الديمقراطية... الخيار الوحيد!!
قرأت قبل أيام مقال الأخ جاسم بودي في افتتاحية جريدة «الراي» التي حملت عنوان «البحث عن زعيم»، وتحدث فيها عن الزعامة في الأمة العربية والديمقراطية، وعلى الرغم من أني اختلفت سابقا مع الأخ بودي حول مقال كتبه ورددت عليه، في مقال سابق لي حمل عنوان «دربيل بودي والمدينة الفاضلة» فإني هذه المرة أتفق مع الكثير مما جاء في مقاله الأخير، فقد أعجبني في الحقيقة هذا الفكر العالي في المقال وأسلوبه الرشيق، وبالأخص ما جاء في حديث «بومرزوق» عن الديمقراطية، والذي قال إن الديمقراطية والمشاركة الحقيقية في الحكم والحريات والمؤسسات تحمي الأنظمة في المصاعب، وتجعل الناس يلتفون حول نظامهم، والعكس صحيح.فالديمقراطية هي بالفعل في رأيي ورأي كثيرين هي الحل الوحيد للخروج من النفق المظلم الذي نعيش فيه، وإن كنت أختلف كثيرا مع ما تأتي به من إفرازات في عصرنا الحالي، إلا أن ذلك الإفراز أحترمه وأقدره وإن اختلفت معه، فالديمقراطية أتت لنا بنواب حاليا في مجلس الأمة غير أكفاء، ولا يحملون فكرا، وإمكاناتهم لا يمكن لها النهوض بالبلد وتفعيل الأدوات الرقابية والتشريعية، ولكن علينا أن نقبل بالديمقراطية فسلبياتها الموجودة الآن لدينا لا يمكن أن تستمر بحال من الأحوال لأننا نتطور يوماً بعد يوم، ونستطيع مع الأيام أن نفرق بين الغث والسمين، وبين من يحمل مجرد شعارات ومن يحمل الفكر الذي يؤدي إلى التنمية والتطور والنفع لبلدنا. الديمقراطية أتت لنا بنواب حكوميين بصامين يوافقون الحكومة على كل شيء وأي شيء، وكذلك الديمقراطية قد تأتي لنا بنواب يعشقون المعارضة من أجل المعارضة، ولكن مع الأيام يستطيع الناخب أن يعي أنه ليس من مصلحته أن يفزع للقبيلة والطائفة والفئة على حساب البلد والمصلحة العامة، وإن كنا نرى الآن من يبيع صوته سواء بمقابل مادي أو معنوي إلا أنني على يقين بأن ممارستنا للديمقراطية ستجعلنا ننضج، ونستطيع الاختيار الأمثل كما هي حال الشعوب التي تمارس الديمقراطية منذ مئات السنين، وقد ضرب الأخ «بومرزوق» مثالا على ذلك باليهود الغاصبين الذين ضبطوا دولتهم على إيقاع الديمقراطية، فاستطاعوا تحقيق حلمهم وتنميته والتوسع فيه على حساب العرب الباحثين عن الزعيم والمفتقدين للممارسة الحقة للديمقراطية.وما يدلل على حديثي بضرورة التمسك بالديمقراطية لأنها الخيار الوحيد والخلاص والملاذ الآمن، والملجأ لوحدتنا على اختلاف توجهاتنا، بل إنها القوة الحقيقية لنا، ما يدلل على ذلك ما حدث عام 86 عندما تم الانقلاب على الدستور وحل البرلمان حلا غير دستوري، وعطلت الحياة النيابية، ونزلت المعارضة للشارع، وظهرت دواوين الاثنين، ووضعت الرقابة على الصحف، وظهرت موجة الاعتقالات، وأصبح هناك فجوة كبيرة بين الشعب والنظام، مما أضعف تماسكنا ووحدة الصف لدينا، فاستغل النظام الصدامي البائد الظروف، وكان هذا من الأسباب التي شجعته لغزونا، ولكن بإرادة الله، ومن ثم الشعب والقوى السياسية على اختلاف توجهاتها، بمن فيهم المعارضة، كان مؤتمر جدة وتم التمسك بالشرعية والمكتسبات الدستورية، وعمل الجميع على التماسك والتلاحم من أجل عودة أرضنا الغالية.الديمقراطية، وإن كنا في الوقت الحالي لا ندرك معناها بالكامل ولا نمارسها كما ينبغي، علينا أن نتمسك بها قيادة وشعبا، وما نأمله في النهاية جميعا أن نحاول أن نستغل الفرصة المتاحة لنا في ظل حكم سمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، ونمارس الديمقراطية الصحيحة بعيدا عن أي نفس فئوي وطائفي وقبلي، فهل نراجع أنفسنا من أجل أن نكون فعلا جديرين بالديمقراطية؟