لا تلوموا الأصيل فنحن شعب فاسد!

نشر في 25-06-2009
آخر تحديث 25-06-2009 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي قلت قبل عدة أسابيع إن نتائج الانتخابات أثبتت تناقضا ما بين دعوة الناس للتهدئة وتوجهات التصويت لديهم، وردات الفعل على الأحداث الأخيرة في المجلس رسخت هذا الاعتقاد لدي، فأكثر ما يضحكني هو تذمر الشارع من تدني لغة الحوار في المجلس، وتركيز بعض النواب على القشور والمعارك الشخصية الجانبية بدلا من الاهتمام بما يعانيه المواطنون من مشاكل، فالناس تتحدث وكأن هؤلاء النواب هبطوا علينا من السماء، وأصبحوا معينين بالقوة في المجلس، ولم يأتوا عن طريق الانتخاب.

فالأصيل ابن الأصيل الذي يريد أن يرجعنا إلى القرون الوسطى عندما كان يقسم الناس إلى نبلاء وعامة، أو بالأحرى «خدم»، تقدم في هذه الانتخابات ستة مراكز ليحصد المركز الثاني في دائرته مع أن الجميع يعرف من هو ومن وراءه وما هي عقليته وطبيعة عمله! الأصيل ابن الأصيل هو الذي يتجول في ردهات الوزراء ويستخدم البلطجة لاقتحام مكاتب المسؤولين ومن دون موعد ليهددهم ويتوعدهم بالويل إن لم يوقعوا معاملاته، وهو الذي يتدخل حتى في ترقية الأطباء الفاشلين ليصبحوا مسؤولين يضرون مرضاهم، ثم يتباكى على الحالة المزرية للصحة في الكويت! والأصيل ابن الأصيل هو الذي يتم تحريكه مثل قطع الشطرنج لحساب «المعزب العود» ومصالحه، والأصيل هو الذي يتوسط من أجل إنجاح طالبة غشاشة، فإذا كانت هذه صفات الأصالة، «مالت» على الأصالة برمتها!

إذن يجب ألا نلوم هذا «الأصيل» بل يجب أن نلوم الناخبين الذين منحوه أصواتهم، فكل إناء بما فيه ينضح، والشعب الذي ينتخب مثل هذه الشاكلة من النواب هو شعب فاسد، فهو يدعي حب العدالة والإنصاف وتطبيق القانون بينما ينتخب من يعمل على إجهاض كل تلك الأهداف، وهو شعب يدّعي حب الكفاءات والوحدة الوطنية بينما ينتخب على أساس قبلي وطائفي وعرقي فينتج نماذج عجيبة غريبة من النواب الذين لا همَّ لهم سوى كسر القانون والتجاوز على حقوق الغير.

والفساد طبعا لا يقف عند عملية الانتخاب بل يشمل مختلف أوجه الحياة. خذ مثلا الكثيرين الذين لا يفوتون الصلاة في المسجد لكنهم يعاملون خدمهم كالحيوانات، وكم من قصص عن الظلم الذي تتعرض له الفئة العاملة في البلد، وكم من جرائم قتل ارتكبت بحقهم لكن يتم دفنها بالواسطة لأن هؤلاء ليسوا الشعب المختار، وكم من عمليات انتقام ارتكبت بحق هذه الفئة عن طريق العلاقات مع الأقارب العاملين في المخافر، فيتم سجنهم بلا ذنب اقترفوه ليتعرضوا للضرب وأشد مظاهر الإهانة. هذا لا يعني أن جميع أفراد هذه الفئة من الملائكة، لكن يجب أن نعترف بأننا فعلا بلد يتاجر بالبشر، وزيارة واحدة لمكاتب الخدم كافية لتبيان ذلك.

باختصار بلدنا مليء بالظلم وهضم الحقوق، وأعتقد أن ذلك من أهم أسباب انتزاع البركة في البلد الذي يعاني التذمر والمشاكل الكثيرة بالرغم من صغر حجمه وكثرة موارده المالية. إذن لا تلوموا «الأصيل» لأنه أحد مظاهر فساد الشعب الفاسد!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top