ندوة الخريجين: ضرورة نشر ثقافة سيادة الدستور وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني
نظَّمت جمعية الخريجين الكويتية مساء أمس الأول صالوناً ثقافياً تحت عنوان «المحكمة الدستورية... لمزيد من الحريات»، شدد خلاله الحضور على ضرورة نشر ثقافة سيادة الدستور وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، ولا سيما تأصيل مفاهيم الديمقراطية الحقة.أكدت عضوة مجلس الأمة د. أسيل العوضي أن ظاهرة التعدي على الدستور وخرقه ليست بالظاهرة الجديدة على الكويت، مشيرة إلى أن قانون الانتخاب السابق الذي عُدِّل قبل عدة سنوات ظل غير دستوري نحو 40 عاما، ميَّز خلالها بين الرجل والمرأة في حق الترشح والانتخاب رغم المحاولات الجادة من قِبَل البعض إبان تلك الحقبة لتعديله، لكنها باءت بالفشل، معتبرة أن أي تعدٍّ سافر على الدستور يشف عن ثقافة مجتمعية غير مكتملة النضج.
وأضافت العوضي، خلال الصالون الثقافي الذي نظمته جمعية الخريجين مساء أمس الأول تحت عنوان «المحكمة الدستورية... لمزيد من الحريات» أن «ثمة أشخاصاً يرفضون فكرة أن للدستور الكلمة الفصل في أي قضية محل جدل، لاسيما أنه المرجع الأساسي الذي يجب الاحتكام اليه في التشريع وسن القوانين، إضافة إلى اعتقادهم بوجود نصوص أخرى أجلَّ وأسمى منه يجب الاحتكام اليها»، مشيرة إلى أن هناك مَن يتعامل مع الدستور من منطلق القص واللصق عبر الاعتراف بمواد ونبذ أخرى حتى يستطيع حياكته كما يحلو له.ثقافات معادية واعتبرت أن المشكلة الحقيقية التي تعانيها الكويت لا تكمن في النصوص الدستورية بل في خلق ثقافات معادية لروح الدستور والنظام الديمقراطي السليم، موضحة أن مثل هذه الثقافات تترتب عليها ممارسات سياسية خاطئة بعيدة كل البعد عن الممارسات الديمقراطية الحصيفة، تجسدت في طغيان صوت الأغلبية وغض الطرف عن صوت الفرد، مبينة أن ثمة مفهوماً خاطئاً رُوِّج له بأن الديمقراطية هي أصوات الأغلبية، وأن الذي يملك أغلبية يفعل ما يشاء دون رادع. تشويه ديمقراطي وقالت: «إن هذا المفهوم المشوه أفرز مشرعين يتجاوزون من دون رحمة نصوصاً دستورية واضحة، متناسين أن حكم الأغلبية هو ضمان لحقوق الأقلية، حتى دخلنا في معترك للدفاع عن نصوص دستورية واضحة»، مؤكدة أن الوضع السياسي المشوه الذي آلت إليه الكويت لا يمكن تغييره بالتشريعات فقط من دون تغيير ثقافة المجتمع، مشددة على ضرورة نشر ثقافة سيادة الدستور وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني. حماية الحقوق والحرياتوبدوره، أكد أستاذ القانون العام في جامعة الكويت د. محمد المقاطع أن قضية الوصول والتظلم أمام المحكمة الدستورية خصوصاً تكوينها واختصاصاتها ودورها في حماية الحقوق والحريات تعد قضية جوهرية، مشيراً إلى أن الدستور ضم بين طياته الحقوق المطلقة والحقوق المقيدة للافراد وخصصها لتنظيم القانون من قِبَل المشرع الذي يستمد قوته من إرادة الأغلبية التي يتمتع بها، معتبراً أن قانون حجب الأفراد عن الدعوة والتظلم المباشر أمام المحكمة الدستورية غير دستوري، ويقيد حرية التقاضي. وأضاف أن «ثمة إشكالية من الممكن أن تواجهنا عند التحرك لتعديل هذا النص القانوني، تتمثل في أن المحكمة الدستورية ستكون خصما وحكما في الوقت نفسه، لذلك يجب فصل المشرع حتى نغير هذا الواقع»، مشيراً إلى أن أكبر العقبات التي قد تواجهنا -إن تم تعديل القانون- تتجلى في أحادية الهيمنة على النظام القضائي الكويتي، موضحاً أن المحكمة الدستورية يمثلها رئاسة مجلس القضاء، ورئيس محكمة التمييز من دون أي ضمانات أخرى، مثل تعدد الرئاسات القضائية بالقدر الذي يكفل وجود اجتهادات مختلفة نتمكن بها من إحداث التغيير المطلوب.وقال: «إن المحكمة الدستورية تصدت مبكراً لكل ما هو مناهض للحريات الخاصة في عام 1979، وقانون حقوق الملكية، وعام 1981 عندما تحدثت عن حماية الحياة الخاصة خلال الاستجواب المقدم إلى وزير الصحة حينئذ».وذكر أن ثمة 28 قانوناً يتعارض مع الدستور، ويحتاج إلى تصدٍّ، منها، على سبيل المثال لا الحصر، قانون المطبوعات الجديد، وقانون المحكمة الإدارية وقانون التأمينات وقانون حماية الأموال العامة وقانون المحكمة الدستورية نفسه. 11 طعناًمن جانبها، أكدت أستاذة القانون الدستوري في أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية د. عصمت الخياط أن الهدف الأساسي من إنشاء المحكمة الدستورية هو حماية الأفراد من التجاوزات القانونية التي قد تصدر من قِبَل السلطة التنفيذية، مشيرة إلى أنه منذ إنشاء المحكمة الدستورية عام 1973 إلى الآن لم تُعر المحكمة طوال 3 عقود ماضية أدنى اهتمام للحقوق والحريات، وخصوصاً حقوق المرأة السياسية، فقد رفضت 11 طعناً مقدماً منذ عام 1999 حتى عام 2001، تطالب بحقوق المرأة السياسية، موضحة أن المحكمة الدستورية كانت تتفنن في رفض الدعوى بناء على أسباب إجرائية. وذكرت أن الدستور يتمتع بمرتبة عليا من القواعد الموجودة في الشريعة الإسلامية، مؤكدة أن هذا الحكم يشف عن مرونة وتغيير جذري في مفاهيم الشعب الكويتي، ومفاهيم القاضي الدستوري ومنهجيته، لأنه وضع نصب عينيه أن المحكمة الدستورية جزء لا يتجزأ من منظومة دولية عالمية تعيش في عهد الحقوق والحريات.