شبانة يفتح لـ الجريدة• ملف الفساد في «السلطة الفلسطينية» اهتراء في أعلى المستويات... واختلاسات بملايين الدولارات

نشر في 11-02-2010 | 00:01
آخر تحديث 11-02-2010 | 00:01
No Image Caption
• فضح تفاصيل الخلاف بينه وبين رفيق الحسيني... وأسباب التخلِّي عنه من قبل الجميع
• أكد أنه عمل لتحرير أملاك الكويتيين في الضفة... لكنّ مسؤولين كباراً حالوا دون ذلك
فتح المحامي فهمي شبانة الذي تدرّج في مناصب متقدمة بالسلطة الوطنية الفلسطينية، ملف الفساد في السلطة، لـ"الجريدة"، متحدثاً عن تغلغل الفساد في مستويات قيادية عليا في السلطة، واختلاسات تقدر بملايين الدولارات من أموال المساعدات المقدمة إلى الشعب الفلسطيني.

المحامي فهمي شبانة من مواليد القدس عام 1961، عمل مع الاستخبارات الفلسطينية من اللحظة الأولى لقيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وكان أول من ينتسب إلى جهاز الاستخبارات العامة في الضفة الغربية، وقد عين مستشاراً قانونياً للجهاز وتدرّج في عدة مناصب متقدمة، منها مدير الدائرة القانونية، ومسؤول عن دائرة الرقابة والتفتيش، ومسؤول عن ملف الفساد، ومدير لاستخبارات محافظة الخليل كبرى محافظات الضفة الغربية، وكذلك كان مسؤولاً عن أمن جهاز الاستخبارات العامة في الضفة الغربية وشغل منصباً مدنياً كمدير لمحافظة القدس.

خلال عمله في ملف الفساد وهي الدائرة التي شكلت بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، كشف العديد من قضايا الفساد المالي والإداري، إذ كانت الاختلاسات المالية بملايين الدولارات وكانت تسرق أموال الدعم المقدمة إلى الشعب الفلسطيني على يدّ بعض النخبة من مسؤولي السلطة الفلسطينية.

الحسيني وطيراوي  

وقد تم ضبط بعض الفاسدين ومستغلي النفوذ من المسؤولين الذين استهانوا بأعراض الناس، وكان آخرهم رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئيس محمود عباس (أبومازن)، حيث حاول استغلال امرأة مقدسية جنسياً مقابل تقديم مساعدة إليها. وقد تقدمت هذه المرأة بشكوى إلى الاستخبارات الفلسطينية، وقرر رئيس الاستخبارات في حينها اللواء توفيق الطيراوي تسجيل تصرفات المذكور لإبلاغ أبومازن عن تصرفات رئيس ديوانه، وفعلاً تم ذلك وضُبط الحسيني متلبساً، وقد جاء خلال فترة مراقبته وتسجيله بالفيديو كيف يتعرض لأبومازن ولعائلته بالقدح والذم.  وقال الحسيني في الشريط المصور إن عباس ليس لديه كاريزما رئاسة ولا يحب الشعب الفلسطيني وكذلك الشعب لا يحبه، ووصف عرفات بأنه نصّاب ودجّال بل بكبير الدجّالين هو ومن كان حوله.

بعد أن ضُبط الحسيني توجّه في نفس الساعة إلى أبومازن وأخبره بأنه تم تصويره من قبل شبانة تحت تهديد السلاح، وذلك لكي يسيطر توفيق الطيراوي على مكتب الرئاسة، مما أغضب عباس واستدعى الطيراوي وصبّ غضبه عليه ظناً منه بصدق الحسيني.

ووجد الطيراوي أن الأسهل له التنصّل من الموضوع وقول إنه لا يعلم بالقصة كلها، ما دفع أبومازن إلى استدعاء شبانة لمعاقبته، ولكن الطيراوي تبرّع بمعاقبته على أساس أنه المسؤول مباشرة عنه.

بعد فترة وجيزة ولما وجد عباس أن شبانة لم يعاقب أصدر قراراً بإيقافه عن العمل، ما جعل الأخير يكشف القضية ويبلغ عن استعداده لعقد مؤتمر صحافي لتكذيب كل الأقاويل. هذا التهديد دفع أبومازن إلى إرسال مندوبه للاطلاع على الحقيقة وفعلا تم ذلك وقرر عباس شكر شبانة بدلاً من معاقبته وإعادته الى منصبه كمسؤول أمن جهاز الاستخبارات في الضفة بعد عشرة أيام من إيقافه.

