خذ وخل: القمع الساطع آتٍ!


نشر في 13-01-2010
آخر تحديث 13-01-2010 | 00:01
 سليمان الفهد * كنا نزهو ونتباهى بحق لكون السجن المركزي يخلو من سجناء الرأي من جراء الهامش المباح المتاح من حرية الرأي، لكن التعديلات التي تنوي الحكومة الرشيدة إقحامها على قانوني المطبوعات والنشر، والإعلام المرئي والمسموع، كفيلة بأن تنفي زهونا ومباهاتنا السالفة الذكر، لأن ضيوف الفندق المركزي قد يكونون «كامل العدد» ولله الحمد! إذا مرت التعديلات السيئة الذكر التي فضحتها وأدانتها صحيفة «القبس» الغراء، وانفردت- كدأبها- بالخبر والتعليق.

إن سوابق الحكومة في هذا السياق تشي بأن القمع الساطع آت لا محالة، وأن ما خفي أنكى وأسوأ وألعن! والحق أن العبد لله لا ينكر ممارسة العديد من الكتّاب وضيوف الفضائيات بعض الأخطاء والخطايا الساعية إلى إثارة الفتنة، لكنها ليست مسوغة لزيادة جرعة القمع المدجج بعقوبة الحبس لناشر الرأي ومولاه الذي دبجه يراعه، وربما الساعي و»الفرّاش» الذي حمله، ولم يبق سوى عقوبة القارئ الذي «ارتكب» فعلة قراءته! زد على ذلك في سياق القمع الساطع، العقوبة المالية ذات الأرقام الفلكية الكفيلة بوأد الوسيلة الإعلامية، لاسيما أن الصحف والفضائيات الخاصة تكابد خسائر مالية جمة من جراء انحسار مساحة الإعلانات التجارية، التي هي بمنزلة الرئة لهما!

* والمدهش المحير هو أن الحكومة لم تجابه العابثين بنسيج الوحدة الوطنية بالضخامة المطلوبة التي يكفلها لها القانون الحالي، وكأن الإجراءات التي اتخذتها بشأن العابثين ما هو إلا لذر الرماد في عيون المواطنين الذين ثاروا على الهذرة الخاوية التي أثارت غضبهم وحفيظتهم!

وقد صار لزاماً علينا، نحن معشر الكتّاب وأصحاب برامج «التوك شو» قاطبة، النأي عن كتابة مقالات الرأي الصريحة، والاهتمام بصياغة موضوعات عن الوعظ والإرشاد والتدبير المنزلي وغيرها من «القضايا» التي لا تثير حضرة جناب «المكتوبجي» السيئ الذكر، الذي كنا نظن أنه قابع في مخازن وزارة الإعلام من دون عودة، و»المكتوبجي» لمن لا يعرفه هو الرقيب العتيد إبّان الحكم العثماني القمعي المتسلط، والذي يليق به الحضور في فضاء التعديلات الرقابية إياها! ومن حقنا وواجبنا نحن- الكتّاب- الحرص على توديع العيال والأحفاد وأمهم لأن الحبس آت لا محالة إثر مقالة تراها عين «المكتوبجي» معكرة لصفو العلاقات بين الأقطار الشقيقة والصديقة و»العديقة» أيضا!

والأنكى من كل ما أشرت إليه آنفا، هو أن القمع القاتل لا يستهدف الصحافة المقروءة والافتراضية والتلفزية، بل إنه يسلط سيف الرقابة المسبقة على رقاب مبدعي المصنفات الإعلامية المرئية والمسموعة، ربما لتتماهى الفضائيات الخاصة مع شاشة تلفزيون دولة الكويت وضواحيها، والتي لا يشاهدها الناس إلا لمعرفة أخبار الوفيات وإعلانات توزيع المساكن والتي تلف لفها!

ولن أغالي إذا زعمت أن الإعلام الكويتي سيرد خبره في نشرة الوفيات إياها، إذا أقرت هذه التعديلات التي اهتبلت المناخ الشعبي الغاضب ضد هنات وكبوات بعض المواطنين، كما ذكرت آنفا... يقول شاعر الثورة المجري بيتوفي (1823- 1849م): «يا وطني هل قدر لك أن تطأطئ رأسك المقدس؟! وهل سيحل الخجل محل المجد فوق هامتك؟!».

back to top