حكومة الظل والردح الاعلامي!
يعلم الجميع أني من المدافعين عن الدستور بشراسة ومن المؤمنين بالديمقراطية والحريات وهذا واضح من مقالات سابقة لي... لذلك لا يتهمني أحد بأني ضد الحرية والديمقراطية والدستور لأني أهاجم الحرية فقط عندما تفتقر إلى المسؤولية... وأريد أن أتحدث عن تلك الفضائيات التي أطلت علينا في السنوات الأخيرة مرتدية عباءة الديمقراطية لتخفي تحتها نزعة عنصرية طائفية، وتقدم لنا برامج الهدف منها ضرب الديمقراطية في مقتل، ووأد الدستور وبث الفتنة والطائفية بدعوى أنها حرة وتنقل الواقع والحقيقة.نحن لسنا ضد تقليد الشخصيات العامة، وهذا ليس بالجديد لأنه يحدث في كل دول العالم... أي أن الفكرة ليست اختراعاً أو ابتكاراً أو من إبداع مَن يريد أن يقدمها لنا في الكويت، ولكن بشرط أن يكون هذا التقليد حيادياً ويقدم بمهنية واحترام وتقدير للشخصية المقلدة... أما أن يكون التقليد للنيل من أشخاص والاستهزاء بهم وإظهارهم بصور غير محترمة، فهذا هو المرفوض.والمرفوض أيضا أن يخرج هذا التقليد من رحم قنوات طالبت بوأد الدستور وحل مجلس الأمة وكبت الحريات، وكانت لها أيادٍ في الحرب على الوحدة الوطنية، فاستضافت كل ساقط ولاقط، وهاجمت نواباً بأعينهم، ومدحت آخرين يتفقون مع أهوائها، واستخدمت مفردات بذيئة لايليق بثها على الهواء.هذه المحطات التي نتحدث عنها ليس لديها مبادئ ولا تعرف المهنية ولا تحترم الرأي الآخر ونجدها تناقض نفسها كثيراً، فهي على سبيل المثال تهاجم العراق وتشن عليه حملة شرسة، ومن ثم تعرض مسلسلات عراقية وتتباهى بذلك، رغم أنها كانت ضد أي تطبيع مع العراق! فهل يمكن الوثوق بهذه القنوات وبما تقدمه... فتلك قنوات مفضوحة تسعى دائما إلى تحقيق أجندات خاصة دون أن تحترم عقلية المشاهد، ودون أن تقف على الحياد كوسيلة إعلامية من المفترض أن تنقل الحقيقة وتحرص على الوضوح وطرح الأفكار المفيدة لا الهدامة التي تزيد من التشرذم والفرقة بين جميع أطياف الشعب الكويتي.الغريب الذي لا يمكن السكوت عليه، هو الموقف الحكومي الذي يتبع مبدأ «لا أرى لا أسمع لا أتكلم»، بل يتضح من وراء ذلك أن لدينا حكومة ظل خفية تؤيد ما يحدث وتشجعه... والأكثر غرابة هو تصريح وزير الإعلام الذي صمت دهراً ونطق كفراً عندما قال في تصريحه لإحدى الصحف إن رئيس الوزراء أعطى تعليماته بالموافقة على هذا البرنامج المشبوه والمسيء، وذلك عندما اتصل بالرئيس أحد القائمين على البرنامج وقال الرئيس لا يوجد ما يمنع بث هذا البرنامج.وما يثير الدهشة أن الحكومة لم تنفِ ما قاله وزير الإعلام... بل يأتي هذا بعد حديث صاحب السمو الأمير مع رؤساء تحرير الصحف الذي قال فيه إنه حريص على عدم إثارة الفتن والنعرات الطائفية... ولكن رغم هذا تخرج علينا هذه القنوات لتضرب الوحدة الوطنية عن طريق نواب معروفة توجهاته، وعن طريق أناس ليس لديهم قيمة في المجتمع وعلى لسان كل من هب ودب وكل ساقط ولاقط.ومن التحدي الصارخ الذي يحدث في تلك القنوات أن يطل علينا نائب عبر إحدى القنوات ليتحدث عن زملائه من أبناء القبائل بشكل سيئ، وفي قناة أخرى نجد ساقطا آخر يتهجم على النواب، ويقصد بهجومه نواباً بعينهم، وكأن كلام الأمير لا وزن له وليس من المفترض علينا طاعة ولي الأمر. وأصبح الواضح الآن أن لدينا حكومة خفية غير الظاهرة تعمل على تشويه المجلس في الشارع الكويتي... وقلب الحقائق، ومع الأسف الخاسر في النهاية هو الشعب، ولكن بأكمله وبكل طوائفه، واللوم يعود على الحكومة التي بيدها أن تدير عجلة التنمية والتطور لأن بيدها القرار والمال.خارج نطاق الموضوع:فيما يبدو أن رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي يعشق الطرفة والدليل تصريحه بخصوص البرنامج المعيب سيئ الذكر الذي تحدثنا عنه، وذلك عندما قال إن مقدمي البرنامج «أجادوا تقليدي... وما فيها شيء»... ويبدو أن الرئيس الخرافي لم يقرأ ما بين السطور والمراد من البرنامج... (ولا جايز لك يا «بوعبدالمحسن» حل البرلمان)، والدليل إشادتك بالبرنامج وبهذه القناة المذكورة.المادة الأولى من الدستور:الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة، ولا يجوز النزول عن سيادتها أو التخلي عن أي جزء من أراضيها، وشعب الكويت جزء من الأمة العربية.