أغضب ذلك الحسيني الذي يحمل جواز سفر دبلوماسياً بريطانياً وتوجه إلى الإسرائيليين لمساعدته في إسكات شبانة، وفعلاً تم سجن الأخير لدى إسرائيل مدة شهر ونصف وفرضت الإقامة الجبرية عليه بعدها منذ 1/4/2009 حتى اليوم، وهُدم بيته من قبل إسرائيل بعد 15 سنة على بنائه بحجة عدم الترخيص، وقد امتنعت السلطة الفلسطينية أن تعيّن له محامياً كما جرت العادة لكل السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ورفضت السلطة تحمّل مصاريف اقامته الجبرية وتعويض هدم بيته أو التحدث مع الإسرائيليين للامتناع عن مضايقته، وكل ذلك، يؤكد تورط أشخاص من السلطة في سجن شبانة، وأن الشرطة الإسرائيلية ساهمت في مساعدة الحسيني لإسكاته.

بعد ذلك، قرر شبانة من اللحظة الأولى التي يتمكن فيها من الحديث للإعلام أن يبدأ بكشف الفاسدين الذين طوال سنوات عمله طالب بمحاسبتهم، ولكنه يقول إنه وصل إلى مرحلة الإحباط من حصول أي شيء إيجابي بهذا الخصوص، ويتساءل شبانة كيف لعباس أن يرسل شخصية مثل رفيق الحسيني لمقابلة الزعماء والقادة العرب والمسلمين ويضع يده في أيديهم وهو يعلم حقيقته ودنائة نفسه.

أملاك الكويت

ويقول شبانة لـ"الجريدة": "لقد قررت كشف الفساد للإعلام، وقررت أن أكشف أكثر من ذلك وأخطر بكثير بعد أسبوعين من اليوم، إذا لم يقم الرئيس أبومازن بعزل رفيق الحسيني واسترجاع بعض ملايين الدولارات المسروقة من بعض المقربين له، والعمل على مكافحة الفساد كما تعهد في برنامجه الانتخابي، كما أنني أفضل أن أنقل ما في جعبتي مباشرة لأولي الأمر من المسؤولين العرب والمسلمين دون أن أصرح بذلك للإعلام لخطورة الأمر". ولدى شبانة وثائق كثيرة تثبت تورط متنفذين ومسؤولين كبار في اختلاسات وسرقات تقدر بمئات ملايين الدولارات من أموال الشعب ومن المعونات الدولية، كذلك لديه وثائق ومستندات تؤكد عمله لتحرير عقارات وأراض وأملاك تابعة لدولة الكويت في الضفة الغربية وفي مدينة رام الله، وكان أخلى إحدى العمارات في شارع الارسال برام الله وهيأه لتسليمه لأحد مندوبي الكويت وأحضر علم الكويت، إلا أن مسؤولين كباراً في السلطة حالوا دون ذلك، حسب أقوال شبانة، بل ومنع السفير الفلسطيني في الأردن من لقاء سفير الكويت ونقلوا الملف من بين يديه وغابت المستندات ولكنه يحتفظ ببعض النسخ ويقول إنه سيكشف عنها لممثل دولة الكويت إذا طلبوا منه ذلك.

وثائق بحوزة "الجريدة"

 ويقول شبانة إنه اشترى لنفسه مؤخراً قبراً في الحرم القدسي الشريف، وأودع الوثائق والمستندات التي بحوزته لدى أشخاص يثق بهم ولدى مندوب "الجريدة" في القدس، وإذا حصل له مكروه، حسب ما يقول، فيمكن نشر كل ملفات الفساد في السلطة الفلسطينية مثل إحدى الوثائق المرفقة التي تكشف تلقي أحد المسؤولين مبلغ 3 ملايين ونصف المليون دولار لشراء أرض من يهود في منطقة قلنديا ووثيقة إسرائيلية تؤكد عملية الشراء بمبلغ يعادل 350 ألف دولار. كما يؤكد شبانة ان لديه وثائق تثبت سحب ملايين الدولارات على يد مسؤولين لأغراض "المساعدات" وهي لمساعدة حساباتهم الشخصية في المصارف الأوروبية.

وفي ما يلي حوار موجز أجرته "الجريدة" مع شبانة:

• أنت تعلم أن المقدسيين محاطون باهتمامات عدد من الدول والحكومات والمنظمات المهتمة بالقدس، فأين أنت من اهتمام هؤلاء؟

- بعد عملي في محافظة القدس كمدير لها، وقيامي بالعديد من النشاطات والفعاليات وتفعيل المؤسسات المقدسية واشراكها في العمل الجماعي لتحمّل مسؤولياتها تجاه القدس، وقيامي بمجهودات خاصة وبمشاركة الشرفاء من شباب القدس بمحاربة تجار المخدرات والقضاء على تجارتهم في أخطر المواقع الجغرافية، التي تخلو من الأمن لكونها مناطق (س) و(ب)، وكذلك تشكيل مجلس استشاري لمحافظة القدس يضم شخصيات مقدسية ممتازة، لفت هذا العمل نظر المهتمين بالقدس وأحوالها وسلّط الضوء حولي فتمت دعوتي إلى الأردن في لقاء مهم ومصغر حول مسيرة السلام، وكان لي شرف اللقاء مع  جلالة الملك عبدالله ملك الأردن.

