آمال: العواطف لا تفهم


نشر في 03-07-2009
آخر تحديث 03-07-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي قضية السنة والشيعة في الكويت مؤذية... كنت وصاحبي في أحد المطاعم، وبعد أن أنهينا غداءنا تلقينا دعوة إلى شرب الشاي، في نفس المطعم، من إحدى الشخصيات الشيعية المعروفة بتشددها، وإن كان يحاول إظهار تسامحه، وكان قد حصل على المركز الحادي عشر أو الثاني عشر في الانتخابات الأخيرة...

جلسنا، وراح يثني على مقالاتي بطريقة جعلتني أتحسس جيبي بحثاً عن مسدس، ليقيني بأنه بعد قليل سينزع مسمار الأمان عن قنبلة يدوية وسيرميها في حضني... وفعلاً، لم يتأخر كثيراً في نزع المسمار: «لكن يا أخي يقول رواد الدواوين التي أزورها إنك طائفي، وإنك تكره الشيعة وآل البيت»، قلت: «لا تلقِ بالأحمال على أكتاف الآخرين وتهرب يا دكتور، قل لي أنت بشجاعة، هل أنا طائفي في رأيك؟»، فانتفض وقال بطريقة أراد أن يظهر فيها شجاعته: «بصراحة نعم، أنت طائفي»، قلت له: «أنت محسود على ذكائك فانتبه من العين يا رعاك الله»، واستأذنته وغادرت.

لم أسأله لماذا اختص آل البيت لنفسه ولطائفته وتركني في العراء العاري، خصوصا أن اثنين من إخوتي يحمل أحدهما اسم «حسن» والثاني «حسين»، بل إن جدي اسمه حسين، ولم أقل له إن المنتديات الكويتية للشيعة المتطرفين هي التي تبنت ذلك الفكر، إذ يكتب أحدهم تحت صورة المرشد الأعلى للثورة، علي خامنئي: «الوشيحي الخبيث يشتم الشيعة وآل البيت»، ويضع رابطاً لمقالة كتبتها عن إيران! فيرد عليه شيعي آخر، هذه المرة تحت صورة عماد مغنية: «عليه لعنة الله، واقرأوا له أيضاً هذه المقالة»، ويضع رابطاً لمقالة هاجمت فيها النائبين صالح عاشور ومحمد هايف، بعدما اقتطع منها ما يخص عاشور فقط! ولم أقل له لماذا لا تعنفونهم على عدم وضع صور رموز الكويت بدلاً من صور الإيرانيين...

وأثناء تهنئتي الدكتور حسن جوهر بنجاحه في الانتخابات الأخيرة، قال لي أحد الشباب: «أنت أسوأ كاتب في تاريخ الكويت، مقالاتك تثير الغضب»، قلت له: «إذاً، لا تقرأ لي، فأنا للأسف لست مربية أحرص على رضاك وأدهده عليك»... وفي أحد الأفراح، تبعني أحدهم إلى سيارتي، وكان ذا لحية تكاد تصل إلى بطنه، وقال لي بطريقة يتناثر من أطرافها التهديد والوعيد: «أنت تهاجم رموز السنة وتياراتها السياسية لمصلحة الشيعة، هل حرفتك أموال الشيعة عن عقيدتك الصحيحة؟»، قلت: «يا أخي المعيشة غالية، شوف جبن القلاصات كم كان سعره وكم أصبح سعره الآن»، وتركته وهو واقف يردد: أعوذ بالله، أعوذ بالله...

صدقاً، لا أعرف كيف يقرأ البعض، ولكنني أحفظ بيت البحتري الذي قال: «عليَّ نحتُ القوافي من معادنِها / وما عليَّ إذا لم تفهمِ البقرُ»، وأعرف أن لدينا من القراء «الأذكياء» ما تنوء بحمله الحمير ذوات الصوت النكير.

ولمن أراد أن يتأكد فليقرأ أحد التعليقات على مقالتي السابقة، وكيف ربط الأخ الألمعي بين «حكاية مدريد وبين الأحراش واللون الأسود وإفريقيا»، وخلص من ذلك إلى أنني أهجو قبيلة مطير! بينما يقول وزير سابق- شديد العنصرية الفئوية، تسبب له اثنان من أعضاء مطير بالكوارث- في ردة فعل على المقالة نفسها: «علامَ كل هذا المديح لقبيلة مطير تحديداً؟»، فقلت: «دع المقالة عنك، سأبحث لك عن طبيب نفسي يداويك من مرض مطير، وستدعو لي بإذن الله».

في الكويت، البعض يقرأ بعاطفته لا بعقله... اللهم عافنا مما ابتليتهم به. آمين. 

back to top