ثقافة الشيطان


نشر في 25-12-2009
آخر تحديث 25-12-2009 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي • «كل ما نطلع من مطب نطيح بحفرة، وكل ما نقول يا هادي يطلع لنا شيطان، شنو السالفة؟ ولماذا كل هذا؟ ومن وراء هذا وذاك؟ ومن معك ومن ضدك؟» أسئلة على كل لسان، والإجابة على هوى راعيها، والنتيجة أصفار في خانة الوطن، والجمهور متهم بالتعصب، ويدفع ثمن فاتورة ما طلبها.

• رسالة الهدم وثقافة الشيطان بدأت منذ فترة، ولم يتحرك لها أحد حتى نخرت في العظم، وعلاجها أصبح صعبا بحكم مرور الزمن، وهذي عادتنا في حل مشاكلنا الانتظار حتى الاستفحال، ثم نبحث عن السبب، أما الحل يمكن أن ننساه ما دامت حالنا في العمل هي ردود أفعال، وكأن تجريح الناس وامتهان كراماتهم على يد السفهاء يحتاجان إلى قانون وفزعة بحجم الأندلس.

• بالأمس القريب كنا نقول لمن يتكلم عن نفسه «مداح نفسه يبيله رفسة»، أما اليوم فهذا المثل نسيناه لكثرة من يتفنن بهجاء الآخرين، ويا ليته استخدم الشعر، بل اللغة الساقطة، ومن غريب الأمر أن هناك من يشجع ويقول: «عفية وزين سويت...». (عفية على شنو يا حظي، الشماتة وتنابز بالألقاب وجهالة القول.... الله يعين).

• الندوات الجماهيرية وبيان شيوخ القبائل ونبيها صرخة صمت ومطالبات من هنا وهناك يجب التعامل معها بكل جدية، فهذا الحراك لم يكن ليوجد لولا الشعور بالخطر على الوطن من قادم الأيام، وما يحمله فكر الشيطان الذي وجد ضالته في ضرب الوحدة الوطنية ومكونات الشعب الكويتي.

• رب ضارة نافعة... قدر كل الكويتيين على مر التاريخ، وكل ما محصت معادن الرجال اكتشفت الذهب الخالص، واليوم الذهب تدفق من كل أطياف المجتمع رجالا ونساء حضرا وبدوا سنّة وشيعة، والكويت هي الكويت.

• كم كنت أتمنى أن تتحرك وزارة الإعلام قبل هذا الوقت، وأن توفر بياناتها ومبرراتها التي حتما أتت متأخرة، وكان أجدى لها المبادرة بعد إعلانات «ادهن ظهرك، وفاصل فكاهي» وعلى العموم تقديم التعديلات على قانون المرئي والمسموع بأسرع وقت، وبما يتناسب ومرحلة الانفتاح الإعلامي قد يشفع لصاحبها.

• بين الحرية والابتذال خيط رفيع يدركه من صدق نفسه، وتصالح معها، وتعامل بالحسنى، واقتدى بسيد الخلق نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه الأخيار أفضل الصلاة والسلام، وكيف كان يرد السيئة بالحسنة، فما بال إخواننا ينسفون كل قواعد الأخلاق.

• فريق ثقافة الشيطان عرف حجمه، وعرف أين يقف الكويتيون شعبا وحكومة منه، وكيف كان درس اللحمة الوطنية في حالة فريدة من التضامن التلقائي كعادة أبناء قومي في مثل تلك الظروف، وبيان الحكومة خير مثال على ذلك رغم تحفظ كتلة العمل الشعبي عليه، ولا ألومهم لأنهم كانوا في فوهة المدفع لتصديهم لواء المعارضة.

• الآن بعد كل هذا الصخب ماذا استفاد الوطن من موضوع الفتنة؟ وهل تم حل ملفات التنمية وتعليق الاستجوابات؟ أم زدنا الطين بلة ورجعنا إلى نقطة ما قبل الصفر وإلى معادلة التأزيم؟ كلام يبحث عن إجابة، فهذا «اللي يبي ياكل معاكم شنو أكلتم معاه أفيدونا أفادكم الله».

• التحرك المسبق لمواجهة الفتنة يقي الوطن الشرور، ويزيد الترابط الاجتماعي، ويفك جزءا من طلاسم التأزيم، فعلى الحكومة والنواب إيجاد حلول جذرية من خلال تشكيل فرق متخصصة تدرس الواقع وتشخيص كل المنعطفات والعادات الدخيلة على المجتمع، واضعين نصب أعينيهم كويت الحب والتعايش.

• لا أعلم لماذا تذكرت حادثة «الصامتة» وأنا في ملابس المدرسة مع زملاء الدراسة ننشد:

يا بوسالم عطنا سلاح... حنا نحارب وإنت ارتاح

كلمات رغم بساطتها إلا أنها تثبت أن حب الوطن ما عليه حب، والكويت على الرأس وفي القلب.

• رحم الله الشيخ صباح السالم الصباح عندما ردد «أنا وشعبي كل أبونا جماعة» ونحن نرددها اليوم ونقول «إحنا وبو ناصر كل أبونا جماعة» وعاشت لنا الكويت وعاشوا أهلها.

ودمتم سالمين. 

back to top