وحين سؤالي لماذا ادعى أنا ولا يدعى محافظ القدس للأردن؟ كان الجواب اننا نتعامل مع الشخصيات القوية والفاعلة على الأرض مع احترامنا الشديد لمحافظ القدس السابق (رحمه الله)، وكذلك تمت دعوتي من الشرطة الإسرائيلية التي تشرف وتراقب عمل المؤسسات المقدسية، وقد عرض عليّ من قبلهم أن يقدموا التسهيلات التي كانوا يقدمونها إلى المرحوم فيصل الحسيني مقابل عقدي لقاء مع بعض المسؤولين لديهم خارج المسكوبية فلم أوافق على اللقاء، وقد أبلغت حينئذ رئيس الاستخبارات الفلسطينية بالعرض الإسرائيلي، كذلك عرضت علي شخصيات قيادية سياسية مسؤولة في "حماس" منصب وزير هيئة الكسب غير المشروع في حكومة "حماس" من خلال رئيس الاستخبارات توفيق الطيراوي حينئذ، بعد نجاح "حماس" في الانتخابات وقبل أن يجري ما جرى في غزة، وكذلك أصدر الرئيس أبومازن قرارين بتعييني نائباً لمحافظ القدس ولكن المحيطين به والمتورطين في قضايا فساد حالوا دون تطبيق واحترام قراره هذا، وقد عرضت علي بعض الأحزاب الدينية والمنظمات الفلسطينية الانضمام إليها وأن أكون من ضمن صفوفها وقادتها.

• أين أنت الآن من هذه العروض التي تعلنها للمرة الأولى؟

- أنا إنسان مقدسي مستقل أعمل لما أعتقد أنه في مصلحة قضيتي الفلسطينية بشكل عام وقضية القدس بشكل خاص، لتكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة التي يسودها القانون والعدالة الاجتماعية بعيدة عن الفساد والفاسدين.

القناة العاشرة الإسرائيلية بثت تصريحاته و«السلطة» تنفيها

نفى مدير جهاز الاستخبارات الفلسطينية توفيق الطيراوي الاتهمات التي ذكرها شبانة، والتي بثتها أيضا القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي تحت عنوان "فتح غايت". وقال الطيرواي لصحيفة "هآرتس" أمس "شبانة كاذب، وقد كشفنا أن الحديث يدور عن جاسوس. لماذا لم ينشر كل هذه الأمور حتى اليوم؟ وهذا جزء من حملة التحريض ضد أبومازن".

بدوره، نفى أمين عام الرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم ما ورد في التقرير، واتهم الحكومة الإسرائيلية بتدبير حملة إعلامية ضد السلطة الفلسطينية للضغط عليها من أجل استئناف مفاوضات السلام.

وذكر عبدالرحيم أن شبانة "هو ضابط صغير سابق في جهاز المخابرات الفلسطينية تمت إقالته منذ أكثر من عامين من موقعه، بعد أن افتضح تورطه في التعامل مع الجانب الإسرائيلي، وبعد أن قام بعدة تجاوزات ومخالفات تخل بالأمانة والشرف"، وأشار الى أن شبانة مُلاحَق "لكنه كان يحتمي ولايزال بأنه يحمل الهوية الزرقاء لمواطني القدس، ويزعم أن السلطات الإسرائيلية فرضت عليه الإقامة الجبرية، وأنه لا يستطيع الحضور إلى مناطق السلطة الفلسطينية".

وأكد أن السلطة بادرت منذ ما يقرب من خمس سنوات إلى التحقيق حول أملاكٍ في القدس تم بيعها من بعض العملاء وضعاف النفوس للإسرائيليين، وذلك من أجل استعادتها لإفشال المخطط الإسرائيلي في تهويد المدينة المقدسة.

من ناحيته، قال النائب العام الفلسطيني المستشار أحمد المغني، إن "مصدر المعلومات التي زعمتها بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية ستؤدي بنا إلى الملاحقة القضائية لما يسمى بالقناة العاشرة الإسرائيلية لتناولها أكاذيب وادعاءات زائفة حول مكتب الرئاسة".

وأشار المغني الى أن "ما بثه التلفزيون الإسرائيلي حول وجود فساد مالي بمكتب الرئاسة بناءً على معلومات تم انتقاؤها من قبل شرذمة من الشخوص ذوي النفوس الضعيفة أمثال المدعو فهمي شبانة التميمي أكاذيب وادعاءات زائفة".

back to top