بيت السحيمي... روح القاهرة القديمة

نشر في 23-09-2009 | 00:00
آخر تحديث 23-09-2009 | 00:00
بيت السحيمي نموذج فريد من نماذج عمارة البيوت السكنية، بل إنه البيت الوحيد المتكامل الذي يمثل عمارة القاهرة في العصر العثماني في مصر، ويقع في حارة الدرب الأصفر المتفرعة من شارع المعز لدين الله في حي الجمالية.

رممت وزارة الثقافة المصرية منذ سنوات البيت وحولته إلى متحف يسرد صورة واقعية لمكونات البيوت العثمانية وعادات المصريين وتقاليدهم. إذ ضم نماذج من المفروشات والمقاعد والأسرة التي استخدمت في العصر العثماني.

يتألف البيت من قسمين: الجنوبي أنشأه الشيخ عبد الوهاب الطبلاوي في عام 1648، أما الشمالي فأنشأه الحاج إسماعيل شلبي في عام 1796، وجعل من القسمين بيتاً واحداً وسمي بيت السحيمي نسبة إلى الشيخ أمين السحيمي شيخ رواق الأتراك في الأزهر وهو آخر من سكن فيه.

يشتمل البيت على قاعات عدة لاستقبال الضيوف، منها المخصص للرجال ومنها المخصص للنساء. وتطل قاعاته على فناءين يتوسط أحدهما فسقية من الرخام. وتظهر جماليات العمارة في زخرفة الأسقف والجدران بتجليدات الخشب والزخارف النباتية والآيات القرآنية وأبيات شعر من قصيدة «البردة» للإمام البوصيري. كذلك زيّنت الأرضيات بالرخام، وغطيت الأسقف بقباب خشبية وغشيت النوافد بالمشربيات.

ما زال بيت السحيمي متحفاً يصور حياة المصريين وعاداتهم في العصر العثماني، ووظّف أخيراً كمركز ثقافي وفني يستقبل فرق الغناء والموسيقى والزوار.

يبدأ الوصول إلى بيت السحيمي من خلال حارة «الدرب الأصفر»، نسبة إلى طلاء جدران منازلها باللون الأصفر، في منطقة الجمالية بالقرب من بابي «النصر» و{الفتوح»، وهي حارة متفرعة من شارع «المعز» قلب القاهرة الفاطمية.

سُمي الشارع بهذا الاسم نسبة إلى المعز لدين الله، الخليفة الفاطمي الذي أرسل قائده جوهر الصقلي إلى مصر عام 969؛ لفتح مصر وضمها تحت حكم الخلافة الفاطمية المناوئة للخلافة العباسية آنذاك، وقد أصبح المذهب الشيعي المذهب الرسمي في مصر إبان حكم الفاطميين. حتى عام 1171 عندما تمكن القائد صلاح الدين الأيوبي من إعلان سقوط الخلافة الفاطمية ليؤسس دولته الأيوبية على المذهب السني.

يقول المهندس د. أسعد نديم، صاحب فكرة إحياء بيت السحيمي وتحويله إلى متحف لبيوت القاهرة، إن «عمر البيت لا يتجاوز 350 عاماً وقد بني فوق أنقاض مبان أقدم منه ترجع إلى العصر الفاطمي، حيث كان المكان موقعاً للمنحر (المذبح) الملحق بالقصر الفاطمي».

يتابع نديم: «تعرض البيت لخطر الانهيار عقب زلزال القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1992، واكتشفنا أثناء معاينته قبل الترميم حوالي 14 ألف شرخ، لذا وضعت وزارة الثقافة المصرية خطة للصيانة والترميم بمنحة من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي قدرها ثلاثة ملايين دولار».

كان الهدف من مشروع الترميم الحفاظ على تقاليد البيت القديمة. وفي إبريل (نيسان) عام 2000، افتتحت حارة الدرب الأصغر بعد أن ترميم الآثار المتواجدة فيها، والتي يعد «بيت السحيمي» أهمها وأكثر ما يميزها.

راهناً، يعتبر بيت السحيمي مركزاً فنياً وثقافياً، تستخدمه وزارة الثقافة ممثلة في صندوق التنمية الثقافية في أنشطتها المتعددة، فخلال شهر رمضان تقام فيه الليالي الرمضانية، وتقدّم «السيرة الهلالية» التي يرويها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، ويلقيها المنشد الشعبي السيد الضوي وفرقته.

كذلك تُقام فيه حفلات دورية للإنشاد الديني، وحفلات غنائية للمواهب الشابة، ولفرق الموسيقى العربية وفرق الآلات الشعبية.

back to top