الرسالة 
التي لم تصل

نشر في 24-02-2010
آخر تحديث 24-02-2010 | 00:01
 زاهر الغافري كأننا ولدنا من جديد، لأن الصدق، بريد أنانا المتفردة.

كأننا كنّا ظلالكِ ومرآتكِ وكنتِ ماءنا في الحياة والموت.

كأننا أصغينا لما نقول: اتركها نائمة وغطّها، بياسمين

الصباح لكي لا تنكسر أعمدة السماء. كنّا قساة على

العتبة وندفع الباب، باتجاهكِ. وكنتِ تضحكين ببراءة

مَنْ لا يعرف، غير الغفران. كنتِ في أحلامنا معنى

وكنتِ الليلَ والضوءَ والرغبة. لم نصبر كما صبر

الماغوط فوضعك صورةً على الدار. كنّا وقتها نرى

الضوء يرتعش في شعرك الأسود. وكنّا يتامى لأن حبّنا

كان كاملاً وأعزل. كان النور يولد من ثقوب نايّ سحري،

يحمل النغمة الشفيفة إلى شتاءِ المسافرين، كنتِ كما تفتح

القوقعة أمومتها أمام البحر. كما تولد الغمازةُ على مرأى

الطبيعة. نحسبُ أننا لم نركِ، نحسبُ أننا توهمّنا في صباحٍ

ماطرٍ ضوء الشمس. على الأرجح أننا عمينا أمام ابتسامة

تدوّخ العالم. كنّا نظن اننا نكبر أمام مياه النهر، أمام، ضوء

الحقيقية فلا نتيه وحدنا في الظلام. كنّا نظن أننا لن ننكسر

أمام زيت المحبّة. كنتِ في البهو الفسيح أمام الرجل والمرأة

بعد سقوطٍ وآخر، بين كذبةٍ بيضاء فوق جبين أسود.

كنّا يتامى في بلاد غريبةٍ فوجدناك نائمة بين البحيرات.

كنتِ صباح فاكهة البحر السعيد. تنهضين من نومكِ كسولةً

كلؤلؤةٍ في قلب قوقعة، محاطة بالأشنات وأعشاب المياه

الخضراء والمرجان اللامع. كنّا نرى طيفك في الأفلام،

في «شيء من الخوف».

البحر والنوم والعتبة العالية. تنامين فترحل أحلامنا ونصحو

على فراغ الأسرّةِ، على ملاكٍ ضائع بلا حراسة. يؤخذ الحب

دفعة واحدة لأن وردة الجسد هي نفسها وردة الروح.

ما كان ينبغي أن تضيعَ أزهارنا. ما كان ينبغي أن تكون السماء

رمادية. ماذا نفعل الآن وأنتِ في الصورة -بالأبيض والأسود-

في فمكِ زهرة الأسى وعلى شفاهنا طعم رماد الغابة.

لم نكن حراساً أوفياء. لم نشكر الطبيعة من أجلك.

انسحبتِ من أغوار الألم السحيق، وكنّا يائسين ننظرُ

إلى النهر ونسمع أغنية الصبا.

أحببناك لأنِك كنتِ تلميذة الألم الوفية، لأنك ابنة الخسارات

مثلنا. أحببناكِ بقوة الرغبة، بقوة الأحلام، بقوة الحكاية التي

لم نصدقها. ما كان ينبغي أن تتركينا هكذا، جميلين،

قريبين إلى سمائكِ، إلى شتائك، إلى عزلاتٍ كبيرة.

لقد انتحروك منذ زمن بعيد، دون أن ندري ولم نصدق.

الكآبة؟ أجل. الخيبات؟ أجل. عمتِ صباحاً على شرفةٍ

تطل على النيل والحديقة الخلفية.

عمتِ صباحاً في ضباب لندن الشتائي.

عمتِ صباحاً على أعشاب صبانا.

افتقدناك، وافتقدنا حكايات سندريلا،

نحن الذين من أجلكِ أوقدنا الشموع.

back to top