«شوف وجه العنز... واحلب لبن»

نشر في 01-10-2009
آخر تحديث 01-10-2009 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي حدثان قيمان مهمان آثارا شجون وآهات الكويتيين في هذا الشهر، وهما افتتاح مترو دبي وجامعة الملك عبدالله خلال 3 سنوات فقط، وبات الحدثان مثل الملح الملقى على جروح الكويتيين الذين يرون بأم العين تقدم الدول الشقيقة بينما نظل نحن نراوح مكاننا، والملفت للنظر أن هذا التقدم يحدث في بلدين لا يتمتعان بحياة ديمقراطية على عكسنا، الأمر الذي فتح باب النقاش عما إذا كانت الديمقراطية حجر عثرة أمام التقدم والتنمية.

فهناك من وجد في هذين الحدثين فرصة للنيل من مجلس الأمة واتهامه بتعطيل التنمية، وهناك من يرى أن تمتعنا بالديمقراطية النسبية أهم من مشاريع هنا وهناك على حساب الحرية، وباعتقادي أن كلا الرأيين قد يحمل جانبا من الخطأ، فالديمقراطية من جهة ليست هدفاً بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق العدالة والمساواة، ففي أوروبا مثلا، كان المجتمع مقسما قبل قرون إلى نبلاء وفلاحين، وكان النبلاء يتحكمون بمفاصل الحكم والدولة على حساب الفلاحين، لكن الشعوب غيرت هذه المعادلة وجاءت بالديمقراطية التي وضعت السلطة بيد الشعب وتحولت أغلب العائلات المالكة إلى مجرد «ديكور»، ولم يحصل كل ذلك عبثا، ولكن حصل من أجل إعطاء كل ذي حق حقه، لأن الديمقراطية لا تكون حسنة عندما تكون وسيلة للظلم وضياع الحقوق.

فلنفترض مثلا أن مجلسنا الموقر أصدر قانونا يعزل فئة من المواطنين ويحرمهم حقوقهم من تعليم وصحة وسكن من دون وجه حق، فهل يكون هذا القرار صحيحا فقط لأنه حكم الأغلبية؟ إذن، فالديمقراطية ما هي إلا وسيلة لتحقيق العدالة والمساواة والتقدم وليست هدفا مقدسا بذاتها.

هذا طبعا لا يعني بأي حال من الأحوال أني أدعو إلى تعطيل الحياة البرلمانية التي نص عليها دستورنا الذي نؤمن ونتمسك به، فتجاربنا السابقة أثبتت أن الفساد والظلم زادا في ظل تعطيل الدستور، لكن أود من خلال هذا النقاش أن ألفت نظر النواب إلى أهمية التحلي بالحكمة عند معالجة مشاكل البلد، فالمواطنون يريدون أن يروا تقدما وإنجازات على الأرض وليس وعودا فقط.

ولغة التصعيد المستخدمة حتى لتناول صغائر وتوافه الأمور من أجل الاستعراض والتكسب السياسي لا تحقق أي فائدة للمواطن البسيط، الذي قد يكون الآن مستعدا أكثر من أي وقت مضى لهضم فكرة تعطيل الدستور من أجل تحقيق حلم التمتع بخدمات صحية وتعليمية وإسكانية متقدمة، بعدما يئس من هذا التناحر والدوران في حلقة مفرغة من التصريحات والتهديدات المتبادلة.

ولست هنا أيضا بملقي المسؤولية الكاملة على النواب، فالحكومة أيضا ضعيفة وغير حازمة في اتخاذ القرارات المصيرية، لكن لنتذكر أن حكومة ضعيفة هي انعكاس لمخرجات مجلس مشرذم، ومجلس مشرذم هو انعكاس لشعب مشرذم تتسابق فئاته على أكل حقوق بعضها بعضا، وحلب خيرات البلد دون النظر إلى المستقبل، وفي ظل هذا الوضع لن يكون هناك لا تنمية ولا عدالة ولا تقدم، والمثل يقول «شوف وجه العنز... واحلب لبن».

***

ما دمنا نتحدث عن «وجه العنز» و«حلب اللبن» لا أدري كيف يبرر مسؤولو وزارة التربية إغلاق ثانوية عبدالرزاق البصير في الرميثية ونقل طلابها إلى ثانوية فلسطين في نفس المنطقة ليرتفع عدد طلاب الثانوية من أقل من 500 إلى 1200 طالب من أجل إعادة بناء الأولى؟! فلماذا تطبيق هذا القرار الآن في ظل المخاوف من انتشار إنفلونزا الخنازير، والذي يتطلب عدم تكديس الطلبة في مدرسة واحدة. ولماذا التطبيق مع أن ثانوية عبدالرزاق البصير لم تهدم إلى الآن؟ ألم يكن حريا بالوزارة تشييد المباني الجديدة في ملاعب الثانوية ومن ثم هدم المباني القديمة حتى لا تضطر لنقل مئات الطلبة إلى مدرسة أخرى، أو بدء البناء منذ بداية الصيف الفائت لسرعة الإنجاز؟ هذا مع أن حال الثانويتين متشابهة إن لم تكن ثانوية عبدالرزاق البصير أفضل حالا من ثانوية فلسطين.

back to top