سعودي غلط على عراقي... احنا شكو؟!

نشر في 17-01-2010
آخر تحديث 17-01-2010 | 00:00
 سعد العجمي إن التوسع في عملية منع أي كان من دخول الكويت بناء على تصريح هنا وهناك، أو تسجيل في اليوتيوب، أو بالاعتماد على رواية غير دقيقة، سيفتح أبواب الجحيم على الجميع سنة وشيعة، فاليوم هذا وغداً ذاك، والحبل على الجرار، وسندخل في نفق ليس له آخر.

رجل دين سعودي أخطأ في حق رجل دين عراقي أو إيراني، ما الذي يعنينا في الكويت لنكون طرفا في هذا الخلاف من الناحية الرسمية والقانونية حتى تضع وزارة الداخلية اسم محمد العريفي على قائمة الممنوعين من دخول البلاد؟

أن يصرح سياسي أو رجل دين شيعي كويتي مندداً بما قاله العريفي فهذا حق له ينسجم مع حرية الرأي والتعبير المكفولة دستوريا، وأن يقوم آخر سني بالدفاع عنه فهذا أيضا حق لا ينازعه عليه أحد وفق المبدأ ذاته، أما أن تدخل السلطات الرسمية طرفا في هذا الجدال، فهنا التصرف غير حكيم إطلاقا، لاسيما أن ما قاله رجل الدين السعودي لم يصدر منه داخل الأراضي الكويتية، ولم يأت على ذكر أي مواطن كويتي بالإساءة، ولم يكن عليه قضية منظورة أمام القضاء المحلي لم يتم الحكم فيها بعد.

حتى تكون الأمور واضحة، فإنني أرفض رفضا قاطعا ما قاله العريفي، بل أعتبر ما تفوه به سقطة كبيرة منه في ظل الظروف الإقليمية الحرجة التي تصاحبها دعوات ولاة الأمر، وأولهم العاهل السعودي بضرورة التقارب بين المذاهب الإسلامية ونبذ الخلافات وكل ما من شأنه أن يسبب الفرقة بين المسلمين، لكن ما قامت به وزارة الداخلية لا يمكن تبريره حتى لو جاء في إطار تلك الدعوات، فنحن دولة دستور ومؤسسات يتخذ القرار فيها وفق مواد قانونية لا أهواء شخصية.

لا أدري إن كانت أسماء مثل عبدالباري عطوان، ومحمد المسفر، وحسين بكري وغيرهم ممنوعة من دخول الكويت، لكنني أجزم أن هناك أشخاصا أساؤوا إلى الكويت وحكامها وشعبها خلال السنوات الماضية لا يوجد عليهم منع، بل يدخلون إلى البلاد ويخرجون منها محملين بالهدايا والهبات.

الإسلاميون السنّة أول من طالب بمنع رجل الدين السني مجدي غنيم من دخول الكويت لأنه أساء إليها وإلى الراحل الكبير جابر الأحمد طيب الله ثراه، وهو موقف أيدهم فيه الجميع بمن فيهم الليبراليون، لأن الأمر متعلق بالإساءة إلى الوطن ورموزه، وهنا سقطت القواسم الفكرية المشتركة بين إسلاميي الكويت والعرب، فالوطن قبل كل شيء، وإن كان بعض المطالبين من نواب وشخصيات دينية بمنع العريفي من دخول الكويت هدفهم حسب قولهم الحفاظ على الثوابت الإسلامية والمعتقدات الدينية، فلماذا لم ينطقوا بكلمة واحدة في أزمة دخول نصر أبوزيد إلى الكويت الذي طعن في كتاب الله؟ وهل يقارن القرآن برجل دين مهما بلغت مرتبته العلمية؟

إن التوسع في عملية منع أي كان من دخول الكويت بناء على تصريح هنا وهناك، أو تسجيل في اليوتيوب، أو بالاعتماد على رواية غير دقيقة، سيفتح أبواب الجحيم على الجميع سنة وشيعة، فاليوم هذا وغداً ذاك، والحبل على الجرار، وسندخل في نفق ليس له آخر، لتتحول البلاد إلى دولة مغلقة، لا يدخلها إلا أنصاف المتعلمين أو العمالة الهامشية.

لسنا هنا بصدد التذكير بما قاله هذا الداعية السني، أو ذاك المعمم الشيعي، فلن ننتهي إذا فتحنا هذا الملف، لكن تدخل نائب إسلامي شيعي على سبيل المثال للضغط على الجهات الرسمية لمنع دخول رجل دين سني، والعكس صحيح، أمر مرفوض يمهد لمرحلة تكون فيها الفوضى سيدة الموقف، ولا ينسجم إطلاقا مع مقوله إن هناك حكومة قوية قادرة على إدارة البلد، ولكن ماذا بوسعنا أن نقول بعد أن أصبحت وزارة الداخلية تحسب أن كل صيحة عليها، فهي إن منعت العريفي نتيجة ضغوط فهذه مصيبة، وإن كانت منعته من منطلق حرصها عليه وعدم قدرتها على تأمين سلامته، فهذه كارثة بكل المقاييس، فمن لا يستطيع حماية ضيف لا يستطيع حماية بلد!!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top