغم نجاحات بلامر الحديثة، يعتقد غيليام أن هذا الممثل أصبح أكثر تواضعاً مع تقدّمه في السن. ويضيف: {ألقت السنون بثقلها عليه بشكل رائع جداً. أعتقد أنه أصبح أكثر لطفاً}.

على صعيد آخر، يتحدّث الفيلم الرومنسي العاطفي The Last Station الذي كتبه مايكل هوفمان وأخرجه، عن السنة الأخيرة في حياة تولستوي وعلاقته بزوجته صوفيا البالغة 48 عاماً (تؤدي هيلين ميرين دور الزوجة). تجد صوفيا نفسها في حرب وحشيّة مع شرتكوف (بول جياماتي)، المدافع عن إرث الكاتب والذي يعتقد أن هذا الرجل العظيم ينبغي أن يمنح حقوق الطبع والنشر الخاصة بكتبه إلى الشعب الروسي.

يعلّق هوفمان: {خطر في بال أن نختار شخصاً في سن تولستوي نفسه آنذاك لتمثيل الدور. فبدت لي هذه فكرة ممتازة}.

يتابع هوفمان: {إذا اخترت ممثلاً أصغر سناً، فسيمضي وقته محاولاً أن يظهر لك ويقنعك بأنه في الثمانين. مع كريس، لديك شخص في التاسعة والسبعين وهو ينضح بالحياة والطاقة. لا تزال حياته الجنسية ناشطة جداً، وهو يمضي وقته في القيام بما كان تولستوي يقوم به: العيش حياة مليئة بالنشاط والطاقة في السنوات الأخيرة من عمره}.

يقول هوفمان إن بلامر {يعبّر بشكل واضح جداً عما يريد القيام به، هذا إلى أنه مستعد للتغيير والاختبار. إنه نجم حقيقي. خلال اليومين الأولين من تمارين الأداء، استمر في القول: {كيف يؤدي أي شخص دور مثال أعلى؟} فأجبته: {كريس أنت مثال أعلى}.

بيد أن بلامر لا يزال يفكّر في هذا السؤال: {كيف تؤدي دور عبقري؟ هذا مستحيل. وكيف تكتب سيناريو عن عبقري؟ بما أنك لا تستطيع أداء دور عبقري، تؤدي دوراً معاكساً تماماً، وهذا ما حاولت القيام به بتشجيع من مايكل}.

شخصيّة تولستوي

في المشهد الذي يلتقي فيه بمساعده الخاص الجديد (يؤدي جيمس ماكفوي هذا الدور) {يكون تولستوي جذاباً جداً}، حسبما يذكر بلامر. ويتابع: {لا مكان للأنانية. لا فكرة لديه أبداً عمن يكون. أتخيل أنه في الحياة كان يملك سلطة كبيرة كإنسان، سلطة طبيعية. لكن لم يكن مضطراً إلى فرضها. تتمثل طريقة أداء دور أشخاص عظماء أو شخصيات تاريخية مذهلة إلى حدّ كبير في عدم المبالغة في أداء الدور}.

على رغم أن بلامر كان يعرف ميرين، كانت هذه المرة الأولى التي يعملان فيها سوياً. يمتازان كلاهما بروح مرحة. يقول بلامر: {هي تملك حس دعابة ماكراً ورائعاً}.

في فيلم Parnassus الذي أخرجه غيليام، يؤدي بلامر الشخصية الأساسية: ساحر متجوّل يدعو الجماهير للدخول إلى مرآته السحرية والولوج إلى عالم من الخيال اللامتناهي وأحياناً الكوابيس.

لكن سحر بارناسوس باهظ الثمن. فقبل قرون، أبرم صفقة مع الشيطان (توم وايتس)، تنص على حصوله على الخلود إذا سمح للشيطان بأخذ ابنته (ليلي كول) في عيد ميلادها السادس عشر.

كان الراحل هيث لدجر يؤدي دور شخص غريب جذاب وغامض ألقى بتعويذة سحرية على الإبنة، عندما توفي في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي. فأكمل الدور أصدقاء لدجر جوني ديب، جود لو، وكولين فاريل.

يقول بلامر متحدثاً عن لدجر إنه {كان رجلاً طيباً ورائعاً، رجلاً يتمتع بجاذبية كبيرة... كان ممثلاً لم يصبح عظيماً بعد لكنه كان يملك طاقة كبيرة، كان على قاب قوسين من أن يصبح عظيماً}.

كان Parnassus المرة الثانية التي يعمل فيها بلامر مع غيليام. فقد اجتمعا سابقاً في فيلم 12 Monkeys عام 1995.

بعد أن ينهي فيلم Beginners، يخطّط بلامر للعودة إلى خشبة المسرح بدور بروسبيرو في مسرحيةThe Tempest لشكسبير.

يعلق بلامر في الختام: {سنقدم هذه المسرحية خلال مهرجان ستراتفورد في أونتاريو (كندا). وإذا لقيت أصداءً إيجابية، فسنعرضها في نيويورك ولندن. وماذا بعد بروسبيرو؟ عادة بعد بروسبيرو يتقاعد الجميع. لكني لن أتقاعد}.

back to top