«أكسفورد بزنس غروب»: الكويت جاهزة لتجاوز الأزمة المالية... والإجراءات الحصيفة للحكومة دعمتها

نشر في 21-01-2010 | 00:01
آخر تحديث 21-01-2010 | 00:01
No Image Caption
قال أوليفر كورنوك إن الكويت كانت في وضعية جيدة، وفي جاهزية لتجاوز آثار التباطؤ الاقتصادي، بفضل الإجراءات الحصيفة التي تبنتها الحكومة، واحتياطات الكويت الضخمة من مصادر الطاقة، مشيرا إلى أن المؤشرات تدل بوضوح على أن اقتصاد الكويت في وضع جيد.
تناول تقرير الكويت 2010، الذي أصدرته شركة أكسفورد بزنس غروب، الخطوات التي اتخذتها الحكومة للتقليل من آثار الأزمة الاقتصادية، ملقيا الضوء على المرونة التي تعاملت بها الدولة مع الأزمة المالية، وتدهور أسعار النفط منذ ذروة الأزمة في يوليو 2008، مروراً بمسارعة الحكومة إلى ضخ السيولة في الاقتصاد الكويتي، مما ساعد على امتصاص موجة التباطؤ التي عصفت باقتصادات العالم.

واحتوى الإصدار الجديد، الذي اطلقته الشركة في مؤتمر صحافي امس، على معلومات إرشادية مفصلة وتحليلات معمقة عن مختلف قطاعات الاقتصاد الكويتي، مما يجعل التقرير دليلاً شاملاً للمستثمرين الأجانب، إضافة إلى مجموعة واسعة من الآراء والمقابلات مع أبرز رجال الأعمال وأهم الشخصيات الاقتصادية والسياسية في الدولة، وعلى رأسهم سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت.

ويتضمن التقرير وجهات نظر شخصيات مهمة عن تطور الاقتصاد الكويتي، من بينهم عبدالوهاب البدر مدير عام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وريتشارد جونز نائب المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، والشيخ سالم عبدالعزيز الصباح محافظ بنك الكويت المركزي.

ويتعرض تقرير "الكويت 2010" بتحليلات مستفيضة لقطاع الصناعات الهيدروكربونية، ويلقي الضوء على توسعها ودخولها إلى عقد جديد، في ضوء إقامة عدد من المشاريع الكبرى، حيث يستكشف التقرير خطة استثمارات القطاع بقيمة 84 مليار دولار، والتي بلا شك ستعزز من اقتصاد الدولة، كما يتناول التقرير المشاريع البرية والبحرية المستقبلية في طور التمويل، ويستكشف الخطط الموضوعة لقطاع البتروكيماويات والنقل، وإنشاء مصفاة جديدة للنفط.

وفي الوقت الذي يتصاعد فيه الاهتمام عالمياً بمصادر الطاقة البديلة؛ يستعرض التقرير خطط الدولة لوضع الطاقة النووية على قائمة مصادر الطاقة بها، كما يتناول بالتحليل التقدم الذي أُحرز بعد خطوة الكويت الهامة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال والخطط الموضوعة للبناء على هذا القرار.

ومع استمرار مسيرة تنويع الاقتصاد والإصلاح في الكويت؛ توثق مطبوعة "أكسفورد بزنس غروب" الجديدة توسع الدولة في القطاعات غير النفطية التي من المتوقع أن تنمو بوتيرة متسارعة في غضون الأعوام المقبلة، ويلقي التقرير الضوء على النمو الهام الذي تشهده قطاعات مثل التصنيع، وكيف يتناغم ذلك مع التطور الشامل لاقتصاد الكويت.

ويصدر تقرير "الكويت 2010" بالتعاون مع مكتب استثمار رأس المال الأجنبي، وشريك الاستشارات المحاسبية "مور ستيفنس" النصف وشركاه، والصراف والرويح للمحاماة لتقديم الاستشارات القانونية، وشريك أسواق المال بيت الاستثمار العالمي.

وصرح أوليفر كورنوك المحرر الإقليمي في "أكسفورد بزنس غروب" بأن الكويت كانت في وضعية جيدة وفي جاهزية لتجاوز آثار التباطؤ الاقتصادي بفضل الإجراءات الحصيفة التي تبنتها الحكومة واحتياطات الكويت الضخمة من مصادر الطاقة، وقال إن المؤشرات تدل بوضوح على أن اقتصاد الكويت في وضع جيد، وأعرب عن ثقته بأن الكويت ستكون في مقدمة الاقتصادات التي تتجاوز تداعيات الأزمة، خاصة مع بزوغ مؤشرات تعافي الاقتصاد العالمي من حالة الركود التي مر بها.

من جانبها، قالت بيتول كاكالوجو مديرة "أكسفورد بزنس غروب" الكويت إن الدولة استفادت كثيراً من إجراءات الحكومة للإصلاح الاقتصادي التي ساعدت بلا شك على زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة في اقتصاد البلاد، وأشارت إلى أن الإجراءات التي تخلق بيئة جيدة للاستثمار والأعمال مثل نظام التعرفة وخفض تكلفة الطاقة تجتذب اهتمام المستثمرين وتحقق نتائج جيدة في هذا المجال.

وألقت كاكالوجو الضوء على الدور الفاعل الذي لعبه شركاء "أكسفورد بزنس غروب" في إعداد التقرير، وقالت إن خبرتهم ساعدت في ضمان الدقة والتفصيل في توثيق التطور الاقتصادي في الدولة، وأضافت أن المعلومات الاقتصادية الدقيقة التي قدمها هؤلاء الشركاء تضمن للتقرير أن يزود المستثمرين المحتملين بكل المعلومات التي يحتاجون إليها عند اتخاذ قراراتهم بشأن الاستثمار في دولة الكويت.

