خذ وخل: اميركا القرون الوسطى!


نشر في 06-01-2010
آخر تحديث 06-01-2010 | 00:01
 سليمان الفهد • كنت وبعلتي على وشك التقدم إلى السفارة الأميركية في القاهرة لطلب فيزا لزيارة الحفيدتين «جنى وريما» اللتين تقطنان مدينة نيويورك بمعية والديهما بطبيعة الحال، لكنني عدلت عن الزيارة فور مشاهدتي جهاز «الستبرتيز» الذي يعري كل قادم إلى الولايات المتحدة الأميركية «ربي كما خلقتني: زلط ملط!» غير عابئين بحرية الإنسان وخصوصيته الحميمية، بدعوى أن الغاية وهي هنا: الكشف عن الإرهابيين المدججين بالأسلحة، تبرر استخدام هذه الوسيلة الفضيحة! والحق أن «القاعدة» وبن لادن أحالا أميركا الليبرالية الديمقراطية إلى دولة باتت تنسب- عنوة- إلى العالم الثالث، وربما الثالث عشر لاحقا وفي قادم السنوات!

ولا يجادل المرء في أن أمن البلد، أي بلد، هو خط أحمر يستحيل تجاوزه، ويستأهل من الجهات الأمنية المختصة استجابات حازمة صارمة كما تفعل السلطات الأميركية مع القادمين إليها طوال السنوات التي أعقبت تفجير برجي التجارة العالمية، حيث يفتشون الزائر من رأسه حتى باطن قدميه، فيأمرون بخلع حذائه، و»دلاغه وشرابه» إلى آخر طقوس وممارسات التقدير على الطريقة الأميركية التي باتت أنكى من التفتيش في مطارات الشرق الأوسط، وغيرها من دول العالم الثالث!

• وكنت أظن أن جهاز الكشف الجديد سيعنى بالبحث عن المتفجرات والأسلحة، بمنأى عن عرض العري القسري الذي يتعرض له ركاب الطائرة من الجنسين.. وا خزياه! ولذا فمن الأجدى أن يسافر الواحد إلى هناك بالإزار العماني بدون خنجر بداهة! أو يرتدي مايوه، وإذا استوجب يتغطى بورقة التوت لستر «العدة» درءا «للفتنة» وتحاشيا للوقوع في منزلق العري الحرام! ومن يدري فقد يتمادى الأميركان في هذه الفعلة النكراء، فيطلبون من المسافر إلى بلادهم صورة عارية تماما ترفق بالفيزا لمضاهاتها مع صورته عبر جهاز الكشف!

ولعل قبائل العراة في إفريقيا وغيرها هم وحدهم- بس- الذين سيرحبون بحضور هذا الجهاز الفضايحي المتلصص على أشد أعضاء الجسد خصوصية وحميمية! وفي هذا السياق قالت إدارة أمن النقل والمواصلات الأميركية: «إن أمن الملاحة الجوية الفعال يجب أن يبدأ من خارج حدودنا القومية» الأمر الذي يشي بأن جهاز التعرية سيكون حاضرا في جميع المطارات التي تقلع منها الطائرات الأميركية، وتلك القادمة إليها من طائرات الدول الأخرى.

ويبدو أن الانتحاري النيجيري الذي تسلل إلى طائرة «دلتا» الأميركية دون أن تكشفه أجهزة التفتيش المعهودة هو الذي حرض السلطات الأميركية على اللجوء إليه، والأنكى من ذلك كله، يكمن في أن الأجزاء السفلى من أجسام المسافرين القادمين إلى أميركا، ستتعرض إلى التفتيش بعصي التفتيش الإلكترونية، كي يطمئنوا إلى أن «العدة» غير ملغومة ولا مدججة بأسلحة الفحولة الإرهابية المشينة! ومن يدري... فقد يؤدي هذا الجهاز إلى الردة لحزام العفة الذي كان سائدا لدى نساء و»حريم» القرون الوسطى اللائقة بأميركا «القرون الوسطى» رغم أنف الألفية الثالثة!!

back to top