زمن المواجهة والعمل 
يا ريس

نشر في 18-12-2009
آخر تحديث 18-12-2009 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي مرت الحكومة من أربعة استجوابات كانت كفيلة بحل المجلس لولا تعامل سمو الرئيس وفريقه بكل مهنية وإدارة ممتازة أعادت الثقة بالمؤسسة الديمقراطية، وأنعشت الآمال في استكمال المجلس دورته التي يتمناها الشعب قبل طرفي المعادلة.

شكوك الحل تلاشت بشرطها وشروطها التي لا تخفى على المتابع السياسي، فالنواب الأفاضل لن يقفوا في صف التشريع فقط، بل سيتعاملون مع الجانب الرقابي في المرات القادمة بطريقة أكثر حرفية، وأكثر دستورية، مع مراعاة التوقيت الذي لن ينساه النواب طويلا، وهو حقا ضربة معلم لعبها المبتسم «صح» وبكل ذكاء.

سمو الرئيس مواجهة المادة 100 من الدستور ليست الشرط الوحيد في استمرار المجلس إن لم يجارها عمل وإنجاز يطوي معه التردد الحكومي في حل المشاكل العالقة على كل الصعد والمجالات، ويعيد ثقة الشارع الكويتي به مع التذكير بأن المراهنة على مواقف النواب المسبقة لن تتكرر في الدفاع عن الحكومة، وإن لم يكن لديها من رؤى وخطط عمل على أرض الواقع لمشاريع تنمية وقوانين إصلاح فلن يجد النائب الراحة الكافية بالوقوف إلى جانب الحكومة لأن القواعد الشعبية ستكون ضاغطا فاعلا للتحرك السياسي.

ومن هذا المنطلق لتبدأ بحل المشكلات التي ستجد التفاهم والتعاون أيضا بشأنها كالتعليم والصحة والإسكان والبطالة، وهي ضرورة لكل حكومة إصلاحية ترغب في تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها، خصوصا في ظل تدنٍّ واضح لتلك الخدمات، فالتعليم وقفت عقاربه منذ زمن، فهل من المعقول أن نستمر في جامعة يتيمة تشاركها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وهي الأخرى تصرخ من العدد وتفاوت المدخلات، في ظل هذا التسارع نحو التعليم الجامعي.

وأكثر من ذلك هناك 55 ألف طالب يدرسون خارج الوطن نصفهم في جامعات تجارية، وما يقارب 30 ألف طالب في الجامعات الخاصة داخل الكويت تكاد لا تميز بين مخرجاتها.

وعلى الطرف الآخر الملف الصحي الذي كان مصدرا دائما للتأزيم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، واتهاما صريحا للحكومة بأنها لا تريد حل هذا الملف، لأنه يعتبر الباب الخلفي لتمرير المعاملات وشراء ولاءات النواب، فهل يأتي اليوم الذي نرى فيه رضا المواطن البسيط عن الخدمات الصحية المقدمة له دون أن يبحث عن علاجه في الخارج؟

أما الإسكان أو بيت العمر فيحتاج إلى ثورة نمطية على كل البنى التحتية والإجراءات الروتينية، التي قلصت قدرة الوزارة على التحرك بمساحة لا تزيد على 6% من إجمالي الكويت متلازمة مع عجز في توصيل وتوفير الماء والكهرباء.

الصولة الأخيرة هي مشكلة البطالة التي لا تقل أهمية عن سواها، فعجز الحكومة في تعيين الخريجين في قطاعاتها، فضلا عن تمكينهم من العمل في القطاع الخاص يبدو واضحا.

قد أكون متفائلا ببرنامج الحكومة رغم لغته الإنشائية وغياب بعض عناصر التنمية، أو علاج مشكلات لم تجد الحل منذ سنوات، حتى أضحت تشبه السفينة الهرمة التي قد تغرق البحارة قبل الركاب لا سيما ملف التلوث البيئي وقضية الحقوق المدنية والقانونية للبدون، ولأهمية تلكما القضيتين تصدى النواب لهما عبر تشكيل لجنتين مختصتين تبحثان في إيجاد الحلول المناسبة، وهما أيضا شكلتا تحت ضغط شعبي، لذا على الحكومة أن تتعامل معهما على محمل الجد، وأن تدلي بدلوها في الحل خصوصا أنها الطرف الأول في إنشائهما.

وخير مثال على البطء الحكومي هو معالجة الحكومة لفوائد القروض، فلولا الضغط الشعبي والبرلماني لما تحركت لحل واحدة من أكبر المشكلات التي يئن تحت وطأتها كثير من الأسر الكويتية، والتي صمت البنك المركزي عنها لسنوات محاباة للبنوك، أو لضعف في التشريعات، وعلى الحكومة ألا تكابر وتعيد كرّة سبحة المعالجات بشرح مستجدات صندوق المتعثرين وسماع وجهة النظر الأخرى، خصوصا بعد تصريحات وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح عن استعداد دولة الكويت لمساعدة إمارة دبي في أزمتها الاقتصادية.

مهما درنا وتنمقنا في اختيار الكلمات لتشخيص المشكلات فسنجد سبل البيان مختلفة، والنتيجة واحدة، والعلة كستها السنون ثوب الفساد، ونزعت عنها ثوب الحياء، فتلقفها الطامع والجاحد تلقف الكرة.

اليوم ليس الأمس، والزمن لن يغفر لأحد، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فأهلا برحى المواجهة، وحي على الإصلاح.

ودمتم سالمين. 

back to top