واستعرض أوليفر كورنوك خلال المؤتمر ابرز ما جاء في التقرير قائلا: "منذ أكثر من سنة غرق الاقتصاد العالمي في حالة من الفوضى، وتراجعت الاسواق وانهارت مؤسسات تاريخية، وفجأة اصبحنا على دراية بمصطلحات جديدة مثل أزمة الائتمان، والديون السامة، والحوافز المالية، وربما الأكثر شيوعا للجميع هو مصطلح شراء الديون".

أما بالنسبة إلى السوق الكويتي فمن المؤكد أن النمو الهائل خلال السنوات القليلة الماضية، الذي بني على زيادة اسعار النفط، ادى إلى قيام سوق ساخن، وهو ما اختلف كثيرا عن بقية الاسواق المتأثرة بالازمة.

لكن الكويت كانت في وضع أفضل من معظم الأسواق. فالاستخدام الحصيف للفوائض الضخمة من النفط دلل على أن الحكومة قد وفرت عوائد ضخمة يمكن استغلالها في الاقتصاد، ولكن كانت هناك آثار وتراجع سعر النفط مما كبح جماح نمو ممتاز في السنوات الأخيرة.

لكن الحكومة الكويتية تصرفت بسرعة وضخت ملايين الدولارات لدعم السوق، واتخذت خطوات لضمان أي تداعيات أخرى واردة، فقبل الأزمة المالية العالمية، وعلى خلفية ارتفاع أسعار النفط نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل يقدر بـ6.4 في المئة في عام 2008، ارتفاعا من 2.5 في المئة في عام 2007، واستفادت الكويت بشكل رائع. وبين عامي 2002 و2008، شهد الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لمعدل النمو السنوي المركب (معدل النمو السنوي المركب) نمو بنحو 22.8 في المئة. هذا التوسع كان يدعمه نمو سنوي مركب مشابه من 25.3 في المئة لأسعار تصدير النفط الخام الكويتي خلال الفترة نفسها.

السنة المالية 2008-2009 سجلت فائضا في الميزانية قدره 2.7 مليار دينار، وبلغ 6.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الاقليمي لعام 2008، على الرغم من حدوث زيادة كبيرة في الإنفاق، ويرجع ذلك أساسا إلى إعادة الرسملة من صندوق التأمينات الحكومي الذي بلغ 10.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ولكن كان هناك جانب سلبي في النمو الاقتصادي كثيرا. على وجه التحديد، كان قد شكل فقاعة في البلاد في القطاع العقاري وسوق الأوراق المالية. فارتفاع دخل الفرد وسهولة الائتمان المصرفي قاد المستهلكين الى اقتراض مبالغ كبيرة لشراء العقارات والأوراق المالية، واصبحت السلطات قلقة من ارتفاع أسعار السكن ونمو الائتمان.

في أوائل عام 2008 تدخل بنك الكويت المركزي لابطاء الاقراض المصرفي وتقليص دور المستثمرين في العقارات السكنية.

هذه الأعمال حققت اهدافها، وبدأ يهدأ سوق الأوراق المالية وقطاع الإسكان، وربما تكون قد ارتدت قاب قوسين أو أدنى عندما ضرب الركود الاقتصادي العالمي، مما دفع الاسعار الى الانخفاض اكثر.

وضعفت العديد من الميزانيات العمومية للمؤسسات المالية، وتدخل البنك المركزي وفرض عددا من الاجراءات لتخفيف شروط الائتمان وأسعار الفائدة، ولعل القصة الأكثر إثارة للمشاعر من هذه الفترة هي مشكلة بنك الخليج الذي استثمر في المشتقات. لكن السلطات تدخلت بسرعة وضخت رأس المال- لاسيما من المساهمين وهيئة الاستثمار الكويتية، تبعته مشكلة سعد والقصيبي لتهدأ الامور بعد ذلك وتستقر.

وسعت الحكومة إلى تبسيط نهجها في البيئة المالية الجديدة مع قانون الاستقرار المالي، الذي من شأنه إصلاح وتعزيز موجودات الشركات الهامة. وارادت الحكومة أيضا توجيه مزيد من التركيز في الأنشطة الاقتصادية المنتجة. صاحبه اجراءات البنك المركزي لتعزيز الرقابة وإدارة المخاطر في شركات الاستثمار. ومع ذلك، فإن القانون قوبل بمعارضة كبيرة على المستوى البرلماني، ليتم تمريره في نهاية المطاف عن طريق مرسوم أميري.

هذا ما يقودنا إلى القول إن مفهوم الحوافز المالية في الكويت اصبح مدعاة للتشكيك العالمي، اذ شهدنا في الاسبوعين الماضيين الخلافات حول مشروع قانون من شأنه أن يجبر الحكومة على شراء 6.7 مليارات دينار (23.3 مليار دولار) من القروض الاستهلاكية، عن طريق شطب الفوائد وإعادة جدولة المدفوعات خلال مدة أقصاها 15 سنة، واعمالا لذلك فنحن نتوقع ان تواجه الحكومة معركة شاقة لبدء خطتها لدعم النشاط الاقتصادي والمشاريع، وذلك بسبب معارضة البرلمان، ولا يجب ان ننسى ما حدث بالنسبة إلى مشروعها المشترك مع شركة داو كيميكال.

back to top