ثقافة أوباما

نشر في 07-06-2009
آخر تحديث 07-06-2009 | 00:01
 آدم يوسف كيف يوازن المثقف بين مثالية الثقافة، وواقعية السياسة؟ سؤال يبدو ملحّاً إلى حد كبير، لاسيما بعد تولي الرئيس الأميركي باراك أوباما مقاليد الحكم، وهو الموسوم بثقافة موسوعية، وبلاغة خطابية يندر مثيل لها بين السياسيين.

السؤال السابق يطرحه الكاتب غسان الإمام، مؤكداً أن معظم رؤساء أميركا يتميزون بـ»الأميّة السياسية»، وآخرهم جورج بوش، متسائلاً عما إذا كان مثقف سياسي نادر كأوباما، يرفق مشروعه الاجتماعي والسياسي للتغيير الداخلي والخارجي بأكثر من ثقافته المثالية وبلاغته الخطابية، هذا هو صميم التحدي لأوباما المثقف كي تكون أميركا أكثر عدلاً في العالم وأكثر قرباً من أعدائها، وأصدقائها وحلفائها.

في خطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة الخميس المنصرم، وتابعه مئات الملايين من البشر، بدا باراك أوباما وكأنه الوجه المشرق للولايات المتحدة، بعد الحقبة الدموية التي شهدها سلفه جورج بوش، فقد استشهد في خطابه بالآيات القرآنية والتوراة والإنجيل، والحديث النبوي الشريف، مقدمأ رؤية سياسية تتمركز حول سبعة محاور، وتختزل مستقبل العلاقة السياسية بين أميركا والعالم الإسلامي.

وفي الحقيقة، فإن اللغة الانفتاحية التي قدم بها أوباما خطابه سحبت البساط من تحت أقدام الأصوليين المتطرفين، وعرّت تنظيم القاعدة، وجعلت أولئك الذين يختبئون في الأنفاق، ويقتاتون على قتل الأبرياء في موقف لا يُحسدون عليه، لم يكن هذا فحسب بل إن خطاب أوباما لم يرُق لدعاة الديمقراطية في العالم الإسلامي، أولئك الذين يعوّلون على التدخلات الخارجية للتغييرات السياسية في أوطانهم.

يرفض أوباما فرض القيم السياسية والاجتماعية الأميركية على الشعوب الأخرى، وبدا مقتنعاً أن لكل دولة نظمها السياسية الداخلية التي تلائمها، وهو ما يثبت أن عهد التدخلات الأميركية العسكرية في البلدان الأخرى ولّى إلى غير رجعة، من دون أن يغفل حق أميركا في الدفاع عن نفسها، حال تعرضها لهجوم.

ترافق الصورة المثالية الرئيس الأميركي أينما حل، وقد كانت ثقافته السياسية والاجتماعية السمة المميزة له، ابتداءً من حملته الانتخابية، وحتى توليه الحكم، وحضوره في المحافل والمنتديات الدولية، ويحضرني هنا الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء بشأن كتاب أهداه الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز إلى أوباما أثناء قمة الأميركيتين في الثامن عشر من أبريل المنصرم، وقفز إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعاً، ورغم أن شافيز كان متذرعاً بالإيديولوجية السياسية، ولم يكُن مخلصاً للثقافة حين أهدى الكتاب إلى أوباما، فإن أوباما استقبل الأمر بشيء من الدعابة والسخرية، حين قال «ظننت أن شافيز هو مؤلف الكتاب، وأردت أن أهديه أحد كتابَي»، ويحمل الكتاب المُهدى إلى أوباما عنوان «شرايين أميركا اللاتينية المفتوحة: خمسة قرون من نهب القارة»، وهو ما يُظهر النية السياسية المُبيّتة من إهداء الكتاب.

ويرد اسم الرئيس الأميركي في قائمة مجلة «فوربس» لأقوى 100 شخصية في العالم، وهو بذلك يصبح أول رئيس دولة يدخل القائمة وهو في منصبه، وقد استندت المجلة في حكمها هذا إلى الطريقة المنظمة التي اتبعها أوباما أثناء حملته الانتخابية، التي ساعدته على بيع أكثر من مليون نسخة من كتابَيه، كما أنه ظهر على أغلفة العديد من المجلات، وفي المجمل هناك اهتمام به كرئيس دولة ورب أسرة، وشخصية شهيرة.

وبالنظر إلى ثقافته العالية والمثالية الطاغية التي سيطرت على حياته، هل يستطيع الرئيس الأميركي باراك أوباما فتح صفحة جديدة من العلاقة بين أميركا والمسلمين، ويشيع في العالم الصورة المثلى لثقافة التسامح والتعددية والعيش بسلام؟

back to top