ايران الانكسار والانحسار


نشر في 05-01-2010
آخر تحديث 05-01-2010 | 00:00
 د. عبدالخالق عبدالله بعد مرور أكثر من ستة أشهر على الانتخابات الرئاسية الإيرانية المثيرة للجدل مازالت الحركة الاحتجاجية والمعارضة لإعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد مستمرة وتزداد حدة أحيانا، وعنفا أحيانا.

كما استغلت المعارضة الإصلاحية بذكاء وعفوية شديدة ذكرى عاشورا كمناسبة لمواجهة تعسف النظام، وهو نفس التكتيك الاحتجاجي الذي استغل سابقا من قبل قادة الثورة الإسلامية من أجل الإطاحة بنظام الشاه عام 1979.

فجأة اهتزت صورة إيران الانتصار وأصبحت مكشوفة كل الانكشاف من الداخل، فالمعركة التي تخوضها إيران خلال سنوات الرئاسة الثانية لمحمود أحمدي نجاد ستكون معركة اختلال التوزان السياسي في الداخل وليس معركة تحقيق التوزان الاستراتيجي مع الخارج، وسيكون تراكم تحديات الداخل مع بقاء تحديات الخارج أكبر من قدرة النظام أن يتحمله طويلا، فالخوف من الخارج سيضاف إليه الآن الخوف من الداخل.

لم يعد أمام القيادة السياسية والدينية الإيرانية سوى القمع والعنف والاستبداد الذي سيولد بطبيعة الحال المزيد من الغضب والاستياء والاحتجاج والاحتقان الشعبي ضد النظام السياسي الذي انتقل من حالة الانتصار في الخارج إلى حالة الانقسام في الداخل.

مهما كان السلوك الإيراني المستقبلي، فالشاهد أن إيران ما بعد الانتخابات مختلفة نوعيا عن إيران ما قبل الانتخابات، حيث كانت قبل 12 يونيو في أفضل حالاتها، واحتفلت بمرور 30 سنة على الثورة وقيام الجمهورية الإسلامية.

وكان من المفترض أن تكون الانتخابات الرئاسية التتويج الفعلي لإيران الانتصار، لكن ما حدث هو عكس ذلك تماما، حيث شكلت الانتخابات نقطة التحول نحو إيران الانحسار، فإيران اليوم ليست في أفضل حالاتها، وتعيش أزمة سياسية حادة وصفها مير حسين موسوي بـ»الخطيرة».

أزمة النظام تتجسد في المرشد الإيراني، علي خامنئي الذي أخذ يفقد هيبته، واهتزت صورته وانهارت قدسيته. وعلاوة على اهتزاز مكانة المرشد وشرعية الرئيس، بلغ السخط والاستياء والتذمر الشعبي أعلى مستوياته بسبب القمع السياسي، وتدهور الوضع الاقتصادي، وتردي المستوى المعيشي وبروز الوجه العسكري والاستخباراتي للنظام مع الصعود الصاروخي للحرس الثوري في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إيران.

فالحرس الثوري يحكم إيران سياسيا بعد أن استولى على معظم الحقائب الوزارية، واستولى على 20% من الاقتصاد الإيراني، وأصبح الحرس الثوري، الذي يملك قدرات برية وبحرية وجوية وصاروخية ونووية أقوى شأنا من الجيش الإيراني، ويعمل من خلال تسعة أجهزة أمنية واستخباراتية لا تختلف كثيرا في ضراوتها عن جهاز السافاك الدموي في عصر الشاه.

بعد مرور ثلاثين عاما على قيام الدولة الثيوقراطية عادت إيران إلى الخلف كدولة بوليسية تواجه حركة شعبية احتجاجية ترفع شعار «الموت للدكتاتور» وهو نفس الشعار الذي أدى إلى سقوط الشاه عام 1979.

يعيد التاريخ بداياته لكن النهايات لا تكون بالضرورة متشابهة، لكن أكثر ما يمكن قوله هو أن عام 2010 سيكون نهاية عصر إيران الانتصار وبداية عصر إيران الانحسار والانكسار والانقسام.

*باحث وأكاديمي إماراتي 

back to top