موظفون لا علاقة لهم

نشر في 04-04-2010
آخر تحديث 04-04-2010 | 00:01
 آدم يوسف تابعنا عبر وسائل الإعلام ثلاثة معارض للكتاب جاءت متزامنة من حيث الوقت، وإن تخللتها أيام معدودة، وهي المعرض الدولي للكتاب في الدار البيضاء، ومعرض الرياض، وأخيراً معرض أبوظبي للكتاب.

وكان لافتاً ما صرّح به وزير الثقافة والإعلام السعودي عبدالعزيز خوجة لدى افتتاح معرض الرياض، بأن «العالم العربي يعيش اليوم عصر الكتاب السعودي»، وأن المجتمع السعودي «شب عن الطوق وغادر مراهقته»، مشيراً إلى أن السعوديين قراء من الدرجة الأولى ويظهرون حرصاً على اقتناء الكتاب.

كلمات الوزير السعودي ليست في حاجة إلى أدلة أو إثبات نظري، فما نشاهده بالعيان في الأعوام الأخيرة يُظهر مدى نجاح معرض الرياض، وتصنيفه في مقدمة المعارض العربية من حيث القوة الشرائية، والمرونة في الرقابة إلى حد يقترب من إلغائها. مثل هذه الأمور تجعل دور النشر العربية حريصة على حضور معرض الرياض والمشاركة فيه، على الأقل هم لا يخشون الخسارة، أو يقعون في مشاكل بيروقراطية رقابية كما يحدث كل سنة مع معرض الكتاب.

كما استضاف معرض الرياض في هذه السنة دولة السنغال ضيف شرف، وتُرجمت العديد من أعمال الكتّاب السنغاليين ليُتاح للجمهور السعودي الاطلاع عليها.

لم يكُن معرض الرياض وحده من اهتم بالثقافة السنغالية، بل سبقه إلى ذلك معرض الدار البيضاء الذي استضاف كذلك دولة السنغال، وعقد محاضرات عدة تتمحور حول ثقافة إفريقيا جنوب الصحراء.

أما بالنسبة إلى معرض أبوظبي للكتاب فقد شهد فعاليات نوعية، وضيوفاً مميزين، ابتداءً من ندوة الترجمة الأدبية التي شارك فيها الروائي الليبي المعروف إبراهيم الكوني، كما قدم المعرض احتفاءً خاصاً بالثقافة السويسرية عن طريق التعاون مع «آرت غيت سويس الإمارات»، وهي منظمة تهدف إلى تعزيز وتشجيع إقامة حوار دائم بين سويسرا والإمارات.

وتضمنت الفعاليات ندوة حول الرواية العالمية الشهيرة «هايدي» للأديبة السويسرية يوهانا شبيري، كما شارك في الندوة سفير سويسرا لدى دولة الإمارات، والكاتب السويسري بيتر شتام.

وشهد المعرض أيضاً فعاليات أُخرى لكتّاب عرب، ومتخصصين أميركيين في مجال ترجمة الكتاب.

ويمكن استخلاص العديد من النتائج بالنسبة إلى فعاليات المعارض الثلاثة المُشار إليها، إذا ما أردنا مقارنة ذلك بمعرض الكويت للكتاب الذي شهد تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، فالرقابة تشوه المعرض وتقطع أوصاله، كما أن القائمين عليه من موظفي المجلس الوطني للثقافة يبدون وكأن لا علاقة لهم بالكتاب، ولا الكتّاب، فلا أسماء أدبية عالمية يمكن أن تزور المعرض أو تقيم نقاشات مع زواره، بل إن الأسماء المكررة إياها تأتي في سنة وتغيب في أُخرى، ثم تعود في السنة اللاحقة، كما أننا لا نشهد مناقشة حقيقية لقضية أدبية ونقدية وفكرية، أو حتى تسويقية تتعلق بالكتاب وتوزيعه، كل ما نشاهده قص شريط الافتتاح وإقامة فعاليات على مدى ثلاثة أيام أو أربعة، نصفها محاضرات مستهلكة أو جاهزة للاستهلاك.

ما الذي يمنع معرض الكتاب في الكويت من إقامة فعالية رئيسية تسلط الضوء على الأدب في أميركا اللاتينية مثلاً، واستضافة أشهر أدباء هذه القارة، ينطبق الأمر ذاته على الثقافة في اليابان، أو أوروبا الشرقية، أو أي بقعة أُخرى من العالم.

يواجه معرض الكويت للكتاب تحديات كبيرة على الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أن يأخذها في الاعتبار، إذا ما أردنا الانضمام إلى دائرة المنافسة مقارنة بمعارض دول الجوار، فالآلية التي ينتهجها المجلس الوطني بتكليف موظفين لاعلاقة لهم بالثقافة بإدارة مثل هذه الفعاليات لا يفضي إلى شيء، فليس المهم تشكيل لجان والحصول على مكافآت، إنما المهم الاستعانة بأهل الثقافة واستشارتهم في كل الفعاليات المقدمة إذا ما أردنا التقدم، فالمثقفون يصنعون الثقافة ولا يمكن للموظفين فعل ذلك.

back to top